نشر موقع "سي إن إن" تقريرا، تحدث فيه عن حادثة اختفاء خاشقجي وسط مزاعم تفيد بأنه قد قتل داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، ومزاعم بضلوع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في الحادثة، ما يؤثر سلبا على مشاريعه ومخططاته.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه قبل أسبوعين من الآن، كان ولي العهد السعودي، بصدد الاستعداد لاستضافة عدد من المستثمرين الأجانب في إطار حدث ضخم وصف على أنه "دافوس في الصحراء". وكان ابن سلمان يعتزم من خلال هذا الحدث تسليط الضوء والتباهي برؤية 2030 التي أقرها، وأن يقدم للعالم مستقبل السعودية التي ستكون أكثر حداثة، ناهيك عن إعطاء المستثمرين الدوليين لدعم خططه.
وأضاف الموقع أن عملية قتل وتقطيع جسد الناقد السعودي، جمال خاشقجي المروعة في قنصلية دولته في إسطنبول، حسب ما أكدته العديد من المصادر، من شأنها أن تحدث فارقا فعليا فيما يتعلق بمخططات ابن سلمان الاقتصادية. فقد أثارت حادثة اختفاء الناقد السعودي الذي يعيش في المنفى، مخاوف وقلق أصدقاء المملكة، الذين تعتبر الرياض في أمس الحاجة إليهم.
ومن الواضح أن المؤتمر الذي يعد له ابن سلمان، والذي نظم خصيصا لإبراز المملكة في حلتها الجديدة المختلفة، لن يكون ذا تأثير كبير في أوساط المستثمرين والقادة البارزين في مجال الأعمال الذين بادروا بالانسحاب، وذلك نتيجة الرعب الذي تملكهم على ضوء الأحداث التي جدّت الأسبوع الماضي.
اقرأ أيضا: إيكونوميست: ثبوت قتل خاشقجي سيجعل ابن سلمان "مارقا"
وبين الموقع أنه على ما يبدو أن ابن سلمان قد أساء الحكم بشأن مدى استعداد الدول الأخرى لعزله، وفي هذا الصدد، صرح وزير الخارجية البريطاني، جيريمي هنت، أن الدول لا يمكنها أن تتحالف إلا إذا كانت تتشارك القيم ذاتها، الموقف الذي ستتبناه في الغالب معظم الدول الأوروبية.
في المقابل، جمعت السعوديين علاقة وطيدة، بشكل غير مسبوق، مع إدارة ترامب، وبشكل خاص نجح ابن سلمان في ربط صلة فريدة مع صهر ترامب وكبير مستشاريه، جاريد كوشنر. ويبقى السؤال المطروح: هل ستكون صداقة ابن سلمان مع الأمريكيين كافية لحماية وإنقاذ صورته المتزعزعة لدى بقية الدول؟
وأقر الموقع بأن واقعة خاشقجي لا تعد الحادثة الوحيدة التي دفعت المراقبين الدوليين إلى التشكيك في مدى اتزان وقدرة ابن سلمان على تحقيق الاستقرار، علما وأن صورة المصلح التي روج لها ولي العهد السعودي قد لاقت ترحيبا كبيرا في البداية من قبل العديد من الجهات الخارجية، وكانت السبب وراء التغاضي عن وحشيته المتزايدة.
في الوقت الراهن، يتمثل الجانب الأكثر أهمية في الطريقة التي ستعتمدها المملكة لحل هذه المسألة، فهل ستعمد إلى تبني النسج الذي اتبعه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتستمر في إنكار جميع الاتهامات؟ أم أنها ستحاول أن تتخلص من الفوضى التي أحدثتها، وتتحمل مسؤولية ما تعتبره السلطات التركية جريمة قتل وحشية؟
والجدير بالذكر أن السبب وراء تمكن بوتين من التملص من كل الجرائم المزعومة التي ارتكبها ونفي أي دور له فيها، على الرغم من تواتر أدلة مقنعة تفيد بتورطه، أنه لا وجود لأي مقطع فيديو يصور عملاء الاستخبارات وهم بصدد التخلص من أحدهم. كما لا يملك أي شخص تسجيلا صوتيا لبوتين وهو يقر بأنه قد أمر بعملية القرصنة التي طالت الانتخابات الأمريكية في سنة 2016. وتكمن المشكلة بالنسبة للمملكة العربية السعودية في أن تركيا تزعم أنها تملك أدلة من هذا القبيل، من تسجيلات صوتية ومقاطع فيديو، تعمل على مشاركتها مع حلفائها.
