نشرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية تقريرا، تحدثت فيه عن إدانة خمسة من الخبراء لتجربة العالم الصيني، جيان كوي، الأولى بشأن إنشاء أول
أطفال معدلين جينيا، وهما الفتاتان لولو ونانا، بسبب خرقه لأخلاقيات البحث العلمي.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن وكالة أسوشيتد برس ذكرت، يوم الإثنين الماضي، أن عالما صينيا، يدعى جيان كوي، ادّعى ولادة أول طفلين معدلين جينيا في العالم، وهما الفتاتان لولو ونانا.
وفي حين لم يتم تأكيد هذا الادعاء بعد، إلا أن الهدف من البحث الذي أجراه الباحث الصيني كان منح الأطفال قدرة متزايدة على مقاومة العدوى المحتملة من
فيروس العوز المناعي البشري باستخدام تقنية متقدمة، تعرف باسم "كريسبر". لكن، يعتبر هذا النوع من التحرير الجيني محظورا في الولايات المتحدة. وفي حال تم التأكد من
صحة هذا الادعاء، فستكون له تداعيات علمية وأخلاقية سيئة.
ونقلت المجلة عن إينسلي نيوزون، الأستاذة المشاركة في أخلاقيات البيولوجيا في جامعة سيدني، في حديثها عن تداعيات الدراسة، قولها: "يبدو أن الباحث الصيني أراد أن يكون هو من يحقق ذلك الإنجاز. ولا يزال هناك المزيد من الوقت لتحرير الجينوم البشري، نظرا لأنه يوجد، في الوقت الراهن، الكثير من القضايا العلمية والأخلاقية التي يجب تسويتها، قبل استخدام التحرير الجيني لتغيير جينوم الجنين ونسله المستقبلي".
وأضافت إينسلي أن "تزويد الأطفال بقدرة على مقاومة العدوى المحتملة من فيروس العوز المناعي البشري، لا يعتبر أحد أهداف التحرير الجيني في هذا الوقت. فنحن بحاجة إلى تطوير التدابير والعلاجات الوقائية المتوفرة حاليا. كما أن تحرير الحمض النووي للأجنة، الذين يتميزون بصحة جيدة، ليس ضروريا ولا مناسبا للحد من خطر الإصابة بفيروس العوز المناعي البشري. ويهدد هذا الإعلان بتقويض البحث العالمي الدقيق للغاية، الذي يهدف للتحقيق في استخدامات الجينوم المستقبلية المحتملة لتجنب ولادة الأطفال بأمراض خطيرة، تحد من قدرتهم على العيش لمدة طويلة".
ونقلت المجلة عن جوليان سافوليسكو، مدير مركز أكسفورد يوهيرو للأخلاقيات العملية في جامعة أكسفورد، أنه "في حال كانت هذه التجربة صحيحة، فستكون وحشية. لقد كانت الأجنة بحالة صحية جيدة، ولم تكن تشكو من أمراض معروفة. وما تزال تقنية التحرير الجيني في مرحلة التجربة، كما أنها قادرة على التسبب في مشاكل وراثية في سن مبكرة أو متقدمة في حياة الإنسان. من جهة أخرى، تعرض هذه التجربة الأطفال، الذي يتمتعون بصحة جيدة، لمخاطر إجراء تجارب تحرير الجينات دون الحاجة إليها. لقد تم استغلال هؤلاء الأطفال الأصحاء كالخنازير الغينية".
وأوردت المجلة، نقلا عن هانا براون، الخبيرة في البيولوجيا الإنجابية من معهد جنوب أستراليا للبحوث الطبية والصحية، أنه "على الرغم من أن هذا الادعاء يبقى لا أساس له من الصحة، إلا أن التقارير التي تشير إلى ولادة أول أطفال معدلين جينيا مزعجة جدا. ونذكر من بين النقاط الرئيسية المثيرة للقلق أن بعض التقارير أفادت أن الباحثين المتورطين في التجربة ليس لديهم خبرة في إجراء التجارب السريرية، وأنهم كانوا مجرد باحثين مدربين في العلوم الفيزيائية. وأشار تقرير آخر أيضا إلى أن الباحثين كانوا مهتمين باختبار مدى سلامة وفعالية هذه التقنية، عوضا عن تعزيز المقاومة الجينية لفيروس العوز المناعي البشري بالنسبة للأطفال. كما تهدد هذه التجربة بإفساد العلاقة بين العلم والمجتمع".
وأوردت المجلة أن تشانا جاياسينا، استشارية أمراض الغدد الصماء التناسلية في جامعة إمبريال كوليدج لندن، علقت على هذا الموضوع بالقول إنه "كان لا بد من أن يبدأ العمل بالتعديل الجيني للبشر، لكن تنتابني مخاوف من أن يتم تسريع نسق العمل في هذا المجال دون الاهتمام بالعواقب، سواء على صحة الإنسان أو المجتمع. يمكن لارتكاب أخطاء في أثناء تحرير الجينات أن يتسبب في خلق أمراض وراثية جديدة، على الرغم من أن نية أغلب العلماء تتمثل في منع الأمراض الوراثية، من خلال التوصل إلى طريقة للتخلص من "الحمض النووي السيئ". نحن بحاجة ماسة إلى عقد معاهدة دولية لتنظيم مجال التحرير الجيني، حتى نتمكن من ضبط معايير تجعل استخدامه آمنا بالنسبة للبشر".
وذكر الموقع تصريحات دارين سوندرز، المختص في تكنولوجيا الجينات وأخصائي مرض السرطان في كلية العلوم الطبية في جامعة نيو ساوث ويلز، الذي أشار إلى أن "العلماء سيطالبون بعرض أدلة تؤكد صحة هذا الادعاء، إذ إن بعض العلماء المشاركين في التجربة أشاروا إلى أن نجاح التحرير الجيني كان نسبيا فقط. لكن، إذا وقع تأكيد هذا الأمر، فسيمثل قفزة تكنولوجية وأخلاقية هائلة".
وأورد سوندرز أنه "يجب على أي مجلة علمية، ذات سمعة حسنة، ألا تتطرق إلى هذا الموضوع، لأن التجربة تمت دون مراعاة القواعد الأخلاقية في عمليات البحث العلمي. كما تهدد هذه التجارب بانتكاسة هذا المجال بأكمله. إن العلم يعمل بموجب ترخيص اجتماعي، ويجعل العلماء يقومون بأبحاثهم ضمن حدود مرسومة وفقا لاهتمامات المجتمع. وقد يساهم تجاهل هذه الحدود في إعاقة التقدم العلمي في هذا المجال وإعادته سنوات إلى الوراء".