وزراء الدول المصدرة للنفط الـ24 سيعقدون اجتماعا في فيينا يوم 7
كانون الأول (ديسمبر)، غداة المؤتمر الوزاري لـ«أوبك». وأسعار النفط انخفضت بمقدار
ثلث ما كانت عليه في الشهر الماضي، إلى 60 دولارا، بسبب استثناءات لبعض الدول
المستوردة للنفط الإيراني من العقوبات الأمريكية عليها وبعض التراجع في الطلب على
النفط.
فمعظم
وزراء دول «أوبك»، وفي طليعتهم السعودية، مقتنعة أنه ينبغي خفض الإنتاج على الأقل
بمقدار مليون إلى 1.4 مليون برميل في اليوم للربع الأول من السنة المقبلة. ولكن
«أوبك» ستكون تحت ضغط تغريدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي كثرت حول ضرورة
خفض «أوبك» أسعار النفط. والخطر أن يزيد انخفاض سعر النفط إذا تبين أن الفائض في
الأسواق سيبقى ويزداد في الربع الأول من السنة. وإذا انخفضت أسعار النفط إلى 40 أو
50 دولارا ستضطر هذه الدول إلى مراجعة خططها التنموية وتقليص استثماراتها في
قطاعات عدة، فالضغوط الأمريكية ليست وحدها التي تتصدى لخفض الإنتاج، فالموقف
الروسي من خفض إنتاج النفط أيضا متردد، فالوزير الروسي الكساندر نوفاك يدرك أهمية
التعاون مع «أوبك»، خصوصا السعودية لخفض الإنتاج، إلا أن الشركات الروسية غير
راغبة في ذلك، لأنها تريد حماية حصتها من المنافسة في السوق العالمية خصوصا من
زيادة النفط الصخري الأمريكي الذي يزداد بسرعة هائلة منذ تولي ترامب الرئاسة. فقد
يصل تصدير النفط الأمريكي إلى مليوني برميل في اليوم.
من
المقرر أن يحضر وزيرا النفط السعودي والروسي، قمة مجموعة الـ20 في الأرجنتين،
وستبدأ المشاورات على أعلى المستويات بين السعودية وروسيا والولايات المتحدة، حول
قضية أسعار النفط والإنتاج، أن اجتماع الأرجنتين سيكون بالغ الأهمية على صعيد
التطورات في السوق النفطية. وما يحدث في الأرجنتين من محادثات بين كبار العالم
سيكون حاسما بالنسبة لمستوى سعر النفط.
تجدر
الإشارة إلى أن توقعات المتعاملين في النفط أصبحت نظرية أكثر منها واقعية، فمنذ
بضعة أشهر كان بعض تجار النفط يتوقع وصول سعر برميل النفط إلى 100 دولار للبرميل،
والآن أصبح بحوالي 60 دولارا لبرميل البرنت. وإذا استمرت أسعار النفط في الانخفاض
فإن دولا مثل الهند وغيرها من الدول الكبرى المستوردة ستستفيد، ولكن جميع دول
«أوبك» لا ترغب في أن يبلغ سعر نفطها 40 أو 50 دولارا، لأن ذلك قد يؤثر سلبا على
اقتصادها، فهذه الدول عليها أن تقنع دونالد ترامب أنها تتفهم «مبدأ أمريكا أولا»،
ولكن لها أيضا مصلحة في «أوبك» أولا، فهل يتفهم ترامب هذا المبدأ في إطار نظرته
الأحادية للعالم؟ ستتجه الأنظار كلها إلى قمة الـ20، وسعر النفط كان أمس حوالي 60
دولارا في سوق لندن، بانتظار نتائج القمة وتغريدات ترامب الجديدة حول هذا الموضوع.
وكانت
السعودية زادت إنتاجها بشكل كبير هذا الشهر إلى 11.1 مليون برميل في اليوم، لكن
وزير النفط خالد الفالح أكد من أبوظبي ضرورة خفض الإنتاج في الربع الأول من السنة
المقبلة لمنع تدهور الأسعار بسبب الفائض الإنتاجي.
قمة
الأرجنتين في نهاية هذا الأسبوع ستعطي إشارة إلى اتجاه أسعار النفط، ولو أن
العوامل الجيوسياسية وقرارات ترامب ليست وحدها التي تحدد مستوى سعر النفط، فهناك
عوامل أخرى مثل الطبيعة والطقس وإحداث تقنية غير متوقعة في بعض الأماكن النفطية،
لذا من الصعب القول من الآن أن سعر النفط سيتجه إلى المستوى الذي يتمناه ترامب،
لأنه مهما كان نافذا في العالم؛ فينبغي الأخذ بعين الاعتبار أن توقع اتجاه أسعار
النفط أصبح مرتبطا بعوامل عدة، ليست مربوطة فقط في أمريكا أولا.
عن صحيفة الحياة اللندنية