توجّه أطراف سياسية محسوبة على رئيس الجمهورية ميشال عون، سهام انتقاداتها إلى السعودية، وتتهمها تلميحا وإيحاء بأنها المسؤولة عن تأخير تشكيل حكومة في لبنان لأسباب تتعلق برؤيتها الخارجية ولاستخدام الورقة اللبنانية في مشاورات تسوية النزاع بسوريا.
وتناولت وسائل إعلام لبنانية، الأربعاء، مضمونا مسربا لمحادثة جرت بين وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل و نظيره السعودي عادل الجبير في نيويورك، حيث حمّل باسيل السعودية مسؤولية "عرقلة تشكيل الحكومة"، فيما نفى الجبير الاتهام، قائلا: "لا دخل لنا في ذلك".
وتتقاطع هذه المحادثة بمضمونها الاتهامي مع تصريحات لنواب في التيار الوطني الحر، يحمّلون رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مسؤولية القبول بتصنيف لبنان كورقة ضمن مشروع تسوية إقليمي، وبالمقابل، تستنكر أوساط الحريري هذه الأحاديث وتكشف لـ"عربي21" عن أن الأسبوع المقبل سيشهد أخبارا إيجابية في ما يتعلق بالملف الحكومي".
وشدّد النائب عن كتلة لبنان القوي التابعة لرئيس الجمهورية زياد الأسود على أنّ "التأثيرات الخارجية واضحة من خلال المجريات السياسية في البلاد"، مشيرا في تصريحات خاصة لـ"عربي21" إلى أن "المواقف الخارجة عن المألوف والبعيدة عن النسق الاعتيادي لتشكيل الحكومات دلائل على ارتباط المعضلة بعنصر خارجي".
وربط الأسود ما حصل من نتاج عقيم للمشاورات حول تأليف الحكومة في الفترة السابقة بالعامل الإقليمي، ورأى أن قرار إعلان الحكومة لم ينضج بعد خارجيا وهذا ما يعكس ابتعاد المشاورات "عن المعايير الشفافة وسط سجالات على الأحجام والحصص والحقائب، إضافة إلى الجدل العقيم حول كيفية تكوين التشكيلة الوزارية".
ولفت إلى أن "ما يدور في محيط لبنان من أزمات يرخي بظلاله على مسألة التأليف وتوزيع الحصص، بالتزامن مع عدم تحقيق التسوية الدولية حول إدارة شؤون المنطقة ومن ضمنها لبنان".
وانتقد الأسود ما أسماه سلوك رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في مساعيه لتشكيل الحكومة، قائلا: "لم يقدم الحريري الجهد الكافي لتقديم مقترحات للتشكيلة الحكومية حيث لم يقدم سوى مسودتين متشابهتين، شكلا ومضمونا"، متابعا: "يعني ذلك أن قراءة الحريري لعملية التأليف جاءت خاطئة، أو أنه يمرر الوقت لصالح عوامل خارجية تسهم في إنضاج حكومته المرتقبة".
ورأى أن الحريري أضاع فرصة هامة بعد أزمة استقالته في السعودية من خلال عدم انفتاحه على الأطراف الأخرى والتخلي عن المربع الإقليمي الذي كان متواجدا فيه ليكون رئيسا لحكومة تجمع عليه القوى كافة"، مستبعدا أن يتمّ تكليف رئيس حكومة بديل عنه "لأسباب دستورية وسياسية"، لأنّه تمنى أن "يستعيد الحريري نشاطه وزخمه".
وعن التلميحات التي يطلقها ساسة التيار الوطني الحر حول ضغوطات سعودية تمارس على رئيس الحكومة المكلف، أكد الأسود أن أزمة التأخير "عميقة و متصلة بمساعي التسوية في ما يخصّ الملف السوري، ويعدّ لبنان أحد أوراقها الإيجابية أو السلبية".
"انفراجة" قريبة
لكن أوساط تيار المستقبل ترفض الحديث عن تأثيرات خارجية، ونفى النائب السابق عن تيار المستقبل مصطفى هاشم ربط المراوحة الحاصلة على مستوى المشاورات "بمصالح خارجية وإيحاءات بضرورة التريث عن إعلان الحكومة"، وقال في تصريحات خاصة لـ"عربي21": "المداولات تنحصر في الإطار الداخلي، ولا علاقة لأي طرف خارجي بما يحصل في لبنان"، واصفا الكلام في هذا الخصوص "بالبعيد عن المنطق والحقيقة".
واستغرب هاشم الاتهامات الموجهة إلى تيار المستقبل ورئيسه بأنه مقيّد بالمطالب السعودية، قائلا: "يبدو جليا أن الصراع هو على الحصص الوزارية والأحجام، ويتضح ذلك من خلال العقدتين الدرزية والمسيحية"، مقلّلا من أهمية الاتهامات التي تطال الحريري، وكاشفا عن مضمون اتصال أجراه الأربعاء، مع الحريري أبلغه فيه عن "تطورات إيجابية سيشهدها خلال الأسبوع المقبل".
وشدّد هاشم على أن "الحريري يعمل بصمت، ولا يعير اهتماما ما يدور من سجالات ومواقف عقيمة".
وعن ارتفاع منسوب الانتقادات ضد الحريري، قال: "اعتاد لبنان على حالات كهذه، ولكن المواقف الناقدة لا تصدر في إطار عداوة أو خصومة، وإنّما سعيا من قوى سياسية لتحصيل ما تسعى إليه من حضور في الحكومة الجديدة".
الداخل والخارج
وتحدّث الباحث في العلوم السياسية و العلاقات الدولية الدكتور حسين كنعان عن "ترابط بين العوامل الداخلية والخارجية في ظلّ قلق الطوائف على مصيرها".
وأوضح: "الطائفة المارونية تعيش على أطلال الصلاحيات الممنوحة لها قبل اتفاق الطائف (اتفاق تمّ برعاية سعودية وأنهى الحرب الأهلية في لبنان أوائل التسعينيات بمنح جزء من صلاحيات رئيس الجمهورية إلى الحكومة)، ولذلك تعمل على تحصين نفسها من خلال رئيس قوي والحصول على الثلث المعطل في الحكومة، فيما تترنح الطائفة الشيعية بين المشروعين الداخلي والخارجي، أما الطائفة الدرزية فهي تتكيّف مع الواقع بحسب المستجدات، ويبقى سعي الطائفة السنية إلى تعزيز مكتسباتها وحضورها".
وأردف في تصريحات خاصة لـ"عربي21": "الخارج يقارب هذه الهواجس بناء على نفوذه ومصالحه، وهذا ما يفسّر الارتباط العضوي لقوى شيعية مع إيران، وسنية مع السعودية، ومسيحية مع فرنسا".
ورفض كنعان حصر التأثيرات الخارجية في موضوع الحكومة بالسعودية، آملا أن يسهم رئيس الجمهورية في إنتاج "حكومة محصّنة عن النفوذ الخارجي، وتحاكي في مشروعها تطلعات المواطن"، محذّرا من "استغلال أطراف دولية حالة الترهل الداخلي، لتنفيذ أجندات خاصة بها مرتبطة بنزاعات المنطقة لا سيما العراق وسوريا".
قرار سعودي جديد بحرمان فلسطينيي لبنان من الحج والعمرة
سُنة العراق منقسمون حيال الحلبوسي واحتفاء شيعي بفوزه
نصر الله يستنكر شطب جباه الأطفال لإخراج الدم.. لماذا؟