قبل أقل من 48 ساعة من اعتراف الرياض بمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده بإسطنبول، أعلن وزير التجارة البريطاني ليام فوكس، انسحابه من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار "دافوس الصحراء" الذي تنظمه السعودية الثلاثاء المقبل.
انسحاب "فوكس" الذي جاء على خلفية ما أثير حتى ذلك الوقت عن دور سعودي محتمل في اختفاء خاشقجي، سبقه إعلان مؤسسات مالية في بريطانيا الانسحاب من المؤتمر ذاته والمزمع عقده في الفترة 23- 25 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري في السعودية برعاية ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان.
ومنذ الإعلان عن اختفاء خاشقجي داخل قنصلية بلاده في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، تعرضت الحكومة والمؤسسات المالية في بريطانيا لضغوط من قبل الرأي العام لإعادة النظر في العلاقات الاقتصادية والتجارية مع السعودية.
إلا أنه مع اعتراف الرياض، في الساعات الأولى من فجر السبت، بمقتل خاشقجي إثر "شجار" داخل القنصلية بإسطنبول، تزايد اعتقاد الخبراء والمراقبين بأن القلق وردود الفعل المتزايدة لدى الرأي العام الغربي، ستُجبر الحكومة البريطانية والمؤسسات المالية فيها، على إعادة النظر في مخططاتها بعيدة المدى تجاه السعودية.
وكان الرئيس التنفيذي لبورصة لندن ديفيد شويمر، قد أعلن الثلاثاء الماضي، انسحابه من المؤتمر الذي تعلق عليه السعودية آمالاً كبيرة.
وفي الثاني عشر من الشهر الجاري أعلن ريتشارد برانسون، مؤسس مجموعة "فيرجين" للتكنولوجيا والاستثمارات الدولية، تعليق مسؤولياته الإدارية لدى مشروعين سياحيين ينفذهما في السعودية، وذلك على خلفية "اختفاء" خاشقجي.
وأعلن المستثمر الدولي، تعليقه استثمارا بقيمة مليار دولار، كان من المخطط القيام به بالشراكة مع السعودية.
ضغوط متزايدة
يقول هنري نيومان منسّق شركة "أوبين يوروب" التي تتخذ من لندن مقراً لها، إن قضية خاشقجي، أدت إلى ظهور أزمة مع السعودية، مبيناً أن مسار هذه الأزمة تحددها ردود فعل ومواقف الرياض.
ويضيف أن حكومات البلدان الغربية غير راغبة في المخاطرة بعلاقاتها التجارية والاقتصادية بالغة الأهمية مع السعودية، إلا أن هناك ضغوطاً متزايدة حول ضرورة التحرك ضد الرياض.
وفجر السبت، أقرّت الرياض، بمقتل الصحفي جمال خاشقجي بقنصلية بلاده في إسطنبول إثر "شجار" مع مسؤولين، وأعلنت توقيف 18 شخصًا جميعهم سعوديون، على خلفية الواقعة.
ولم تكشف السعودية عن مكان جثمان خاشقجي الذي اختفى عقب دخوله القنصلية في 2 أكتوبر/ تشرين أول الجاري، لإنهاء معاملة رسمية خاصة به.
أزمة دبلوماسية واقتصادية
ويتصاعد الحديث الآن عن احتمالية تحول قضية مقتل خاشقجي إلى أزمة دبلوماسية واقتصادية دولية، الأمر الذي يؤدي إلى الحديث مجدداً عن أبعاد العلاقات التجارية والاقتصادية بين لندن والرياض.
وكانت الحكومة البريطانية قالت إنها تدرس "الخطوات التالية" غداة اعتراف الرياض بمقتل خاشقجي داخل قنصليتها في إسطنبول.
وقال وزير الخارجية البريطاني جيرمي هنت في بيان نقلته "بي بي سي": "كان حادثًا مروعًا، ولابد من محاسبة المسؤول عنه"، مشددا على أنّ بلاده "ستأخذ في الاعتبار علاقتها الاستراتيجية مع السعودية، عند بحث موقفها تجاه الرياض على قضية خاشقجي".
لكن هنت أشار إلى أنّه في حالة ثبوت مقتل خاشقجي، فإن هذا الفعل "غير مقبول على الإطلاق بالنسبة للمملكة المتحدة".
صادرات عملاقة
وبلغ مجموع الصادرات البريطانية إلى السعودية خلال العام الماضي، 4 مليارات و200 مليون جنيه إسترليني، مسجلاً نمواً بنسبة 120 في المائة مقارنة بالأعوام الـ 10 الأخيرة، فيما سجلت وارداتها من الرياض مليارين و400 مليون دولار.
وتضم الصادرات البريطانية إلى السعودية الآلات، والطائرات، والأسلحة والمحركات، فيما يشكل النفط ومشتقاتها 50 في المائة من وارداتها منها. وتشير المعطيات إلى أن الرياض لها نصيب بنسبة 3 في المئة من واردات لندن من النفط.
وتظهر معطيات نهاية عام 2017، أن مجموع صادرات بريطانيا إلى السعودية من الخدمات بلغ ملياري جنيه إسترليني، فيما استوردت منها خدمات بقيمة 500 مليون جنيه إسترليني.
وتعد بريطانيا ثاني أكثر دولة تصدر الأسلحة إلى السعودية بعد الولايات المتحدة الأمريكية بحسب معطيات مؤسسة ستوكهولم الدولية لأبحاث السلام.
ووفقاً لهذه المعطيات فإن السعودية استوردت 61 في المائة من أسلحتها من الولايات المتحدة، و23 في المائة من بريطانيا، خلال الفترة بين عامي 2013 و2017.
وتعرضت الحكومة البريطانية لانتقادات واسعة من قبل المعارضة في السنوات الأخيرة، لتزويدها الرياض بالأسلحة رغم أزمة اليمن، الذي يشهد منذ نحو 4 أعوام حربا بين القوات الحكومية مسنودة بتحالف عربي تقوده السعودية وجماعة "أنصار الله" (الحوثيين).
ومن المعلوم في الأوساط الاقتصادية أن بورصة لندن، تقوم بفعاليات لوبية لتحقيق الاكتتاب العام لشركة "أرامكو" السعودية التي تعد أكبر شركة طاقة حول العالم.
ونقلت وكالات الأنباء العالمية، في آب/ أغسطس الماضي، أن الحكومة السعودية علّقت طرح أسهم شركة "أرامكو" للاكتتاب العام، وكان من المتوقع أن يتم طرح 5 في المائة من أسهم الشركة التي تمتلك كبرى احتياطيات العالم، للاكتتاب العام.
وفي 5 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، أعلنت الرياض أنهم يخططون لطرح أسهم الشركة التي يقدر السعوديون قيمتها بـ تريليوني دولار أمريكي، للاكتتاب العام، في عام 2021.
شركات عملاقة تشارك في أول مجمع بتروكيميائي في الجزائر
قضايا الإفلاس التجاري ترتفع إلى 151 حالة سنويا في السعودية
تحويلات الأجانب تتراجع.. وتحويلات السعوديين تستقر