بعد قرار لجنة التحفظ على أموال أعضاء الإخوان
المسلمين بمصر مصادرة أموال 1589 شخصا الثلاثاء، وضمها لخزينة الدولة إلى جانب 118
شركة و1133 جمعية أهلية و104 مدارس و69 مستشفى و33 موقعا إلكترونيا وفضائية بنحو
500 مليار جنيه؛ يثار التساؤل حول مصير تلك الأموال والطرق القانونية لاستعادتها.
القرار جاء بناء على نص القانون (22) لسنة
2018، الذي صادق عليه رئيس النظام عبدالفتاح
السيسي، في نيسان/أبريل 2018، بعد
إقراره من البرلمان، حيث خص القانون محكمة "الأمور المستعجلة" بفض جميع
المنازعات المتعلقة بتلك القضايا ونزع أي دور لقضاة "مجلس الدولة"
ومحكمتي "الجنايات" و"النقض"، ما يعني أن المتضررين ليس من
حقهم اللجوء لدرجة أعلى من التقاضي أو محكمة "النقض" بعد صدور حكم
"مستأنف الأمور المستعجلة"، حسب قانونيين.
وحول الإجراءات
القانونية التي يمكن للمتضرر اللجوء إليها، ينص القانون على أن "كل ذي صفة أو
مصلحة أن يتظلم من قرار اللجنة خلال 8 أيام أمام محكمة (الأمور المستعجلة)، التي
تتولى الفصل فيه خلال 30 يوما، كما يتاح لكل ذي صفة أو مصلحة الطعن على حكم
(الأمور المستعجلة) خلال 10 أيام من تاريخ علمه به، وتتولى محكمة (مستأنف الأمور
المستعجلة) الفصل فيه خلال 30 يوما أيضا، ويكون حكمها نهائيا غير قابل للطعن".
وحسب القانون فإن إجراءات نقل ملكية الأموال
المصادرة للدولة؛ تبدأ بتقديم لجنة التحفظ طلبا لمحكمة "الأمور
المستعجلة" بالتصرف في المال، وبعدما تصدر محكمة "مستأنف الأمور
المستعجلة" حكما نهائيا بالتحفظ والتصرف، برفضها طعن المتضرر، يصبح من حق
اللجنة التصرف بالأموال بنقل ملكيتها للخزانة العامة وذلك دون اشتراط صدور حكم
جنائي بإدانة صاحب المال.
الشر الحقيقي
وفي تعليقه على القرار، يعتقد السياسي
المصري
الدكتور محمد محيي الدين، أن "قرار اللجنة والتي شُكلت طبقا للقانون ( 22)
لسنة 2018 بشأن إجراءات الحصر والتصرف والإدارة والتحفظ لأموال (الجماعات
الإرهابية) و(الإرهابيين) يقضي بضم هذه الأموال والعقارات المتحفظ عليها للخزانة
العامة للدولة وهو ما يعني المصادرة فعلا دون استخدام اللفظ بصورة قانونية مباشرة".
البرلماني
السابق، أشار بحديثه لـ"
عربي21"، إلى المادة (40) من الدستور والتي تقول
نصا: "المصادرة العامة للأموال محظورة، ولا تجوز المصادرة الخاصة، إلا بحكم
قضائى"، موضحا أنه بناء على ذلك "فإن قرار اللجنة مخالف قولا واحدا
لصحيح الدستور وإن وافق قانون إنشائها"، مضيفا "وهو ما يعني عدم دستورية
القانون السابق ذكره لمخالفته المادة (40)".
وقال محي الدين، إن "الأمر عندي لا يرتبط بنظام حاكم أو إخوان
في السجون؛ بل يرتبط بتطبيق الدستور"، مؤكدا أنها "المشكلة الحقيقية
التي نواجهها منذ تولي السيسي رئاسة الجمهورية في 2014".
وأشار إلى أننا "نتحدث بثنائية متناقضة
تماما عن دستور هو الأفضل أو من بين الأفضل عالميا؛ وعن قرارات وقوانين وأحكام
تخالف كل ما هو واضح لا يحتاج تفسير من نصوص هذا الدستور"، مبينا أن
"هذا هو الشر الحقيقي الذي يتم بثه في أوصال الدولة المصرية".
استرداد مصر
وعن الطرق القانونية لاستعادة الأموال
المصادرة، قال وزير العدل الأسبق المستشار أحمد سليمان، إنه "ليس في مصر
قانون" لاستعادة تلك الأموال، مؤكدا أنه ورغم ذلك فإن الأمر لم ينتهي بعد وأن
تلك الأموال "ستسترد مع استرداد مصر من أيدى العصابة المجرمة".
وحول وضع تلك
القضايا بين أيدي قضاة محكمة الأمور المستعجلة وليس قضاة مجلس الدولة أو محكمة
النقض، أكد القاضي سليمان أن "القضاء المستعجل في قبضة السيسي بكامله إلا
قليلا، وأنه يريد أن يطمئن إلى تنفيذ ما يريد".
وعن وجود أي أمل للمصادرة أموالهم عبر إجراءات
الطعن التي أقرها القانون أم أنها خطوة نحو تثبيت القرار وضم تلك الأموال للدولة،
نصح سليمان بضرورة "اتخاذ إجراءات الطعن عليها"، قائلا "أما الأمل
في ردها عبر هذه الإجراءات فقليل".
وفي سؤال حول إمكانية أن يطال هذا القرار أسماء
وعائلات وممتلكات المعتقلين من التيار المدني مؤخرا، قال سليمان إن "الانقلاب
يخشى من كل أحد ولا يثق في أحد؛ وسيأكل أبناءه".
شبهة دستورية
وفي تعليقه قال أستاذ القانون الدستوري الدكتور
ياسر حمزة، إن "التحفظ على أموال 1589 شخصا تم مصادرة أموالهم تم استنادا
للقانون رقم 22 لسنة 2018 والمنشور بالجريدة الرسمية في نيسان/أبريل الماضي؛
وبالرغم من أن قرار لجنة التحفظ في مقدمته يتحدث عن تحفظ إلا أنه انتهى إلى المصادرة".
الأكاديمي
المصري، أكد لـ"
عربي21"، أن "هذا القانون يعد نموذجا للانحراف
التشريعي؛ بمعنى أنه لم يصدر إلا لمصلحة عامة مجردة ولكنه صدر وكأنه يسعى للقضاء
وتصفية خصوم سياسيين ماليا واقتصاديا".
وأشار حمزة إلى
أن القانون "منعهم حق نقض هذه القرارات أمام القضاء الطبيعي والمختص وهما هنا
قضاء (مجلس الدولة) أو (محكمة النقض)، إلا أن القانون حدد محكمة القاهرة للأمور
المستعجلة دون غيرها".
وبين، أن
"شبهة عدم الدستورية واضحة في العديد من نصوص القانون، وإن كان اللجوء
للمحكمة الدستورية العليا يعني عمليا سنوات طويلة حتى الفصل فيه"، مضيفا
"فالأصل أن الأزمة سياسية، والقانون فيها يحقق رغبات من في السلطة حتى وإن
انتهك الدستور وخالفه".