نشرت صحيفة "
واشنطن بوست"
الأمريكية مقال رأي للكاتب غريغ سيرجنت، جاء فيه أن طريقة تعاطي الإدارة الأمريكية
مع جريمة قتل جمال
خاشقجي، قد تدفع بالكونغرس للتحقيق في هذه المسألة، لمعرفة ما
إذا كانت هنالك مصالح مالية شخصية مع النظام السعودي، دفعت بالرئيس الأمريكي
للتغافل عن الحقائق، وفسح المجال لولي العهد محمد بن سلمان للتنصل من مسؤوليته في
هذه الجريمة.
وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته
"
عربي21"، إن هنالك أدلة متزايدة على أن الرئيس دونالد
ترامب لا يبدو
متحمسا للوصول للحقيقة الكاملة، حول جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي، وهو ما ذكره
مراسل الصحيفة شاين هاريس في تقرير سابق.
وأشار الكاتب إلى أن ذلك التقرير، جاء فيه
أن "إدارة الرئيس ترامب والعائلة المالكة
السعودية تبحثان عن تفسير تتفقان
عليه، حول جريمة قتل خاشقجي، لتجنيب ولي العهد محمد بن سلمان التورط في هذه
القضية، باعتبار أنه واحد من أقرب حلفاء الرئيس الأمريكي.
وأكد الكاتب أنه في حال فشلت الإدارة
الأمريكية في الحصول على الرواية الكاملة من السعوديين، أو تورطت في مجاراة رواية
مزيفة حول الحدث، فإن هذا الأمر سوف ينكشف في النهاية ولن يبقى سرا، لأن هذه القضية
برمتها سوف تكون موضوعا للتحقيق داخل أروقة
الكونغرس.
وأوضح الكاتب أن العديد من الخبراء ومساعدي
أعضاء الكونغرس، أكدوا أن مجلس النواب، بعد أن تسيطر عليه أغلبية من الحزب
الديمقراطي، من المرجح جدا أنه سوف يلتفت بشكل حازم للعديد من جوانب تعامل إدارة
ترامب مع هذه القضية، من خلال النظر في العلاقات بين ترامب والسعودية، وإمكانية
استفادته بشكل شخصي من أموال المملكة.
ونقل الكاتب تصريح جويل روبن، الذي عمل
سابقا مسؤول اتصال بين وزارة الخارجية ومجلس النواب في سنتي 2014 و2015، والذي قال
، إن "هذه المسألة بالذات هي من النوع الذي يجب أن يتدخل فيه الكونغرس،
إذ أن لدينا قضية تبدو تصريحات البيت الأبيض بشأنها متغيرة ومضطربة، كما أن جاريد
كوشنر المسؤول الأول عن الاتصال مع السعوديين اختفى عن الأنظار، وهذا يعني أن هذه
القضية تستوجب بكل تأكيد الرقابة".
وأشار الكاتب إلى أن ترامب حاول خلال الفترة
الماضية البحث عن سبل لمواصلة حماية العلاقات الأمريكية السعودية، من خلال التذكير
بالاستثمارات السعودية في قطاع الأسلحة الأمريكية، وتدفق النفط السعودي، والتبعات
المحتملة في حال خسارة هذه الدولة التي يمكنها المساعدة في مجابهة النفوذ
الإيراني.
وأضاف الكاتب أنه لتحقيق هذا الغرض، طرح
دونالد ترامب فرضية وجود "قتلة مارقين"، قد يكونون خلف جريمة القتل. كما
نشر ترامب تغريدة قال فيها "إن ولي العهد السعودي بدأ تحقيقا كاملا وشاملا
حول هذه الجريمة"، وبدا الرئيس الأمريكي مستعدا، أو حتى متلّهفا، لقبول نتائج
هذا التحقيق.
وذكر الكاتب أن ترامب شبّه المشكلة التي
يواجهها السعوديون الآن، بالاتهامات الجنسية التي طالت القاضي الأمريكي بريت
كافانو في وقت سابق. حيث اشتكى الرئيس الأمريكي قائلا: "مرة أخرى ها نحن
نواجه نفس المشكلة، حيث تجد نفسك مذنبا إلى أن تثبت براءتك".
واعتبر الكاتب أن هذه المقارنة تكشف الكثير
عن موقف ترامب، الذي لا يفترض فقط براءة محمد بن سلمان، وهو حكم بات يسهل إصداره
لفائدة الأصدقاء والحلفاء، بل إنها تكشف أيضا أن ترامب لا يضمر أي رغبة في متابعة
هذه القضية بشكل جدي، أو يريد أن يتوصل إلى الوقائع بشكل يكشف عن الحقيقة
التي تبدو غير مريحة بالنسبة له ولحلفائه.
وعرض الكاتب ما اعتبره سيناريو فظيع، قد
يتمثل في قيام السعوديين بتحقيق صوري، يعفي ولي العهد محمد بن سلمان من أي مسؤولية
أو علاقة بجريمة قتل خاشقجي، ثم يعلن ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو أن هذه النتائج
مقنعة بالنسبة لهما.
ونقل الكاتب عن جويل روبن، تأكيده أنه
في حال إقدام الرئيس على هذا الأمر، فإن الكونغرس سوف يتدخل بشكل جدي، سواء آلت
الأغلبية إلى الجمهوريين أو الديمقراطيين في الانتخابات النصفية، فإن المجلس سوف
يسعى للوصول للحقيقة الكاملة حول هذه القضية.
وأوضح روبن أنه على سبيل المثال، يمكن لإحدى
اللجان في مجلس النواب التحقيق في الاتصالات السرية التي وقعت بين إدارة ترامب
والنظام السعودي، إذ أن الكونغرس يمكنه قانونيا إصدار أمر ملزم بالكشف عن
الاتصالات التي وقعت بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية من جهة، والسعودية من جهة
أخرى، حول كل ما يخص قضية جمال خاشقجي.
وأضاف روبن أن لجان مجلس النواب يمكنها أيضا
طلب تقارير سرية أو علنية من مسؤولي وكالة الاستخبارات الأمريكية، حول ما تعرفه
أجهزة المخابرات بشأن قضية خاشقجي، ومدى تطابق معلوماتهم مع ما سيتوصل إليه
"التحقيق" الذي يقوم به السعوديون.
وذكر الكاتب أن موظفي الاستخبارات في
الولايات المتحدة، كانوا قد رصدوا في وقت سابق اتصالات تظهر أن ولي العهد السعودي
أمر بتنفيذ عملية، هدفها إقناع جمال خاشقجي بالعودة إلى السعودية.
وأضاف الكاتب أن المسؤولين الأمريكيين
يقولون في السر إنهم لا يرون أي داع للتشكيك في الرواية التي تقدمها السلطات
التركية، كما أن الخبراء لا يعتقدون أن عملية بهذا الحجم يمكن أن يقوم بها عملاء
سعوديون دون تعليمات وموافقة من ولي العهد.
كما أشار الكاتب إلى أن تحقيق الكونغرس في
هذه القضية، قد يعني فحص العلاقات المالية بين مؤسسة ترامب والحكومة السعودية
وأعضاء العائلة المالكة، للنظر في إمكانية وجود تضارب مصالح، أثّر على السياسة
الخارجية الأمريكية تجاه المملكة، وأسلوب تعاملها مع قضية خاشقجي.
لقراة نص التقرير الأصلي اضغط هنا