نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للأكاديمية صوفيا براون، تقول فيه إن الحق الأساسي في التعليم منصوص عليه في القانون الدولي.
وتشير الكاتبة في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن البند السادس والعشرين من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يقول: "الكل له حق التعليم"، ومعلنا في الوقت ذاته أن "التعليم العالي سيكون متوفرا بشكل متساو للجميع على أساس الجدارة"، لافتة إلى أن التحديات التي تواجهها الجامعات الفلسطينية تعني أن هذا الحق مهدد في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتقول براون إن "إسرائيل، كونها دولة محتلة، فهي تتحمل مسؤولية تأمين حقوق الإنسان الأساسية للمدنيين تحت الاحتلال، وتوضح اتفاقية جنيف الرابعة أن سلطات الاحتلال تتحمل مسؤوليات كبيرة، بما في ذلك رفاهية العامة -التي تتضمن توفير التعليم- وأن الترحيل القسري محرم، ومع أنه من المقبول على نطاق واسع في المجتمع الدولي وحكوماته بأن إسرائيل تستمر في خرق اتفاقية جنيف الرابعة، إلا أن إسرائيل نفسها -مع أنها موقعة عليها- تنكر أنها تنطبق على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتبقي سيطرتها على كل جانب من جوانب حياة الفلسطينيين".
وتتساءل الكاتبة قائلة: "ماذا يعني هذا كله بالنسبة للجامعات الفلسطينية اليوم؟ من المسائل المهمة حرية الحركة: شبكة الحواجز الكبيرة، وجدار الفصل، والشوارع الخاصة بالمستوطنين والمستوطنات، التي تضطر الفلسطينيين لسلوك طرق التفافية للوصول إلى وجهتهم، وعندما تحدثت مع المحللين في (الحق)، وهي منظمة حقوقية فلسطينية مقرها رام الله، فإنهم أبرزوا أثر ذلك اليومي على إمكانية الحصول على التعليم، فالتأخير الكبير يعني ضياع دروس، فالرحلة التي لا تحتاج لأكثر من 20 دقيقة يمكن أن تأخذ أكثر من ساعتين، لكن وكما يشير العديد من الأكاديميين والطلاب، فإن الأثر المتراكم لذلك أكثر خبثا: فآلاف الساعات التي تقضى على الحواجز هي خسارة لساعات إنتاج، بالإضافة إلى الضغط النفسي والقلق".
وتلفت براون إلى أن "قطاع التعليم -المدارس والجامعات- عانى من التعطيل الإسرائيلي الممنهج للعملية التعليمية، من إغلاقات مفروضة إلى مداهمات للجامعات وقمع لطلاب أو مدرسين، بما في ذلك الاعتقال والسجن الإداري دون محاكمة، وبحسب عضو مجلس إدارة جامعة بيرزيت سابقا والمؤسس المشارك لحملة (الحق في الدخول)، وهي منظمة شعبية تدافع عن حق الوصول والحركة والإقامة في الأراضي المحتلة، سام بحور، فإنه من المهم أن نرى أن الاعتداء على التعليم ما هو إلا جزء من صورة أكبر من صور القمع الاسرائيلي للفلسطينيين، وإصرار على خنق النمو الطبيعي للمجتمع، ناهيك عن قيام دولة فلسطينية".
وتعلق الكاتبة قائلة إنه "على نغمة بحور ذاتها بشأن الصورة الأكبر، فإن المحللين في (الحق) قالوا بأن الاحتلال يقوم بإعادة هيكلة النسيج الاجتماعي الفلسطيني، حيث يوضح الضغط على التعليم أحد الجوانب الأساسية الذي يتم فيها ذلك، وأكد المحللون أن القيود المفروضة على الحركة نزعت من الطلاب حق حرية اختيار مكان الدراسة، خاصة عند اختيار الجامعة، وهذا يؤثر بالذات على الإناث، حيث لا تحب عائلاتهن أن يسافرن مسافات طويلة، خاصة مع صعوبة توقع ظروف السفر في الأراضي المحتلة كلها، وأشار بحور إلى أن هذه الحالة تؤدي إلى عزل الجامعات كل في منطقتها، ما يؤدي إلى قلة التعددية وتنويع التجربة في الفصل الدراسي، ويؤثر سلبا على التعددية الفكرية وتعددية النظرة، وهذا أيضا جزء من الصورة الأكبر للاحتلال الإسرائيلي، وقال بحور: (التشظي الجغرافي في الأراضي المحتلة ينعكس على شكل انقسام اجتماعي يبدأ في الجامعات الفلسطينية)، وهذه المشكلات تتفاقم بشكل أكبر في غزة، المعزولة تماما من خلال الحصار القائم عليها، في الوقت الذي تكافح فيه للخروج من أزمة إنسانية أيضا".