اقرأ أيضا: هيرست: هل أنهت قضية خاشقجي عهد ابن سلمان قبل أن يبدأ؟
وأشار الموقع، إلى أن حادثة خاشقجي، لن توقف الولايات المتحدة، وشركاء استراتيجيين آخرين للسعودية، من استمرار تعاملها مع المملكة، أو ردعها عن بيع الأسلحة للرياض، إلا أن ذلك لن يمتد هذا الموقف المتسامح، إلى الشركات الخاصة.
وأضاف، أن ابن سلمان بحاجة إلى الاستمثارات مع الشركات الخاصة، لتنفيذ مشروعه المتعلق برؤية 2030، نتيجة لذلك، أخذت خطة ابن سلمان للاقتراض على حساب الثروة الوطنية الهائلة للسعودية، بهدف دفع اقتصادها للانفتاح والشعب السعودي لاحتضان تطورات القرن 21، تتلاشى أمام عينيه، الأمر الذي سيجعله يغرق في وحل السياسة الوحشية للمملكة.
وبيّن الموقع أن هناك عددا كبيرا من أعضاء العائلة المالكة في المملكة، وليس من المستغرب أن يبادر عدد من الأمراء بالتحدث خفية إلى الملك سلمان وإخباره بأنه لم يعد يمكن السيطرة على ولي عهده.
وحسب التقاليد، لطالما حكم الملك السعودية، وذلك بمساعدة الديوان الملكي، الذي يمثل كيانا استشاريا يضم كبار أفراد العائلة المالكة. وقد كان حكم المملكة في الماضي عملا مشتركا، لكن ابن سلمان بادر بالقطع مع هذه السياسة من خلال سجن عدد كبير من الأمراء، والاستيلاء على أموالهم وتجريدهم من نفوذهم، ومن ثم منحها للموالين له.
وأكد الموقع أن محمد بن سلمان قد خلق، من خلال ممارساته، انطباعا بأنه يعمل أكثر من طاقته وقدراته بهدف إدارة البلاد لوحده لتحقيق ما يريد في وقت قياسي، عن طريق إصدار الأوامر ومن دون أن يستمع إلى أي أحد.
ولفت إلى أن ابن سلمان قام بعزل نفسه، من خلال القضاء على هيكل الحكم في صلب النظام الملكي الذي كان له الفضل في استمرار عمل المملكة بشكل متسق وفي كنف الاستقرار على امتداد عقود عديدة.
وفي الختام، شدد الموقع على أن ابن سلمان، ومن خلال سياساته الاستبدادية التي طالت المعارضين في الخارج على غرار خاشقجي، يمكنه أن يدمر صورته في الخارج. ولكن تدمير سمعة المملكة العربية السعودية قد يكون السبب وراء تدمير استقرار البلاد، علما بأنه لا يمكن الاستغناء عن خدمات أي من أفراد البلاط الملكي. ويبقى السؤال الفعلي المطروح، هل يدرك ابن سلمان خطورة الموقف أم أنه غارق بالفعل في مستنقع سياسته المستبدة لدرجة أنه لا يستطيع التحكم في غروره؟
لقراءة جميع ما نشر في "عربي21" عن قضية اختفاء خاشقجي اضغط (هنا)
تركيا: الرياض لم تبد تعاونا بتحقيقات قضية اختفاء خاشقجي
6 أشخاص بسيارات مدنية وصلوا إلى قنصلية الرياض في إسطنبول
هكذا صدرت واشنطن بوست مطالبة بإجابات عن مصير خاشقجي (شاهد)