وول ستريت: أزمة خاشقجي قد تعصف بعلاقة واشنطن والرياض

نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية تقريرا، تحدثت فيه عن قضية خاشقجي وتداعياتها على العلاقات الدولية، وخاصة العلاقات الأمريكية السعودية. وفي ظل اتخاذ القضية بعدا دوليا، أصبح على القوة العالمية الأولى اتخاذ موقف صارم للحفاظ على مكانتها؛ مما يضعها في مواجهة مع حليفتها السعودية.
 
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن قضية اختفاء الصحفي جمال خاشقجي، في القنصلية السعودية في تركيا، باتت تمثل كارثة، يمكن أن تكون لها تبعات خطيرة على الشرق الأوسط والمصالح الأمريكية.
 
وأضافت أنه بات على الرئيس دونالد ترامب أن يحرص على محاسبة المتورطين في هذه القضية، كي لا يخسر سيطرته على سياسته الخارجية في هذه المنطقة.
 
وذكرت أن خاشقجي دخل قنصلية بلاده في إسطنبول يوم الثاني من أكتوبر/ تشرين الثاني، ولا توجد حاليا أدلة على أنه غادرها سالما. وقد كشف الأتراك لعديد الأطراف أنهم يملكون تسجيلات تظهر صوت خاشقجي وهو يتعرض للاستجواب والتعذيب والقتل، إلا أنهم لم يقوموا إلى حد ال?ن بنشرها أمام الرأي العام.
 
وأضافت أن السعوديين ينفون أي مسؤولية لهم في القضية، رغم أن المخابرات التركية والأمريكية تؤكدان أن ضباطا سعوديين دخلوا تركيا عبر طائرتين خاصتين في نفس يوم اختفاء خاشقجي. كما توجد أدلة متزايدة على أن ما حصل هو عملية اختطاف وقتل، تمت بأوامر عليا من الرياض.

اقرأ أيضا: خبير: "عقاب ترامب الشديد" قد يعني إزاحة ابن سلمان عن الحكم
 
وأكدت الصحيفة أن كل هذه التطورات سببت أزمة لولي العهد محمد بن سلمان، البالغ من العمر 33 عاما، والذي دأب على استخدام أساليب سلطوية في برنامجه لإصلاح الاقتصاد والسياسة والثقافة في السعودية.
 
وأشارت إلى أن إدارة الرئيس ترامب أقامت تحالفا قويا مع ابن سلمان، وكان هذا الأمر منطقيا بالنظر لرغبة ولي العهد السعودي في تقويض إيران، واستعداده للتعاون مع إسرائيل في الخفاء، وأجندته الحداثية.
 
وحذرت الصحيفة من أن هذه العلاقة باتت الآن على المحك، خاصة إذا ثبت أن ابن سلمان أو أحد نوابه قد أمروا بتصفية جمال خاشقجي، الذي يعد "أبرز منتقد لولي العهد السعودي، بفضل مقالاته التي يكتبها في صحيفة واشنطن بوست وشهرته في العالم العربي". على حد وصف الصحيفة.

 وأضافت بأن ولي العهد ابن سلمان، عرف بطابعه المتهور وقراراته الحادة، وهو ما ظهر خاصة في الحرب التي يشنها ضد اليمن.
 
وبحسب الصحيفة، يعد اعتقاد ابن سلمان بأنه قادر على اختطاف أو قتل ناقد ذائع الصيت داخل القنصلية السعودية على أراض أجنبية، ثم النجاة بفعلته، خاطئا وتصرفا يتطلب نوعا خاصا من التهور والغطرسة.
 
وأشارت إلى أن شخصية جمال خاشقجي هي أكثر تعقيدا مما يتم تصويره في الصحافة الغربية، حيث ينظر لهذا الرجل على أنه ديمقراطي ليبرالي. وعلى وجه الخصوص، ينتمي خاشقجي منذ وقت طويل للإخوان المسلمين، وهو يدعم الحكم الذي يستند إلى الشريعة الإسلامية، بحسب ما ذكره جون برادلي خلال هذا الأسبوع في مجلة سبكتاتور البريطانية.

اقرأ أيضا: ترامب يتعهد بعقاب قاس بحال ثبوت مقتل خاشقجي (شاهد)
 
وأوضحت أن خاشقجي جمعته لوقت طويل علاقات مع العائلة المالكة السعودية، كصحفي ومستشار، وتشير بعض التقارير إلى أن محمد بن سلمان عرض عليه مؤخرا منصبا حكوميا مهما، في حال عودته من منفاه في واشنطن. ويعتقد بعض المتابعين أن رفض خاشقجي لهذا العرض، هو ما دفع السعوديين لوضع مخطط اغتياله في تركيا.
 
واعتبرت الصحيفة أن كل هذه الحيثيات أمر لا يبرر عملية القتل الوحشية، وإذا كان هذا ما حدث فعلا، فسيعد على أنه جريمة وخطأ فادح. تسلط الفوضى التي انتهت بالإقدام على هذه العملية، ضغطا هائلا على الملك سلمان الذي يعاني من التقدم في السن، والذي ترك زمام الأمور لابنه ولي العهد.
 
وذكرت أن العائلة المالكة السعودية تشهد باستمرار صراعات وانقسامات داخلية. وبالتالي، سيرى خصوم محمد بن سلمان في المأزق الحالي فرصة لتقويض سلطته وأجندته.
 
وأكدت الصحيفة أن هذه التطورات ليست خطأ دونالد ترامب أو صهره ومستشاره جاريد كوشنر، على الرغم من الاتهامات التي يوجهها لهم اليسار الأمريكي. ومن المنطقي أن تدعم أي إدارة أمريكية عاقلة هذا الإصلاحي السعودي العازم على المساهمة في التصدي للمغامرات العسكرية الإيرانية. ولكن سيكون للقيام بعملية قتل من هذا النوع، بلا شك، تبعات على العلاقات الثنائية بين البلدين.
 
وذكرت في هذا السياق أن كلا من الحزبين الجمهوري والديمقراطي حذروا من أن هذه الجريمة، لأنه إذا ثبت وقوعها، فإنها سوف تؤدي لفرض عقوبات ضمن قانون ماغنيتسكي على الأفراد المتورطين فيها. كما ستكون المساعدات العسكرية والتعاون بين البلدين في خطر. وأورد السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، أن "السعودية ستدفع ثمنا باهظا إذا ثبتت الإدعاءات ضدها.

اقرأ ايضا: إيكونوميست: ثبوت قتل خاشقجي سيجعل ابن سلمان "مارقا"
 
وقالت الصحيفة إن واحدة من أصعب ملفات السياسة الخارجية أمام أي رئيس، هي كيفية التعامل مع نظام ديكتاتوري يهين القيم الأمريكية، ولكنه في نفس الوقت مهم لمصالحها.
 
وأضافت أن محمد بن سلمان كان يبدو كرهان جيد، أثناء سعيه لتحقيق الحداثة في المملكة السعودية، ولكن الآن يجب إعادة النظر في هذه المسألة، إذا ثبت أنه هو مهندس عملية إخفاء خاشقجي.
 
وفي الختام، اعتبرت الصحيفة أنه على دونالد ترامب إظهار اهتمامه بهذه القضية، بينما يعكف البيت الأبيض على التفكير في تبعات أي عقوبات أمريكية أو تغيير في السياسة تجاه الرياض. وفي الأثناء، من المؤكد أن الوحيدين السعداء بهذه التطورات هم الإيرانيون.

لقراءة جميع ما نشر في "عربي21" عن قضية اختفاء خاشقجي اضغط (هنا)