قال دورون ماتسا، الكاتب الإسرائيلي في صحيفة مكور ريشون، إن "الفرصة مواتية في هذه الأيام للشروع في حوار مفتوح مع حركة حماس التي تسيطر على غزة، بعيدا عن لغة الحب والكراهية، أو النصوص السياسية اليسارية، لكن هذه الدعوة تأتي رغم العداء الكبير بينهما؛ لأن حوارا مفتوحا كهذا كفيل بتحقيق مصالحهما المتبادلة، رغم أن حماس ستبقى العدوة الأبدية للفكرة الصهيونية".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أننا "أمام واقع معقد بعيدا عن الشعارات السياسية والتحليلات الإعلامية؛ لأن حماس وإسرائيل باتت لديهما مصالح مشتركة، رغم أجواء الصراع الناشب بينهما، لكن هذه الحقيقة غير القابلة للإنكار".
وأوضح ماتسا، الباحث في معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، أن "الطرفين، حماس وإسرائيل، يريدان الحياة في ظل مبادئهما المعلنة، إسرائيل تسعى للحياة في ظل النطاق الجيو-سياسي بين البحر والنهر، وحماس تحلم بإيجاد مساحة جغرافية لإقامة كيان إسلامي على الأرض ذاتها، لكن تحقيق أحلامهما ليس بهذه السهولة في ظل القيود على حركتهما الميدانية للكثير من الاعتبارات".
وأشار إلى أن "إسرائيل ترى في الواقع الحالي أفضل من أي بديل سياسي يفرض عليها وقائع تخل بالمبدأ الصهيوني، وربما يعمل على زعزعة الواقع الأمني، مع أنها ترى في حماس طرفا يشكل تحديا لأهدافها الإستراتيجية أكثر من السلطة الفلسطينية برئاسة أبو مازن".
وأوضح أن "حماس في الوقت ذاته ترى أن عدم وجود حراك سياسي إسرائيلي فلسطيني يخدم توجهاتها السياسية على المدى البعيد، ويلقي بظلاله السلبية على خصمها الداخلي حركة فتح، التي ترى في العملية السياسية أنبوب الأوكسجين الذي تتنفس منه".
وأكد ماتسا، الذي أصدر عددا من المؤلفات الخاصة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أن "الواقع السياسي القائم اليوم يخدم حماس وإسرائيل معا، دون أن يقصدا هذا التفاهم، ورغم لقاء المصالح بين هذين العدوين، حماس وإسرائيل، لكنهما تواجهان واقعا أمنيا ليس مريحا لهما، قد يمتد ليتحول صراعا عنيفا داميا بينهما، مع أن مواجهة كهذه لن تعمل على تغيير الواقع بصورة دراماتيكية، فحماس ليس لديها القدرة على إخضاع إسرائيل".
وأضاف أن "إسرائيل كذلك ليست معنية كما يبدو في إلغاء وجود حماس من غزة؛ خشية حلول الفوضى الأمنية محلها، ما قد يستدرجها لإدارة شؤون مليوني نسمة من المحبطين".
وأكد أن "المواجهة القادمة غير المرغوبة بين حماس وإسرائيل ستشبه سابقاتها؛ لأنها ستنتهي بالتعادل، بعد سفك دماء كثيرة منهما، وإمطار جبهتيهما الداخلية بمئات الصواريخ وأطنان المتفجرات، وتكبدهما أضرارا اقتصادية، ما يجعلهما تبذلان جهودا مضنية في الشهور الأخيرة لتحقيق تهدئة تمنع تحقق السيناريو المعروف، ولعل الجمعة الأخيرة التي كبح فيها الجانبان نفسيهما شكلت تعبيرا عن ذلك؛ خشية الدخول في مواجهة كبيرة واسعة".
وأشار إلى أن "حماس وإسرائيل من مصلحتهما أن تجريا حوارا غير مباشر؛ خشية تدهور الوضع الأمني، لتحقيق أفضل النتائج، أولها تخفيف حالة عدم اليقين من الواقع القائم بغزة، وعلى حدودها مع إسرائيل، وثانيها تقليص دور السلطة الفلسطينية التي تعمل لتأزيم الأمور بغزة، وثالثها منح الجانبين فرصة التوصل ليس لتفاهمات آنية، بل إقامة أجهزة وإدارات ليست موجودة اليوم لإدارة الأزمات التي قد تنشب بين حين وآخر".
وأوضح ماتسا، الضابط السابق في جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان"، أن "إجراء حوار مباشر بين حماس وإسرائيل أمر صعب، وليس متاحا حاليا، نظرا للرأي العام الرافض لذلك في الجمهورين الفلسطيني والإسرائيلي؛ لأنه سيعرض قيادة الجانبين في تل أبيب وغزة لانتقادات قاسية، ويكشف الفجوة بين القيادات والقواعد التنظيمية والحزبية لهما، في ظل بقاء حالة الإنكار لكل طرف للآخر".
وأكد أن "تلك الصعوبات الداخلية قد تجعلهما، حماس وإسرائيل، تفضلان إجراء الحوار بصورة سرية بعيدا عن الأضواء، كما أقامت إسرائيل سابقا مثل هذه الحوارات مع عدة أطراف عربية، بما فيها الفلسطينيون، دون أن يتم الإعلان عنه؛ كي لا يواجه بمواقف سلبية من الرأي العام المحلي".
وختم بالقول إنه "رغم الصعوبات القائمة، لكن حماس وإسرائيل لديهما من المصالح المشتركة في المرحلة الحالية ما يتطلب إجراء تغيير في أدوات التواصل بينهما؛ كي لا تنزلقان إلى السيناريو الذي تهربان منه".
حماس والسلطة وإسرائيل: مصالحها من تصعيد غزة
كاتب في "هآرتس" يحذر من اشتعال الضفة بعد "العمليات الفردية"
آفي ديختر: إٍسرائيل لن تقبل بوجود حماس بينها وبين مصر