أثارت تصريحات وزير الرزاعة المصري، عز الدين أبوستيت، بشأن استيراد مصر تقاوي خضروات، بمليار دولار، انتقادات حادة لأداء الحكومات المصرية، وفشلها في تحسين قطاع الزراعة، وتساؤلات بشأن الجهات أو الأشخاص المستفيدين من هذا الوضع واستمراره.
وكان وزير الزراعة قد كشف أمام لجنة الزراعة بالبرلمان أثناء مناقشة عدد من طلبات الإحاطة بشأن تضرر زراع الطماطم، قبل أيام، أن مصر تستورد 98% من تقاوي بذور الخضروات بمليار دولار سنويا بواسطة شركات خاصة؛ ما يؤدي إلى تفاوت كبير في الأسعار وهامش الربح.
وهاجمت نقابة الفلاحين أداء الحكومة، وتصريحات الوزير بشأن تقاوي البذور، وانتقدت غياب الشفافية، وترك الأمور على عوانها دون تدخل لتغيير الوضع القائم.
وانخفضت الميزانية المخصصة للأبحاث داخل مركز البحوث الزراعية لتصل إلى 3 ملايين جنيه فقط في 2016/2017 بعد أن كانت 70 مليون جنيه جنيه فى موازنة 2014/2015، ما أدى إلى إعاقة تنفيذ الخطة البحثية المستهدفة للمركز، وفق تصريحات سامي عبد الحميد، رئيس قطاع الشؤون الاقتصادية بوزارة الزراعة.
التخلي عن الفلاح
وقال الأستاذ المساعد بمركز البحوث الزراعية السابق، عبدالتواب بركات، لـ"عربي21" إن "التقاوي المحسنة والبذور وفيرة الإنتاج والمقاومة للظروف المناخية والمقاومة للأمراض هي أقل مستلزمات الإنتاج تكلفة، ولكنها أهم وأخطر مدخلات الإنتاج الزراعي، وهي ثروة زراعية، وأمن قومي، من خلاله يحقق المزارعون الإنتاج والربح الوفيرين، وتكتفي الدولة من غذائها، وتدور الآلات في المصانع والمطاحن، والمغازل والنسيج، واستخلاص الزيوت، وبه تعمر الأسواق والمخازن".
وحمل الحكومة المصرية "التخلي عن دورها في توفير البذور والتقاوي بوقف دعم برامج تنمية وتطوير واستنباط الأصناف من خلال الخبراء وعلماء تربية النباتات في مركز البحوث الزراعية والذي يضم وحده 12 ألف باحث زراعي، ومركز بحوث الصحراء، والمركز القومي للبحوث، فتدهورت إنتاجية القطن من 12 قنطار في السبعينيات والثمانينيات إلى 4 قناطير للفدان في 2018".
وأوضح أن "الحكومة تخلت عن برامج تنمية تقاوي القمح ولم تعد تغطي سوى 20% من المساحة المنزرعة، وتراجعت الإنتاجية من 19 أردبا للفدان قبل سنوات، إلى أقل من 15 أردبا هذا العام، وأصبحت مصر المستورد الأول للقمح عالميا، وكذلك الأرز فبسبب إهمال الدولة لتقاوي الأرز وفيرة الإنتاج والمقاومة لمرض اللفحة، تراجعت مصر عن المركز الأول عالميا في إنتاجية وحدة المساحة من الأرز قصير الحبة، ما أدى إلى استيراد الأرز طويل الحبة لا يتناسب مع أذواق المصريين".
واتهم بركات الحكومة المصرية "بالانسحاب من دورها في الإنتاج الزراعي، وتوفير البذور عالية الإنتاج لصالح القطاع الخاص ورجال الأعمال، وتجلت خطورة احتكار استيراد بذور الطماطم في كارثة هذا العام، إذ كانت مصابة بفيروس جعلها تتلف قبل الدخول في مرحلة نضج الثمار، وارتفعت أسعار الطماطم إلى 12 جنيها للكيلو".
كعكة الكبار
فيما حذر الصحفي المتخصص في الشأن الزراعي، جلال جادو، من تأثير استيراد مصر لتقاوي الخضروات على أمنها الغذائي، قائلا: "ما يحدث يجعل الفلاح فى يد بضعة شركات تحقق أرباحا ضخمة من ورائه، وفق كلام وزير الزراعة نفسه عندما قال (مش عاوز أتكلم في أرقام حقيقية في أرباح الشركات، حيث إن العملية تتم بشكل غير منضبط، وكل واحد بيحدد السعر اللي عاوزه، فالوضع القائم غير مقبول)".
وتساءل في تصريحات لـ"عربي21": "أليس من صلاحيات الوزير ضبط هذا الخلل، ومساندة المركز البحثية الزراعية، وزيادة موازنتها بدلا من خفضها لدرجة أنها لا تكفي مرتبات الباحثين، نحن أمام نظام يقتل البحث العلمي"، مشيرا إلى أنه من أجل حصول الجيش على حصته من كعكة التقاوي "وقع بروتوكول تعاون مع وزارة الزراعة لتنفيذ برنامج لإنتاج البذور والتقاوي، فما علاقة الجيش بإنتاج التقاوي".
وأضاف أن "استيراد تقاوي الخضروات يرفع أسعارها، كما يدفع الفلاحون ثمن ارتفاع التقاوي في حالة تعرض زراعاتهم لانتكاسات كما حدث في الطماطم 023 التي تضرر منها آلاف الفلاحين، بالإضافة لأزمة البطاطس سببها الأساسي هو التقاوي المستوردة باهظة الثمن".
وفيما يتعلق بالمستفيدين من استيراد بذور التقاوي، أكد جادو أنه "لا يدخل مصر أي شيء إلا وللعسكر منه نصيب، فلا تستطيع شركة أجنبية الدخول في السوق المصري بدون وكيل محلي، وفي الغالب اللواءات يفضلون العمل في مثل هكذا مجالات، ومن المعلوم أن عدة شركات دولية تسيطر على إنتاج التقاوي في العالم، منها شركات إسرائيلية تعمل في السوق المصري بصورة غير مباشرة عن طريق طرف ثالث".
ما سر ضعف "الرد المصري" في أزمة دير السلطان بالقدس؟
بزيارة السيسي للخرطوم.. اتفاقات ورفع للحظر عن السلع المصرية
مصر والسودان يناقشان 6 قضايا قبيل انعقاد قمة رئاسية