نشرت صحيفة
"بوبليكو" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن مجازفة ولي
العهد، محمد بن سلمان، بمستقبله السياسي وبعلاقات المملكة العربية السعودية مع
بقية الدول، خاصة إثر قضية اختفاء الصحفي، جمال خاشقجي.
وقالت الصحيفة في تقريرها
الذي ترجمته "عربي21"، إن السعودية مرت بظروف عصيبة هذه السنة، لا سيما
بعد القرارات التي اتخذها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، والمتعلقة بحقوق
الإنسان.
الجدير بالذكر أن ولي
العهد السعودي كان قد أمر بافتتاح دور للسينما وسمح للمرأة بقيادة السيارة. لكن
هذه الإصلاحات لم تمنعه من سجن الناشطة سمر بدوي في شهر آب/ أغسطس بسبب دفاعها عن
حقوق المرأة. علاوة على ذلك، أثار ابن سلمان أزمة لا تزال قائمة مع دولة قطر. ويبدو
أن التوصل إلى حل في هذه الأزمة أمر ليس بالسهل، كما لم يظهر ابن سلمان أي علامات
تدل على نيته في تقديم التنازلات.
وأضافت الصحيفة أن
العلاقات السعودية الألمانية تدهورت على خلفية سحب السعودية لسفيرها من برلين،
نتيجة انتقاد وزير الخارجية الألماني للرياض على تدخلها المبالغ فيه في الشؤون
اللبنانية. وقد أثبتت هذه الأزمة، التي تم تجاوزها في شهر أيلول/ سبتمبر الماضي،
بعد سنة من اندلاعها، أن ابن سلمان على استعداد لإثارة الأزمات مع الدول العدوة
والحليفة على حد السواء.
عموما، نددت بعض القوى
الغربية بسياسة ابن سلمان، خاصة بعد تسبب القنابل غربية الصنع التي تلقيها السعودية
في قتل عدد كبير من المدنيين في اليمن. مع ذلك، تبقى هذه التنديدات محدودة ولا
تحول دون تزويد المملكة بالأسلحة بشكل كثيف.
وذكرت الصحيفة أن الصراع
مع قطر والحرب في اليمن يدلان بشكل لا يدع مجالا للشك على تصميم ابن سلمان على
تحويل أقواله إلى واقع ملموس. والجدير بالذكر أن ضحايا الحرب والدمار الذي لحق
باليمن لم تدفع ابن سلمان لإصلاح مساره السياسي. إلى جانب ذلك، تمكنت السعودية من
تكثيف نشاطها العسكري، حيث استطاع ابن سلمان استيراد الأسلحة من دول غربية على غرار
الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا بقيمة تفوق 100 ألف مليار دولار.
ونوهت الصحيفة بأن جميع
الأزمات التي عرفتها المملكة لا تعادل قضية الصحفي المعارض جمال خاشقجي، الذي دخل
القنصلية السعودية في إسطنبول في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر ولم يغادرها مرة
أخرى. وقد أكدت بعض المصادر التركية امتلاكها لأدلة تثبت مقتل خاشقجي داخل
القنصلية.
من جهته، أكد الرئيس
الأمريكي، دونالد ترامب، على تسليط "عقوبة مشددة" على السعودية في حال
ثبت تورطها في مقتل الصحفي. بالإضافة إلى ذلك، أفاد ترامب أن الولايات المتحدة لا
تعتزم تعليق تزويد المملكة العربية السعودية بالأسلحة.
وأفادت الصحيفة أنه سيتم
عقد منتدى اقتصادي ضخم في الرياض تحت عنوان "دافوس في الصحراء" يمتد من
23 إلى 25 تشرين الأول/ أكتوبر، في محاولة لجعل المملكة العربية السعودية مركز
النشاط الاقتصادي في المنطقة. وخلال هذا المنتدى، سيحاول ولي العهد ابن سلمان تسليط
الضوء على الثورة الاقتصادية والاجتماعية التي يرنو إلى إطلاقها.
ويعتقد بن سلمان أنه
بحلول سنة 2030، ستكون المملكة العربية السعودية دولة حديثة لا يعتمد اقتصادها على
النفط فحسب، مثلما هو الوضع الآن. ومن المقرر أن يستضيف هذا المنتدى مجموعة كبيرة
من رجال الأعمال لبدء أو إكمال المشاريع المالية في الرياض.
ونقلت الصحيفة أن مجموعة
من كبار المستثمرين والشركات العالمية، فضلا عن المؤسسات الإعلامية، أعلنت عن
انسحابها من المشاركة في مؤتمر "دافوس في الصحراء" على خلفية قضية
الصحفي، جمال خاشقجي. وقد كان الرئيس التنفيذي لبنك "جي بي مورجان
تشايس"، جيمي ديمون، من أوائل الأشخاص الذين ألغوا رحلتهم إلى الرياض، ليسير
على خطاه فيما بعد رئيس مجلس إدارة شركة فورد، ويليام فورد.
وأكدت الصحيفة أن كبرى
المنصات الإعلامية أعلنت عن عدم مشاركتها في المؤتمر، على غرار "نيويورك
تايمز" "وفاينانشيال تايمز" "وسي إن إن"
"وبلومبيرغ" و"سي إن بي سي". وفي الواقع، تعد شبكة "فوكس
بيزنس" الجهة الإعلامية الوحيدة الراغبة في السفر إلى الرياض، علما وأنها
مقربة من الرئيس، دونالد ترامب.
من جهتها، اقترحت بعض
وسائل الإعلام العربية إلغاء المؤتمر إلى حين مرور هذه الأزمة. في المقابل، تشير
وسائل إعلام أخرى إلى أن المؤتمر يجب أن يستمر في ظل استعداد بعض الشركات
للمشاركة، على غرار مجموعة غولدمان ساكس وماستركارد وبنك أوف أميركا.
وأوردت الصحيفة أن
المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا طلبوا من السعودية تقديم توضيحات حول اختفاء
خاشقجي. وقد أشارت بعض وسائل الإعلام إلى أن هذه الدول يمكن أن تلغي مشاركتها في
منتدى "دافوس في الصحراء"، الأمر الذي سيعد ضربة قوية لولي العهد بن
سلمان.
خلافا لذلك، أعلنت
الحكومة السعودية يوم الأحد الماضي أنها سترد على أي "إجراء عقابي" يتم
اتخاذه في حقها من قبل الدول الغربية، وهو إعلان يحمل في طياته تحذيرا لحلفائها
بضرورة التفكير جيدا قبل اتخاذ خطوة في هذا الاتجاه.
وسلطت الصحيفة الضوء على
بعض الإجراءات الانتقامية التي يمكن أن تتخذها الرياض في حال سُلطت عليها عقوبات
غربية. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تحد السعودية من إنتاج النفط الخام، الأمر الذي
قد يرفع سعر البرميل إلى أكثر من 100 دولار. فضلا عن ذلك، من المرجح أن يسعى
ولي العهد إلى توطيد العلاقات بين السعودية وروسيا، وهي خطوة محفوفة بالمخاطر
للغاية لكنها تشير إلى أن ولي العهد على استعداد للتعامل مع الجميع من أجل مصالحه.
للاطلاع على نص التقرير الأصلي اضغط هنا
تقرير مثير لرويترز عن رأي السعوديين بأزمة اختفاء خاشقجي
هل تفسد حادثة خاشقجي علاقات أنقرة الدبلوماسية مع الرياض؟
تبادلات الرياض التجارية مع أنقرة قبل أزمة خاشقجي (إنفوغراف)