"أعيش حالة من عدم الاستقرار والمعاناة، وزوجتي ربما تدخل الجنة بسببي"، جملة تحدث بها أكاديمي وكاتب فلسطيني بارز يقيم في الضفة الغربية المحتلة، وتعكس مدى المعاناة التي يعيشها هو وعائلته.
الخبير السياسي البروفيسور عبد الستار قاسم، وهو أحد
كتاب "عربي21" أكد أنه يعيش "حالة شديدة من المعاناة والاستهداف
المستمر"، موضحا أن "قوات الاحتلال اعتقلته 8 مرات كان آخرها عام 2014،
بسبب مقالات ومقابلات تلفزيونية، إلى جانب اعتقال السلطة الفلسطينية له 7
مرات".
وذكر قاسم أن من بين اعتقالات السلطة، "تم
تحويل اثنتين منها لاعتقال مدني والباقية اعتقالات سياسية"، لافتا إلى أنه
"جرى حبسه مع المجرمين وتجار المخدرات في غرفة واحدة"، منوها في الوقت
ذاته إلى أن "بعض السجناء اعترفوا له بأنه تم تكلفيهم (من قبل عناصر السلطة)
بمراقبته داخل السجن".
وأضاف قاسم في حديث لـ"عربي21" أنه
"في إحدى المرات اعتقلتني السلطة عام 2000؛ وهي سنة إجازة تفرغي العلمي دون
معرفة السبب، ودخلت السجن وخرجت منه ولم يتحدث معي أحد بكلمة، واعتقلت عام 2016
عندما طالبت بمحاكمة رئيس السلطة محمود عباس، بسبب انتهاكه للقوانين، وأنا كنت
أطالب فقط بتطبيق القانون".
اقرأ أيضا: هل ينفجر الوضع الأمني بالضفة بعد قطع المساعدات الأمريكية؟
ولفت قاسم وهو من مواليد قرية "دير
الغصون" قضاء طولكرم في 21 أيلول/ سبتمبر 1948 إلى أن "السلطة وعبر
أذرعها الأمنية، لا تكف عن ملاحقتي ومضايقتي بشتى الطرق ومنها: التهديد بالقتل، والاعتقال،
والمحاكمات، وإطلاق النار، وحرق الممتلكات".
وبين أن "اعتداءات الأجهزة الأمنية الفلسطينية،
شملت عمليات إطلاق نار 11 مرة، أصبت في واحدة منها بأربع رصاصات، وتسببت لي بحالة
تسمم وحساسية أعاني منها حتى اليوم، وتم وضع المسدس في رأس زوجتي، وأحرقوا لي
ثلاث سيارات".
وبلغة تخللها الشعور بالألم والخذلان، عاتب الكاتب
البارز، وسائل الإعلام المختلفة وخاصة التلفزيونية منها، والتي كثيرا ما يظهر على
شاشاتها بسبب "عدم الاهتمام وغياب السؤال، في ظل تواصل الانتهاكات بحقي كصاحب
رأي".
وذكر أنه "صاحب موقف، وغير مستعد للتجارة في
موقفي في القضايا المختلفة"، كاشفا أنه تعرض للعديد من "محاولات
الإغراء"، وطلب منه من قبل بعض وسائل الإعلام البارزة في العالم العربي
تغيير بعض المواقف أو حذف بعض الفقرات التي تضمنتها مقالته، وهو ما دفعه لتركها
رغم أنها كانت تشكل "مصدر دخل مهم" له.
وتابع: "الكتابات المختلفة دخلي الوحيد حاليا،
وأن مستعد للتخلي عن الدخل الذي يأتي لي من خلالها مقابل أن أحافظ على حرية
كلمتي"، منوها إلى أن "الحرب التي أتعرض لها ليست من قبل الأنظمة فقط،
وإنما من كل المنافقين الذين يدورون حول الأنظمة والسلطة الفلسطينية".
معاناة مستمرة
وعن حال زوجته "أم محمد" في ظل هذه
المعاناة، قال: "رغم اتخاذي العديد من الإجراءات الأمنية في البيت، فإننا
نعيش حالة من عدم الاستقرار والمعاناة المستمرة وعدم الشعور بالأمن، وزوجتي عانت
كثيرا معي، وربما تدخل الجنة بسببي"، بحسب تعبيره.
وبشأن الملاحقة القضائية من قبل السلطة، أكد قاسم أن
"كل القضايا التي رفعتها السلطة ضدي خسرتها، ورغم ذلك يحاولون إدانتي بلا سبب
حقيقي أو سند قانوني"، منوها إلى أن "المعركة القضائية ما زالت مستمرة،
والسلطة تحاول بكل الطرق إسكاتي، وسنرى"، على حد قوله.
ونبه أن "القضية الأمنية" التي اعتقل فيها بسبب
مطالبته بمحاكمة عباس، ما زالت منذ 2016 وحتى اليوم لم تغلق، رغم أنه كسب القضية في محكمة
الصلح، واستأنفت السلطة عام 2017 وتم فسخ الحكم، والسبب وفق قاسم، أن "الصلح
امتنعت عن الاستماع لأحد الشهود، وحينها أصيبت زوجتي بكسر أحد أضلعها داخل المحكمة".
اقرأ أيضا: لا هدنة مع الصهاينة ولا مصالحة مع السلطة
وفي هذا الوقت، "أصدر عباس قانونا بصورة غير
شرعية، يقضي بإنشاء محكمة الجنايات الكبرى، وتم تحويل القضية من الصلح إلى
الجنايات، وفي 4 آذار/ مارس الماضي، قضت الجنايات بأن هذه القضية ليست من اختصاصها
ورفعتها إلى محكمة النقض لتعيين مرجعية قضائية، وحتى الآن لم يتم التعيين"،
متسائلا: "ما الذي تدبره السلطة لي، وأمر التعيين لا يحتاج إلا إلى 10 دقائق فقط؟".
وفي ظل هذا الواقع وحول دور مؤسسات حقوق الإنسان،
أشار إلى أن "هناك العديد من المؤسسات الدولية التي ما زالت تقدم المساعدة
القانونية، وما زلت على تواصل معها باستمرار وأضعها في صورة أي تطور أو انتهاك
جديد يحدث معي"، لافتا إلى أن المؤسسات الحقوقية العربية والفلسطينية
"لا تساعد بأي شيء".