نشرت مجلة
فورين
بوليسي تقريرا، تطرقت من خلاله إلى العلاقات الأمريكية
السعودية على ضوء قضية
اغتيال الصحفي السعودي، جمال
خاشقجي. ومن الجلي أن ممارسات ولي العهد غير المدروسة
وسياسته التعسفية لن تؤدي إلى الإضرار بسمعته فحسب، بل قد يلحق الأذى بأهم حلفائه،
الولايات المتحدة الأمريكية.
وقالت المجلة، في
تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن قضية خاشقجي استقطبت اهتماما دوليا
غير مسبوق، وبشكل خاص في صلب واشنطن. ويعزى ذلك بالأساس إلى أن خاشقجي كان كاتب
عمود في صحيفة واشنطن بوست، حيث يصنع الخبر. بالإضافة إلى ذلك، اجتذب هذا الموضوع
انتباه الجميع نظرا للعلاقة الخاصة التي تربط إدارة ترامب بالمملكة، وولي عهدها،
محمد بن سلمان، الذي يرجح أنه يقف وراء مقتل خاشقجي. ويحيل ذلك إلى أن الإدارة
الأمريكية لن تلتزم بالحياد عند التعاطي مع هذه المسألة.
وأفادت المجلة أن هناك
جدلا قائما حول الدوافع من تمسك واشنطن بربط علاقات خاصة بولي العهد السعودي، الذي
عرف بجهله وطيشه السياسي. وعلى الأرجح أن ابن سلمان لم يجازف بتدمير صورة المصلح
التي يروج لها من خلال قتل خاشقجي فحسب، بل اغتيال السياسة الأمريكية في الشرق
الأوسط، على حد السواء.
وتطرقت الصحيفة إلى أن
إدارة ترامب، وعقب دراسة الوضع المتدهور في منطقة الشرق الأوسط، في 21 من كانون
الثاني / يناير، قد أدركت سريعا أن الخيار الوحيد أمامها للحصول على حليف
استراتيجي في المنطقة يتمثل في ربط علاقات مع المملكة العربية السعودية. فقد كانت
جل الدول العربية الأخرى ترزح تحت وطأة أزمات وحروب، في حين أن بعضها الآخر لا
يمكن أن يلبي تطلعات واشنطن.
والجدير بالذكر أن
إدارة ترامب وجدت في المملكة السعودية مساندا وداعما قويا في شتى القضايا الأساسية
على غرار القضاء على تنظيم الدولة ومكافحة الإسلام المتشدد والتصدي للمد الإيراني.
ولم يتوانى السعوديون عن تأكيد وقوفهم في صف الإدارة الأمريكية فيما يتعلق
بمحادثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية. في الأثناء باتت تجارة الأسلحة تتصدر
العلاقة الثنائية بين الرياض وواشنطن.
وبينت المجلة أن
إصلاحات محمد بن سلمان لاقت ترحيبا في واشنطن، حيث من شأنها أن تعزز قوة الاقتصاد
السعودي، وبالتالي الاستقرار في البلاد. وفي الوقت الذي كانت الإصلاحات التي أقرها
بن سلمان على المستويين الاقتصادي والاجتماعي إيجابية في معظمها، إلا أن المملكة
باتت تمثل مصدر قلق بالنسبة لواشنطن، بسبب سياستها الخارجية الكارثية والداخلية
التعسفية.
وأكدت المجلة أن
ممارسات بن سلمان التي تقوم على إسكات المعارضة، من خلال الترهيب والاعتقالات
والسجن، وحتى القتل، قد ساهمت في تأليب الكثير من الجهات ضده وخلق عداوات. وعلى
الرغم من أن واشنطن لن تتضرر مباشرة من ذلك، إلا أن المصالح الأمريكية مع بقية
الشركاء قد تصبح على المحك.
وأوضحت المجلة أن
تحركات الرياض غير المدروسة لا تقتصر على مثل هذه الممارسات الداخلية، بل طالت
السياسة الخارجية. وقد كشفت المملكة مدى ضعفها وانعدام الحكمة في صفوف مسؤوليها،
عندما أقدمت على مهاجمة كندا على خلفية تغريدة. والأمر سيان بالنسبة لخطوتها
الاستبدادية التعسفية إزاء الجارة قطر، حيث فرضت عليها حصارا بغية إخضاعها.
وأشارت المجلة إلى أن
استراتيجية الدفاع الأمريكية كانت المتضرر الرئيسي من الحصار القطري، حيث بات من
الضروري العمل على الالتفاف حول هذه الخصومة الشخصية، في الوقت الذي كان من
المفترض أن تركز واشنطن وحلفاؤها في المنطقة، الدوحة والرياض، على محاربة الإرهاب.
وأفادت المجلة أن
إدارة ترامب قد ربطت اسمها بحليف استراتيجي عالق في حرب لا يستطيع الفوز بها، حيث
شنت الرياض حربا عشواء على اليمن. ومن خلال دعم الرياض لوجستيا في اليمن، أصبحت
واشنطن على صلة وثيقة بحكومة أظهرت قدرا مهولا من اللامبالاة إزاء المعاناة التي
تسببت فيها.
وأحالت الصحيفة إلى أن
الرياض تسببت في إثارة سخط دولي على خلفية قتل خاشقجي، الأمر الذي يؤكد عدم تمتع
بن سلمان ومن حوله بالكفاءة، ناهيك عن غرورهم وتكبرهم الذي سيؤدي إلى هلاكهم، والإضرار
بأبرز حلفائهم، واشنطن. عموما، لا تعد الولايات المتحدة في حاجة للمملكة، بغض
النظر عن صفقات السلاح الضخمة والدعم المالي من أجل الدفع بالاستقرار في سوريا،
وذلك في ظل فشلها الدبلوماسي والسياسات التعسفية التي تبناها ولي العهد.
وفي الختام، قالت
المجلة إنه في ظل حكم الملك سلمان وابنه، ثبت أن كل تحركاتهم غير ناجعة وذات نتائج
عكسية. وفي حال أرادوا إنقاذ علاقاتهم بالولايات المتحدة، سيقتضي الأمر أن يتصرفوا
كأشخاص بالغين.