يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، معضلة كبيرة في الموازنة بين خياراته السياسية حاليا، في ظل ما وصفه محللون ومنتقدون لسياسته بهزيمة ألحقتها حركة "حماس" بإسرائيل في أعقاب المواجهة العسكرية الأسبوع الماضي.
هذه المواجهة أدت إلى استقالة وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" (5 مقاعد من أصل 120 مقعدا بالكنيست "البرلمان")، الأربعاء؛ احتجاجا على "وقف إطلاق النار في قطاع غزة"، فضلا عن ابتزاز نتنياهو من قبل وزير التعليم نفتالي بينيت زعيم حزب "البيت اليهودي" (8 مقاعد)؛ من أجل توليه منصب وزير الدفاع خلفا لـ"ليبرمان"، أو فرط عقد الحكومة الإسرائيلية.
كما طالب حليفان آخران لنتنياهو، هما وزير المالية موشيه كحلون زعيم حزب "كلنا" (10 مقاعد)، ووزير الداخلية أرييه درعي زعيم حركة "شاس" (7 مقاعد بالكنيست)، بالذهاب إلى الانتخابات المبكرة في أسرع وقت ممكن، لما في ذلك من مصلحة لإسرائيل، حسب قولهم.
ويحاول نتنياهو جاهدا الإبقاء على حكومة اليمين التي يقودها بائتلاف حكومي يضم 61 عضو كنيست، بعدما أدى انسحاب "ليبرمان" إلى خسارة الائتلاف 5 مقاعد، حيث كانت كتلته تتألف من 66 عضوا.
السنوار.. المنتصر الوحيد
صباح السبت، اعتبر الصحفي والمحلل الإسرائيلي آفي يسخاروف في موقع "واللا" العبري أن المنتصر الوحيد، الأسبوع الماضي، هو زعيم حركة "حماس" في غزة يحيى السنوار.
المحلل الإسرائيلي وصف السنوار في عنوان تحليله بـ"المنتصر الذي أسقط حكومة نتنياهو"، مرفقا صورة للسنوار يحمل مسدسا غنمه مقاتلو كتائب القسام، الذراع العسكري لـ"حماس"، من الوحدة الإسرائيلية الخاصة التي قُتل أحد عناصرها وأصيب آخر في عملية فاشلة نفذتها داخل قطاع غزة الأسبوع الماضي، ولا تزال أهدافها مجهولة.
اقرأ أيضا: السنوار يعرض سلاحا غنمته القسام من القوة الإسرائيلية (شاهد)
وأدت تلك العملية إلى تصعيد أطلقت فيه المقاومة الفلسطينية 460 صاروخا، على البلدات والمستوطنات الإسرائيلية القريبة من القطاع؛ ما قاد إلى استقالة "ليبرمان" الذي طالب بشن حرب شاملة على غزة رفضها نتنياهو زعيم حزب الليكود قائد الائتلاف الحكومي.
يسخاروف كتب أيضا: "خلال 48 ساعة فقط، تمكنت حركة حماس من جعل ليبرمان صاحب خطاب اغتيال (إسماعيل) هنية (في إشارة إلى تهديد سابق أطلقه ضد الرئيس الحالي للمكتب السياسي لحركة حماس) يستقيل من منصبه، وبالتالي وضع حكومة نتنياهو في سكة الاستقالة، وما فشل فيه قادة سياسيون في إسرائيل فعلته حماس في يومين".
معركة تأجيل الانتخابات
هذا الواقع الجديد، خاصة بعد فشل نتنياهو في إقناع شركائه في الائتلاف الحكومي بالمحافظة على الائتلاف لإطالة عمر الحكومة، وضع نتنياهو مرغما أمام خيار الذهاب لانتخابات مبكرة؛ لذلك قرر أن يخوض معركة أخيرة يؤجل فيها الانتخابات قدر الإمكان، محاولا تخفيف أثر "الهزيمة" الأخيرة في ذاكرة ناخبيه.
القناة العبرية الثانية قالت، في تقرير لها عقب لقاء نتنياهو بـ"كحلون"، الخميس، ثم بـ"درعي" الجمعة، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي يخوض معركة تأجيل الانتخابات من آذار/ مارس 2019 إلى شهر أيار/ مايو، الذي تجري فيه مسابقة "يوروفيجن الغنائية الأوروبية" في تل أبيب، وكذلك تحتفل إسرائيل في هذا الشهر بذكرى قيامها، لعل ذلك يعزز من معنويات الإسرائيليين لصالحه.
