نشر موقع "لايف ساينس" الأمريكي تقريرا تحدث فيه عن إمكانية التحام القارات السبع التي تكون عالمنا في الوقت الحالي، لتعيد تشكيل القارة الموحدة المسماة بانجيا، إذ أن التحرك البطيء للصفائح التكتونية، يعني أن القارات تتجه للتجمع مجددا، وهو ما يعد أمرا واردا للغاية، خاصة في ظل النشاط البركاني المتنامي وتسارع عمليات انتقال الحرارة.
وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن قارات الأرض التصقت ببعضها البعض، قبل ظهور عصر الديناصورات، أي قبل حوالي 251 مليون سنة، مكونة قارة كبرى تسمى بانجيا. لكن، انشطرت تلك الكتلة الضخمة من اليابسة إلى نصفين، قارة غوندوانا في الجنوب، ولوراسيا في الشمال.
وأوضح الموقع أن القارتين انقسمتا فيما بعد، إلى القارات السبع التي نعرفها اليوم. وعموما، يطرح التحرك المستمر للصفائح التكتونية في كوكب الأرض تساؤلا مهما: هل ستشهد الأرض مرة أخرى تشكل قارة بانجيا العملاقة؟ وفي الواقع، من الممكن أن نشهد من جديد هذه الظاهرة حيث أن بانجيا لم تكن القارة الكبرى الأولى التي تتشكل خلال التاريخ الجيولوجي للأرض، الذي يعود إلى 4.5 مليار سنة.
اقرأ أيضا: دراسة تحذر من ارتفاع حرارة الأرض وعدم صلاحيتها للحياة
وأوضح الموقع أن علماء الجيولوجيا يتفقون على وجود دورة منتظمة ومحددة لتشكل القارات. وقد حدث الأمر ثلاث مرات في الماضي، حيث تشكلت في المرة الأولى قارة نونا المسماة أيضا بكولومبيا، قبل الفترة الممتدة بين 1.8 مليار و1.3 مليار سنة. وبعد ذلك، تشكلت قارة رودينيا خلال الفترة الممتدة بين 1.2 مليار سنة و750 مليون سنة. لذلك، من المنطقي أن نعتقد بحدوث نفس هذه الظاهرة في المستقبل.
وبين الموقع أن التحام وابتعاد القارات مرتبط بتحركات الصفائح التكتونية، حيث أن القشرة الأرضية منقسمة إلى تسعة صفائح تنزلق أحيانا وتتحرك فوق الطبقة الأرضية التحتية المسماة بالوشاح، وهي طبقة سائلة تقع بين مركز الأرض وقشرتها الصلبة نسبيا. وفي عملية تسمى بانتقال الحرارة، ترتفع المواد الأكثر سخونة من مركز الأرض نحو السطح، فيما تنزل المواد الأكثر برودة. ويؤدي هذا التغير في المواقع بين المواد المكونة للطبقة الأرضية التحتية لإبعاد بعض الصفائح عن بعضها البعض، أو مزيد التصاقها عبر الضغط عليها.
وأوضح الموقع أنه يمكن للعلماء تتبع حركات الصفائح التكتونية، بالاعتماد على نظام الملاحة عبر الأقمار الصناعية "جي بي إس". ولكن من أجل معرفة الحالة التي كانت عليها هذه الصفائح قبل ملايين السنين، احتاج العلماء إلى دراسة المواد المغناطيسية الطبيعية في قشرة الأرض. وبما أن الحمم البركانية الساخنة تبرد في نقطة التصادم بين صفيحتين، تحتوي بعض الصخور في هذه الحمم على معادن مغناطيسية على غرار مادة أوكسيد الحديد الأسود (المغنتيت)، التي تصطف مع الحقول المغناطيسية الموجودة حاليا في كوكب الأرض.
وعندما تتحرك تلك الصخور عبر الصفائح، يمكن للعلماء استخدام مواقعها وخط تحركها في اتجاه السطح، للقيام بحسابات دقيقة، ومعرفة مكان وجود تلك الحجارة المغناطيسية في الماضي.
ونقل الموقع عن روس ميتشل، عالم الجيولوجيا في جامعة كيرتن في أستراليا، قوله إن "إحدى القارات الكبرى تتشكل كل 600 مليون سنة. لكن قد يصبح هذا النسق أسرع، بالتالي يتمثل السبب وراء هذا التسارع في أن الحرارة الداخلية لكوكب الأرض، المحبوسة في المركز منذ نشأة هذا الكوكب، بدأت بالتسرب، ما يعني أن عمليات انتقال الحرارة تتم بشكل أسرع.
اقرأ أيضا: ما هي تبعات الاكتظاظ وارتفاع عدد سكان الأرض؟
ونقل الموقع عن ميتشل قوله: "بالنظر إلى أن قارة بانجيا العملاقة كانت موجودة على الأرجح خلال فترة ما قبل 300 مليون سنة، قد تظهر القارة التي ستتشكل مستقبلا، والتي أطلق عليها اسم أماسيا، بعد 300 مليون سنة من الآن. في المقابل، قد يحدث الأمر قبل ذلك، أي بعد 200 مليون سنة". وأضاف ميتشل قائلا إن "تقديم توقعات دقيقة لمستقبل القارات في العالم يعتبر أمرا معقدا، نظرا لأنه لا يمكن الاعتماد على نسق تحرك طبقات الأرض في الوقت الحالي، والقيام بالحسابات المستقبلية. كما أنه من الممكن أن تتغير هذه التحركات بشكل مفاجئ، خاصة في ظل وجود تشوهات في قاع البحر قد تؤدي بالصفائح التكتونية إلى الحياد عن مساراتها".
ونقل الموقع عن عالم المحيطات في جامعة بانغور في بريطانيا، ماتياس غرين، قوله: "إن منطقتي كاليفورنيا وشرق آسيا في الوقت الحالي تتحركان نحو هاواي، بينما تتحرك أمريكا الشمالية مبتعدة أكثر فأكثر عن أوروبا". وفي الأثناء، تتجه أستراليا نحو الالتحام مع كوريا واليابان. أما أفريقيا، فهي بصدد الدوران شمالا نحو أوروبا. ولكن تجدر الإشارة إلى أن هذه التحركات تتم بمقدار سنتيمترات فقط خلال كل سنة.
كما نقل الموقع عن غرين قوله: "سيكون لهذه التحركات في المستقبل تداعيات كبيرة على الطقس والمناخ والتنوع البيولوجي الموجود في الوقت الراهن، إذ أن أضخم عملية انقراض تمت خلال تشكل بانجيا"، في إشارة إلى انقراض العصر البرمي الثلاثي، المعروف باسم الموت العظيم، الذي ماتت فيه حوالي 90 بالمئة من الكائنات التي تعيش على سطح الأرض.
اقرأ أيضا: كيف تغيرت الفصول الأربعة خلال 20 عاما؟ ناسا تجيب (شاهد)