نشرت صحيفة "أ بي ثي" الإسبانية تقريرا، نقلت فيه حوارا مع "الأمير حسن بن طلال"، الذي ناقش خلال زيارته إلى إسبانيا العديد من المسائل، على رأسها دور المملكة الأردنية في تعزيز التسامح الديني والحوار بين الأديان. وأسباب إلغاء الأردن لملحقين من اتفاق السلام مع إسرائيل.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه خلال الزيارة التي أداها ابن طلال هذا الأسبوع إلى إسبانيا، تم تسميته عضوا فخريا في الأكاديمية الملكية للتاريخ. وقد مثّلت هذه التسمية اعترافا جديدا بالنضال الشاسع والمكثف للأمير الأردني في المجال الإنساني، وفي البحث عن حلول تعزز الحوار والتعايش بين الأديان.
ويعد الأمير مؤسس المعهد الملكي للدراسات الدينية، وشارك في لجان الأمم المتحدة ومنتدى الفكر العربي، وغيرها من المنظمات الأخرى. كما أن له العديد من المؤلفات.
وأوردت الصحيفة أن الأمير شارك في اجتماع خاص في البيت العربي في مدريد ناقش موضوع "الحوار بين الأديان والتعايش بين مختلف المذاهب في الشرق الأوسط". وخلال هذا اللقاء، أكد بن طلال أن "الصراع بين الحضارات كان نتيجة ليشهد العالم صراعا بين الثقافات الفرعية".
اقرأ أيضا: إسرائيليون: هل ما زال بقاء النظام الأردني مصلحة إسرائيلية؟
وأوضحت الصحيفة أنه في إطار نشاطه السياسي ودفاعه عن أهمية الحوار في الصراعات، لعب بن طلال دورا بالغ الأهمية في التوصل إلى اتفاق سلام بين الأردن وإسرائيل خلال سنة 1994. وبعد مرور 24 سنة على هذا الاتفاق، قرر الملك عبد الله الثاني مراجعته، مما أدى إلى إلغاء ملحقين من هذا الاتفاق.
وتجدر الإشارة إلى أنه قبل اتخاذ الأردن لهذا القرار، شهدت البلاد ضغوطات سياسية واجتماعية ومرت بفترة حساسة بسبب الأزمة التي عاشتها الحكومة الأردنية خلال الأشهر الأخيرة جراء زيادة قيمة الضرائب.
وفي سؤال الصحيفة عن الأسباب التي تقف وراء قرار إلغاء عقد الإيجار، الذي يمكن أن يكون وسيلة للضغط على الحكومة الإسرائيلية في ظل عدم إحراز تقدم في عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية؛ أجاب الأمير بأنه "لا يعتقد أن السلام بين الشعبين سيكون من مكاسب اتفاق سنة 1994، لأنه كان مجرد وثيقة تم توقيعها بين البلدين".
وأضاف: "عندما تحدث السفير الإسرائيلي في الأردن عن آرائه حول اتفاق السلام، كان واضحا كل الوضوح عندما حدد مئات العراقيل أمام السلام. وفي نهاية المطاف، لا زالت هذه المشاكل على حالها بعد مرور 25 سنة تقريبا. وبشكل عام، أعتقد أن ما قام به الأردن أمر يعكس استياءه وعدم رضاه عن الوضع".
اقرأ أيضا: لماذا ألغى الأردن العمل بملحقين من معاهدة السلام مع إسرائيل؟
وعلق الأمير بأن "عملية السلام مع الفلسطينيين لم تحرز أي تقدم، مما سيتوجب على الأردن التعرف على مستقبل عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين قبل إبرام أي اتفاقات جديدة".
ووجهت صحيفة "أ بي ثي" سؤال ثان للأمير حول علاقة قرار إلغاء ملحقين من اتفاق السلام بالضغط الذي يمارسه الشعب الأردني على حكومة بلاده؛ لتكون هذه الخطوة بمثابة وسيلة من أجل التقرب منه في الوقت الذي تمر فيه البلاد بأزمة اجتماعية نظرا لزيادة الضرائب.
في هذا الصدد، قال حسن بن طلال، إن "مسألة الضرائب مرتبطة بصندوق النقد الدولي، كما أنه لا علاقة لها بالأردن. وتُرد حالة الانزعاج المتنامية في المنطقة إلى الموقف الذي تبنته الولايات المتحدة الأمريكية والذي يقضي بقطع الإعانات التي واظبت في السابق على تقديمها. علاوة على ذلك، تزايد في الأردن عدد اللاجئين الفلسطينيين وحتى السوريين. (..) وفي ظل هذه الأوضاع، تملصت جميع الجهات من تحمل مسؤوليتهم الاقتصادية".
وأوضح الأمير أنه "بالنسبة لبلد صغير مثل الأردن، الذي تضاعف عدد سكانه بسبب تدفقات اللاجئين والمهاجرين، يعتبر تحميله مسؤولية اللاجئين والمهاجرين على حد السواء ضربا الجنون. فضلا عن ذلك، تواصل جهات خارجية استئجار أراضيه. أما السؤال المطروح فهو التالي: لماذا يجب أن نستمر في إيجار أراضي لبلد يحتل بالفعل أراضٍ أخرى، على غرار الضفة الغربية أو غزة، فضلا عن عدم إحراز تقدم في عملية السلام في هذه الأراضي المحتلة؟".
وفي حواره مع الصحيفة، أشار ابن طلال إلى أن قرارات الإدارة الأمريكية الحالية قد سببت حالة من الاحتقان في المنطقة. على غرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. وتعليقا على ذلك، أورد أن "الولايات المتحدة الأمريكية أقدت على هذه الخطوة، معتقدة أنها ستخدمها في عملية السلام". أما بالنسبة له، فإن "هذه الخطوة ليست استفزاز فحسب، بل ستكون لها عواقب على عملية السلام، لأن الفلسطينيين في المناطق المحتلة يعرفون أن ما حدث خطأ من الناحية القانونية. ووفقا للقانون الدولي، لا يمكن القيام به".
اقرأ أيضا: هكذا نظر الإسرائيليون لإلغاء الأردن أحد ملاحق اتفاق السلام
وأضاف أن "التبعات المترتبة عن هذا القرار لن تكون حكرا على الفلسطينيين وستشمل سكان المنطقة. ومن بين هذه النتائج، سنلاحظ انتشار الكراهية في أراضينا، الأمر الذي لا نحبذه؛ خاصة وأننا ندعم التنوع الديني. وفي ظل إمكانية الاعتراف بحق إسرائيل في الأمن، يبقى السؤال مطروحا حول إمكانية الاعتراف بحقوق أخرى للفلسطينيين".
وفي سؤال الصحيفة عن مستقبل عملية السلام في ظل إدارة دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو للحكومات الأمريكية والإسرائيلية على التوالي، كشف المحلل أن "السلام طريق ذات اتجاهين، ومن جهتنا، يجب أن نكون متفائلين. وبالنسبة لي، يعني السلام أن لا نمرر إرث الكراهية للأجيال المستقبلية. فضلا عن ذلك، أؤمن بمبدأ اتفاق بنلوكس: الذي يقوم على مبدأ الاحترام المتبادل، والعمل المشترك في الجوانب المشتركة بيننا".
لماذا ألغى الأردن العمل بملحقين من معاهدة السلام مع إسرائيل؟