لكن "يسخاروف" رأى أن توقيت هذه المناسبات لن يتناسب وإجراء الانتخابات، لذلك قد تجري في نيسان/ أبريل المقبل.
اقرأ أيضا: نتنياهو يرفض الدعوات لانتخابات مبكرة بعد استقالة ليبرمان
التحذير من سيناريو التسعينيات
وفشل نتنياهو في محاولة إنقاذ حكومته، إثر رفض "كحلون" بشكل مطلق الخميس أن يتم تكليف "بينيت" بمنصب وزير الدفاع خلفا لـ"ليبرمان"، الأمر الذي انعكس يوم الجمعة على لقاء "نتنياهو-بينيت"، حيث أعلن مسؤولون من حزب "البيت اليهودي" الذي يقوده الأخير، أن الاتجاه لديهم أيضا هو الذهاب لانتخابات مبكرة في ظل موقف "كحلون"، حسبما ذكرت صحيفة "معاريف".
نتنياهو من ناحيته، حاول التمسك ببقاء حكومته، وأبلغ "بينيت" أنه لن يكلفه بوزارة الدفاع، بل سيتولاها هو بنفسه، ومع ذلك حاول إقناع الأخير بأنه "يجب على الحكومة الإسرائيلية عدم الوقوع في خطأ ارتكبته الأحزاب اليمينية الإسرائيلية عام 1992، عندما حلت الحكومة، وذهبت لانتخابات مبكرة فازت فيها أحزاب اليسار، ووقعت اتفاق أوسلو عام 1993 مع الفلسطينيين، وهو الاتفاق الذي جلب الكوارث لإسرائيل".
ولا ينحصر الضغط على نتنياهو في شركائه في الائتلاف الحكومي فقط؛ فمعارضوه في الكنيست يرون في الوقت الحالي أفضل فرصة بالنسبة لهم للذهاب لانتخابات مبكرة.
إذ دعا زعيم حزب العمل المعارض "آفي جاباي"، خلال مشاركته في فعالية ثقافية السبت، إلى حل الحكومة الإسرائيلية، والاستعداد للانتخابات التي يتوجب إجراؤها في أسرع وقت ممكن، كما نقلت عنه القناة العبرية العاشرة.
بالمقابل، دافعت عضو الكنيست عن حزب الليكود "شاران هسيخل" اليوم عن ضرورة بقاء الحكومة الإسرائيلية وعدم حلها، ونقلت عنها "القناة العاشرة" انتقادها لـ"بينيت"؛ بسبب تهديد حزبه بالانسحاب من الحكومة إن لم يتول هو وزارة الدفاع، قائلة: "المعسكر القومي (اليميني) لن يغفر لبينيت تسببه بحل الحكومة والذهاب لانتخابات مبكرة، بسبب غروره، وطموحاته الشخصية".
وأضافت أن موقف "بينيت" هذا "سيكشف للصهيونيين الدينيين أنه ليس قائدا أيديولوجيا، بل مخادع سياسي".
وكتب موران أزولاي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أنه "رغم نفي مكتب نتنياهو توجهه لحل الحكومة، إلا أن شركاءه في الائتلاف الحكومي وفي ظل مواقفهم الحالية، بلوروا موعدا للانتخابات في السادس والعشرين من شهر آذار/ مارس المقبل.
وحسمت القناة العبرية الثانية أمر حل الحكومة الإسرائيلية في ظل الظروف الحالية، وكتبت: "إن ما بقي أمام نتنياهو الآن هو معركة واحدة يخوضها، هي "معركة موعد الانتخابات: مارس/ آذار أم أيار/ مايو؟".
وفي وقت سابق السبت، قال نتنياهو إنه سيعقد لقاءً "حاسما"، الأحد، مع وزير المالية موشي كحلون، في محاولة لإقناعه بعدم التسبب بإجراء انتخابات مبكرة، مع العلم أن الولاية الحالية للحكومة كان يفترض أن تمتد حتى تشرين الثاني/ نوفمبر 2019.
ما الجديد باتفاق وقف النار بين المقاومة والاحتلال بغزة؟
هل تنجح فرنسا بإحياء المفاوضات بين السلطة وإسرائيل؟
تقديرات إسرائيلية عن نية حماس تصعيد جبهة الضفة.. لماذا؟