صوت البرلمان التونسي في ساعة متأخرة من مساء الاثنين، بالأغلبية على منح الثقة لأعضاء الحكومة الجدد، وسط مقاطعة كتلة نداء تونس لجلسة التصويت واعتراض كتل حزبية معارضة.
وكان رئيس الحكومة يوسف الشاهد، قد أعلن الأسبوع الماضي، عن تعديل وزاري موسع شمل 13 حقيبة وزارية و5 كتاب دولة، وسط معارضة حزب نداء تونس، الذي اعتبر التعديل الوزاري بمثابة "الانقلاب الناعم" على الدستور، وعلى رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي، فيما اكتفى السبسي برمي الكرة بيد البرلمان لتقرير مصير الحكومة.
وتحدث الشاهد في كلمة ألقاها بمستهل جلسة منح الثقة، عن وجود أزمة سياسية ألقت بظلالها على العمل الحكومي بسبب التجاذبات السياسية، مشددا على حاجة تونس للاستقرار السياسي لتحقيق الأهداف التنموية، والخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها البلاد.
وتابع:" الحكومة عملت تحت قصف سياسي عشوائي، كانت النيران الصديقة فيه أقوى من نيران المعارضة، وهذا أربك عمل الحكومة وخلق حالة من الضبابية، غير الصحية في نظام ديمقراطي".
وشدد الشاهد على أنه لم يخرق الدستور خلال عملية التعديل الوزاري، مشيدا بموقف رئيس الجمهورية، رافضا كلمة "انقلاب ناعم" التي أطلقها الأمين العام لنداء تونس سليم الرياحي في تعليقه على التعديل الوزاري.
"حدث تاريخي"
وصوتت كتلة النهضة -68 نائبا- على منح الثقة لحكومة الشاهد، وقال النائب عن الحركة محمد بن سالم لـ"عربي 21" إن تصويته لصالح الحكومة يأتي ضمن تغليب الحركة للمصلحة الوطنية ورغبة منها في تحقيق الاستقرار السياسي.
ووصف بن سالم التصويت بـ"الحدث التاريخي"، في إطار احترام الدستور المعمول به في الأنظمة الديمقراطية، لافتا إلى أن الدستور التونسي قبل هذا التاريخ لم يكن محترما، بسبب هيمنة رئيس الجمهورية على الحكومات السابقة- حكومة الشاهد والحبيب الصيد.
واعتبر أن رئيس الحكومة بات اليوم حرا في تشكيل حكومته، واختيار أعضائها بكل استقلالية، بعيدا عن أي ضغوط من قصر قرطاج، معربا عن ثقته بانتهاء الأزمة السياسية الراهنة.
مقابل ذلك، امتنعت كتلة نداء تونس -50 نائبا- عن حضور الجلسة بسبب ما اعتبرته خرقا إجرائيا للنظام الداخلي للمجلس، وعدم قانونية انعقاد الجلسة العامة، وموقفا رافضا للتعديل الحكومي برمته، وذلك خلال ندوة صحفية عقدتها قبل جلسة منح الثقة لحكومة الشاهد.
وأكد النائب عن كتلة النداء رمزي خميس، في تصريح لـ"عربي 21" أن كتلته ستواصل مقاطعتها للجلسات العامة، وليس فقط جلسة منح الثقة لحكومة الشاهد، بسبب ما أسماه عدم إلتزام الحكومة بقرارات المجلس وتحديدا القرار المتعلق بإنهاء عمل هيئة الحقيقة والكرامة.
واعتبر النائب، أن منح الثقة لحكومة الشاهد لن ينهي الأزمة السياسية في البلاد بل سيزيد في تعميقها من خلال الجدل الحاصل حول أعضاء الحكومة والشبهات التي تحوم حولهم في علاقة بالفساد المالي واستغلال النفوذ أو في التطبيع.
وكانت أحزاب في المعارضة عبرت عن رفضها للتعديل الحكومي، حيث وصف حزب "حراك تونس الإرادة" التعديل بـ"المناورة السياسية لبسط هيمنة رئيس الحكومة على عائلته السياسية والاستعداد للاستحقاقات الانتخابية".
واستنكر الحزب في بيان له ما أسماه "انتهاك البروتوكولات والأعراف في التعامل مع رئاسة الجمهورية، بما يمس من مكانتها الرمزية والسامية ومن هيبة الدولة واستمراريتها، وانسجام عمل أعلى سلطاتها الدستورية".
بدوره، أعلن حزب المسار الديمقراطي عن رفضه للتعديل الوزاري بحجة افتقاره لمعايير الكفاءة والنجاعة، وبأنه، بحسب تعبيره، "بني على أساس تموقعات جديدة قائمة على المحاصصات والترضيات والولاءات الحزبية والشخصية".
يشار إلى أن هذا التعديل الوزاري الموسع، يعد الثالث في حكومة يوسف الشاهد منذ توليه رئاسة الحكومة في 2016 لتضم حاليا 30 وزيرا و14 كاتب دولة.
وكان يوسف الشاهد قد نال الثقة على حكومته الأولى في 26 أغسطس/ آب 2016 خلفا لحكومة الحبيب الصيد.
النهضة" تؤيد تعديلات الشاهد وترفض محاولات بث "الفتنة"
نداء تونس يدعو وزراءه لمغادرة حكومة الشاهد ويهاجم النهضة
هل يراهن الشاهد على "رموز التجمع" بمعركته ضد السبسي؟