نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا أعده مراسلها في الشرق الأوسط مارتن شولوف ومحمد رسول، تقول فيه إن أكراد سوريا كانت لديهم ورقة رهان قوية خلال سبع سنوات من الحرب الأهلية، ولم تظهر ولاءاتهم بشكل واضح، مشيرة إلى أن محاولاتهم لتحقيق استقلالية ضربها نزاع محتدم استهلك كل من وقف أمامه.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه مع اقتراب المعركة الأخيرة في منطقة شمال غرب سوريا، التي كانت مكانا لجيب كردي حتى هذا العام، الذي تعد المعركة على إدلب محورية له، فإن الكثير من المقاتلين الأكراد، الذين قاتلوا إلى جانب الأمريكيين، جددوا ولاءهم للنظام، ويقومون بشكل هادئ بالتحالف مع قوات النظام في محافظة إدلب، التي من المحتمل أن تكون آخر المعارك في سوريا والأكثر دموية.
ويقول الكاتبان إن مشاركة الأكراد في معركة إدلب تضيف بعدا للنزاع الذي جلب إليه أطراف هذه الحرب الوحشية كلها، مشيرين إلى أن المسؤولين السوريين تكتموا على هذا التحالف، خاصة أنهم يعلمون بطموحات الأكراد طوال الحرب، الذين لا يزالون حلفاء شكليين للولايات المتحدة.
وتذكر الصحيفة أن قمة ثلاثية عقدت في طهران مع تركيا وروسيا، تباحث فيها قادة الدول الثلاث في سبل منع معركة في إدلب، حيث يعيش حوالي 3 ملايين نسمة، مستدركة بأنه لا توجد إشارات على الأرض تشير إلى إمكانية التوصل إلى حل دبلوماسي.
وينقل التقرير عن مقاتل معارض لنظام الأسد، اسمه أمين عزام من جسر الشغور، قوله: "لقد تخلوا عنا منذ خمسة أعوام، فلماذا سيحاولون إنقاذنا الآن؟".
ويلفت الكاتبان إلى أن عددا من المقاتلين الأكراد تجمعوا في جنوب المدينة مع مليشيات موالية لإيران بانتظار الأوامر، مشيرين إلى أنه يعتقد أن المقاتلين هم جزء من "قوات سوريا الديمقراطية"، التي تضم عربا وأكرادا، وتدعمها الولايات المتحدة في الحرب ضد تنظيم الدولة.
وتفيد الصحيفة بأنه مع نهاية الحرب تقريبا، فإن المقاتلين الأكراد يشعرون بالمرارة؛ لطردهم من عفرين على يد القوات التركية والجماعات السورية الموالية لها، ما حرم الأكراد من منطقة قوية لهم، وأدى إلى تحول ولاءات الكثيرين فيها، لافتة إلى قول قادة الأكراد إن الانتقام من خسارة عفرين يظل أولوية لهم.
ويورد التقرير نقلا عن أحد القادة السياسيين للكتلة الكردية السورية، وبدعى ألدار خليلي، قوله إن الأكراد مستعدون للتعامل مع الأسد لاستعادة عفرين، لكنه أضاف: "لا توجد أي تحركات في الوقت الحالي لإرسال قوات روجافا للمشاركة في عملية تحرير إدلب إلى جانب قوات الحكومة السورية والقوات الروسية.. نحن مستعدون للتفاوض مع الحكومة السورية لتنظيف سوريا كلها من تنظيم الدولة".
وينقل الكاتبان عن قيادي كردي آخر، قوله إن مجموعة من مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية قاموا برحلة طويلة وشاقة للانضمام للقوات السورية، و"هذا أمر رمزي على مستوى واستراتيجي على مستوى آخر، وهو يعني أننا بحاجة للنظام، وهناك شراكة تنمو، لكن يجب أن نحصل على ديننا منهم".
وتنوه الصحيفة إلى أن القوات التركية والجماعات الموالية لها قامت بمهاجمة عفرين بعد إعلان الولايات المتحدة عن تشكيل قوات حدود دائمة في شمال سوريا، ما أثار مخاوف الأتراك من تقوية الأكراد وسيطرتهم على كامل الحدود الشمالية معهم، مشيرة إلى أن تركيا تحاول منذ عامين احتواء الأكراد ومنعهم من تقوية مواقعهم، حيث كانت السيطرة على عفرين محاولة من أنقرة للقول إنه لا جيب تركيا على حدودها غرب نهر الفرات، فيما اعتبر الأكراد الموقف الأمريكي من المعركة خيانة لهم.
ويجد التقرير أن المعركة كانت نقطة تحول في علاقات الأكراد مع الأمريكيين، خاصة بعد طلب قوات سوريا الديمقراطية الدعم الأمريكي في المعركة، ورفض الاستجابة لطلبهم، ما دفع مقاتلين في الشرق للتخلي عن مواقعهم، ومحاولة مساعدة المقاتلين في عفرين.
ويبين الكاتبان أن المعركة أثرت على جهود الحرب ضد تنظيم الدولة، التي قال أربعة مسؤولين أكراد إنها توقفت، فيما قال واحد منهم: "لا توجد هناك ثقة، ويجب ألا يندهشوا إن أصبحنا نبحث عن مصالحنا".
وتورد الصحيفة نقلا عن مصدر بارز في المنطقة، قوله إن الأمريكيين أخبروا قوات سوريا الديمقراطية بعدم موافقتهم على مشاركة قواتهم إلى جانب النظام في معركة إدلب، وأضاف المصدر: "لو ذهبوا فإنهم سيذهبون دون زي أو علم، وسيحاولون الظهور كأنهم من قوات النظام".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول خليلي إن طردهم من عفرين غيّر المعادلة بالنسبة للأكراد، وأضاف: "يجب ألا يستمر الوضع في عفرين كما هو، وكوننا ائتلافا لأحزاب سياسية يؤمن بمستقبل ديمقراطي لسوريا، فنحن مستعدون للتفاوض مع الحكومة السورية، ونريد بناء سوريا ديمقراطية، تضم الجماعات داخل المجتمع السوري كلها على قدم المساواة، ونحن مستعدون للمشاركة، ليس عسكريا فحسب، لكن سياسيا واقتصاديا أيضا".
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا
الغارديان: لماذا أصبحت أمريكا متفرجا على إدلب؟
إيكونوميست: هذه تداعيات المعركة الأخيرة في إدلب
عامل إغاثة بإدلب: الملايين منا عالقون وعلى العالم إنقاذنا