أثارت تصريحات رئيس حكومة الوفاق الليبية، فائز السراج، حول تركيا، ووصفها بالشريك الهام والتاريخي، تساؤلات حول دلالة ذلك، وما إذا كان السراج
يريد "مكايدة" اللواء خليفة حفتر ورئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، بعد تسببهما في انسحاب أنقرة من مؤتمر "باليرمو" الأخير.
ووصف رئيس الحكومة الليبية دولة تركيا بـ"شريك هام"، وأن بلاده ترتبط معها بتاريخ
طويل ومشترك، معتبرا انسحاب وفد أنقرة من مؤتمر باليرمو الدولي حول ليبيا بأنه
"أمر مؤسف جدا، وينبغي أن تُسأل الحكومة الإيطالية عن دوافع وأسباب هذا الانسحاب"،
وفق تصريحات لصحيفة "كوريري ديلا سيرا" الإيطالية.
"دور
السيسي وحفتر"
وكان رئيس مجلس الدولة الليبي، خالد المشري، أكد
أن انسحاب وفد تركيا من مؤتمر باليرمو جاء بسبب شرط من الجانب المصري بعدم حضور الوفد
التركي اللقاء المصغر الذي سبق المؤتمر، وهو ما أكدته صحيفة "الشرق الأوسط"
اللندنية، نقلا عن مصادر مصرية وليبية متطابقة، بأن "السيسي وحفتر رفضا بإصرار مشاركة تركيا في القمة الأمنية المصغرة".
سياسة "تناقض"
من جهته، أكد الباحث السياسي الليبي المقيم في إسطنبول،
نزار كريكش، أن "ليبيا بحاجة إلى توافق كل القوى الإقليمية، وهذا ما ينبغي لكل من
يريد الاستقرار في ليبيا أن يفعله، لذا فالصراعات التي تتخذها مصر وبعض الدول ضد تركيا
تمثل سياسة تناقض تماما ما كان مؤتمر باليرمو يسعى إليه".
وأشار في تصريحات لـ"عربي21" إلى أن خطة
غسان سلامة ستنجح عندما يتفق الجميع على أن الانتصار لبعض العسكريين والمتهمين بـ"جرائم
حرب" وإرهاب في ليبيا لن يجدي، ولن ينتهي إلا إلى مزيد من الدمار الذي سيلحق بكافة
القوى، التي لم تدرك بعد تاريخ ليبيا"، حسب تعبيره.
اقرأ أيضا: ما أهداف هجوم "حفتر" على تركيا وقطر بعد مؤتمر إيطاليا؟
"مجاملة
سياسية"
لكن الكاتب والأكاديمي من الشرق الليبي، جبريل العبيدي، استبعد من جانبه أن تكون تصريحات السراج مناكفة لحفتر، لكنها مجرد "مجاملة"
سياسية في شأن لم يكن السراج المتسبب فيه، بل "هو السلوك التركي المتشبع بالثقافة
الاستعمارية العثمانية المشبعة بالنزعة الطورانية عند حكام أنقرة، وتعاملهم مع ليبيا
على أنها ولاية عثمانية تتبع الأستانة"، على حد قوله.
وأضاف لـ"عربي21": "على تركيا التعاطي
بشكل إيجابي كبلد إقليمي في محيط ليبيا، لتكون شريكا مهما لليبيا في المنطقة بدلا من تبني رؤية أحادية تتبنى وتؤوي
الجماعات المتورطة في الإرهاب، وتسوقها على أنها شريك سياسي"، حسب كلامه.
"توازن"
وقال الصحفي الليبي، محمد عاشور العرفي، إنه "من
الطبيعي أن يصف السراج دولة تركيا بكونها شريكا هاما وتاريخيا، ويتأسف عن انسحاب ممثلها، وذلك لطبيعة العلاقة بين ليبيا وتركيا اقتصاديا وسياسيا، بعيدا عن فضاء الغزل"،
حسب وصفه.
وأوضح في تصريحه لـ"عربي21" أن "الحفاظ على العلاقة التركية الليبية مهم، كون تركيا تمثل توازنا سياسيا، باعتبارها تقف في معسكر مقابل الحليف المصري الإماراتي
لـ"حفتر"، كما قال.
"ذكاء
السراج"
ورأى الإعلامي الليبي، عبدالحميد الحصادي، أن السراج
ليس له أي يد في استبعاد تركيا من القمة المصغرة، وتصريحاته حولها الآن تصريحات تتسم
بالذكاء والدبلوماسية، كونها شريكا هاما وتاريخيا، فهذه حقيقة لا يمكن للسراج أو غيره تجاهلها".
وتابع: "في المقابل، ظهر حفتر
كتلميذ مطيع لسياسات السيسي والإمارات وفرنسا، الذين يحركونه ليهاجم دولة مثل تركيا
لها تأثير كثالث أكثر أسطول في حلف الناتو، وتناسى حفتر أكثر من ثلث التجارة البينية بين ليبيا وتركيا، وأكثر من نصف المشاريع المتوقفة
والمستقبلية"، وفق تصريحاته لـ"عربي21".
اقرأ أيضا: ما تداعيات انسحاب تركيا من مؤتمر "باليرمو" بخصوص ليبيا؟
ما أهداف هجوم "حفتر" على تركيا وقطر بعد مؤتمر إيطاليا؟
ماذا وراء إعلان "حفتر" مقاطعة مؤتمر باليرمو؟ وما مكاسبه؟
هل ستخرج ليبيا بالفعل من الأزمة بعد مؤتمر باليرمو؟