وتقول براون: "ليس أي من هذه القضايا جديدة، ولا محاولات مقاومتها، فمثلا أطلقت جامعة بيرزيت بالقرب من رام الله حملة حق التعليم في سبعينيات القرن الماضي لمساعدة المدرسين والطلاب الذين يتعرضون للاعتقال والسجن، لكن حماية حق الفلسطينيين في الوصول إلى التعليم أكثر أهمية من أي وقت آخر، وأصدرت حملة الحق في الدخول بيانا في شهر تموز/ يوليو، مشيرة إلى أن (العام الماضي شهد تكثيفا لسياسة تقويض التعليم الفلسطيني على المستويات كلها)، وأورد البيان أمثلة على مباعث قلق الحملة، مثل هدم غرف الدراسة، والتهديد بالمزيد من الهدم، وطرد الأكاديميين الدوليين، ورفض منح التأشيرات للأكاديميين الزائرين".
وتنوه الكاتبة إلى أنه "تم في هذا العام رفض منح التأشيرات أو التجديد لعدد متزايد من الأكاديميين الأجانب (كثير منهم من أصل فلسطيني لكنهم لا يحملون الوثائق اللازمة للإقامة في الأراضي الفلسطينية)، وفي جامعة بيرزيت هناك 15 أكاديميا معرضون لعدم التجديد، ما فاقم الوضع، وجعل الجامعة تصدر بيانا في تموز/ يوليو، محذرة من أنه (إن استمرت هذه السياسة، فإن الجامعات الفلسطينية، بما فيها جامعة بيرزيت، ستتعرض لعزلة أكبر عن البيئة الأكاديمية العالمية)، ومنذ ذلك الحين اضطر أستاذان لمغادرة البلد".
وتورد الصحيفة نقلا عن المحامي والمؤلف الفلسطيني رجا شحادة، وصفه عملية الحصول على إذن عمل وتأشيرة من الإسرائيليين بأنها عملية معقدة جدا، وانتقد، في مقال له في موقع "تايمز هاير إديوكيشن"، حالة عدم الوضوح القصوى التي يخلقها نظام قد يمنح التأشيرة في سنة ما، لكن يمكن سحبها دون ابداء أسباب في العام التالي، فيما وصفت الكاتبة دافنا غولان هذه الحالة في صحيفة "هآرتس" بأنها "شكل من أشكال العنف البيروقراطي".
وتبين براون أن "أحد أركان الأكاديمية هو التبادل الدولي، الفرصة للدراسة في الخارج، وحضور المؤتمرات، والتعلم من المحاضرين الزوار، والاستفادة من تنوع في الطلاب والمدرسين، وفي الواقع فإن ذلك من حقوق الإنسان، حيث يشير البند 26 إلى أن التعليم (يعزز التفاهم والتسامح والصداقة بين الشعوب والمجموعات الدينية والإثنية)، لكن الأوساط الأكاديمية الفلسطينية يتم عزلها إكراها عن العالم، وكما أشار شحادة: (ليست أمام الطلاب الفلسطينيين فرص كثيرة للدراسة في الخارج، ولذلك فإنه لحصولهم على نوعية جيدة من التعليم، فإن من الضروري أن تكون الجامعات المحلية قادرة على الاستفادة من الخبرات الدولية)".
وتختم الكاتبة مقالها بالقول إن "بحور يقول إن الفلسطينيين أصبحوا قادرين على التعايش ومبدعين، كرد فعل على (لتعليم تحت الضغط)، ويجتهدون لتحقيق أكبر فائدة من الفرص المحدودة المتوفرة، وكوني زرت الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية، وجلست في قاعات المحاضرات، فإن هذا شيء لاحظته، لكن يجب أن يكون بإمكان الطلاب الفلسطينيين متابعة دراستهم دون هذه التحديات الكبيرة والمستمرة، بالإضافة إلى أنه يجب أن يتمتع المحاضرون، بمن فيهم المحاضرون من المجتمع الدولي، بحرية تعليم هؤلاء الطلاب الفلسطينيين".
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا
نيويورك تايمز: أبو ظبي وتل أبيب قلقتان لتشويه سمعة ابن سلمان
لماذا ألغى الأردن العمل بملحقين من معاهدة السلام مع إسرائيل؟
فورين بوليسي: ما حقيقة تدجين إسرائيل للسلطة الفلسطينية؟