توالت زيارات متبادلة من الفلسطينيين والإسرائيليين لسلطنة عُمان، حملت في مضمونها رسائل سياسية، خصوصا في ظل تصريحات وزير الشؤون الخارجية العُماني يوسف بن علوي، التي قال فيها إن بلاده تطرح أفكارا لمساعدة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على التقارب، ولكنها في الوقت ذاته لا تلعب دور الوسيط.
وكان المستشار سالم بن حبيب العميري قد وصل إلى رام الله الأحد حاملا رسالة من السلطان قابوس لرئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، بعد أيام قليلة على زيارة مماثلة قام بها عباس للعاصمة مسقط في 21 من الشهر الجاري.
بالتزامن مع ذلك أنهى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زيارة لسلطنة عُمان، التقى خلالها بالسلطان قابوس، في أول زيارة رسمية لمسؤول إسرائيلي منذ العام 1996.
لم تقتصر الزيارات المتبادلة عند هذا الحد، بل كشفت وسائل إعلام عُمانية أن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، جبريل الرجوب قد وصل إلى العاصمة مسقط في 13 من أيلول/ سبتمبر حاملا رسالة شفهية من الرئيس الفلسطيني تتعلق بالشأن الفلسطيني وقضايا الاهتمام المشترك.
اقرأ أيضا: الصحافة الإسرائيلية تواصل احتفاءها بزيارة نتيناهو إلى مسقط
مفاوضات التسوية
بدوره أشار الكاتب والمحلل السياسي، إياد القرا، أن "الزيارات التي ترعاها سلطنة عُمان، تنطوي ضمن مسارين أساسيين، أولها إبداء السلطة الفلسطينية رغبتها بتبني إحدى الدول العربية لوجهة نظرها في مفاوضات التسوية مع إسرائيل، وقد تكون عُمان التي تربطها علاقات وثيقة مع الإدارة الأمريكية وإسرائيل أبرز الدول لتقوم بهذا الدور في نقل وجهات النظر بين الطرفين، كونها تتخذ مواقف مستقلة بعيدة عن التيار العربي السائد".
وأضاف القرا في حديث لـ"عربي21": "يأتي المسار الثاني في رغبة وثقة الاتحاد الأوروبي والإدارة الأمريكية بتشكيل جبهة أو ائتلاف عربي ضاغط على السلطة لتمرير صفقة القرن، وقد وقع الاختيار على عُمان التي تمتلك خبرة ناجحة في عمليات الوساطة خصوصا ما يتعلق برعايتها للاتفاق النووي الإيراني قبل ثلاثة أعوام، وهو ما يمنحها فرصة لتبني هذا الدور أكثر من غيرها من الدول العربية".
من جانب آخر يرى أستاذ العلوم السياسية، حسام الدجني، أن "ما تقوده عُمان من جهود سياسية في الأيام الأخيرة يأتي في سياق تقريب وجهات النظر بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، ورغبتها في استئناف مفاوضات التسوية بين السلطة والاحتلال، بما يسمح بعودة الأمور لما كانت عليه في السابق".
وأضاف الدجني في حديث لـ"عربي21": "من المرجح أن زيارة المبعوث العُماني لرام الله حملت رسالة مفادها أن نتنياهو أبدى استعداده للقاء عباس في إطار استئناف المفاوضات"، مشيرا إلى أن "إصرار عباس على العودة للمفاوضات يعتبر بمثابة تخليه عن الاستحقاقات والالتزامات التي أقرها المجلس الوطني والتي تنص على ضرورة وقف العلاقات مع دولة الاحتلال وسحب الاعتراف بها".
وشدد الدجني أن "العودة للمفاوضات سيخدم الاحتلال في الحصول على مواقف تدعم عجلة التطبيع التي يطمح لها نتنياهو".
اقرأ أيضا: يديعوت: عُمان بوابة علاقات سرية هامة مع دول عربية
اهتمام إسرائيلي
يعود تاريخ العلاقات بين سلطنة عُمان وإسرائيل إلى العام 1994، حين زار رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين مسقط، وتلتها زيارة مماثلة لشيمون بيريز في العام 1996، وتم الاتفاق على افتتاح مكتب للتمثيل التجاري بين الطرفين، ولكن سرعان ما عادت العلاقات إلى سابقتها عقب اندلاع انتفاضة الأقصى في العام 2000.
وفي السياق ذاته أشار المختص في الشؤون الإسرائيلية، سعيد بشارات، أن "زيارة نتنياهو لسلطنة عُمان فتحت الباب واسعا أمام تاريخ العلاقات السرية التي تجمع تل أبيب ومسقط، حيث كشفت إسرائيل أن جذور العلاقات بين الطرفين تعود إلى العام 1970، بتعاون استخباري في الكثير من القضايا المشتركة".
وأضاف بشارات في حديث لـ"عربي21": "تنظر إسرائيل باهتمام كبير لهذه الزيارة، أولا للمكانة التي تحظى بها سلطنة عُمان على الصعيد السياسي بوقوعها ضمن دول التحالف المحسوبة على إيران وحزب الله، وهو ما قد يمهد لها الباب لفتح قنوات اتصال مع إيران، وتحويل انتباه المجتمع الدولي لقضايا الشرق من القضية الفلسطينية للملف النووي الإيراني".
وتابع بشارات بأن "مرافقة نتنياهو وفدا من جهاز الاستخبارات الإسرائيلي في هذه الزيارة قد يكون مرتبطا بإمكانية توسيع نشاط الموساد في منطقة الخليج العربي، نظرا لحساسية هذه المنطقة بالنسبة لإسرائيل كونها تشكل طريقا هاما لعبور النفط لدول العالم".
مستشرق إسرائيلي: هكذا سنمنع إيران من التمركز في سوريا
ما هي وجهة نتنياهو الخليجية القادمة.. يديعوت تجيب
تواصل انتقادات النشطاء لاستقبال مسقط لبنيامين نتنياهو