كشف مصدر إعلامي مقرب
من السلطات الأمنية بمصر عن ممارسة وزارة الداخلية ومراسلي الصحف والقنوات لديها
ضغوطا على إدارات التحرير في القنوات الفضائية، والمواقع الإخبارية، والصحف
القومية، والخاصة للترويج لحملاتها الأمنية في ضبط بعض الجناة في قضايا جنائية،
ونشرها لديهم.
وأضاف المصدر
لـ"
عربي21" أن توجيهات صدرت للمركز الإعلامي بوزارة الداخلية لتكثيف
التواصل مع الصحف والقنوات والإعلاميين والصحفيين، لنشر ما يسمى جهود الداخلية في
القضاء على
الجريمة، وفي تحقيق الأمن للمواطنين من خلال تقارير مصورة.
وازدهر النشاط
الإجرامي في
مصر في الفترة الماضية، وزادت حوادث القتل والخطف والسرقة بالإكراه في
مناطق متعددة على مستوى محافظات الجمهورية، وانتشار العصابات المسلحة، وتفشي أعمال
"البلطجة" في المدن والقرى على حد سواء، وفق مؤشرات دولية.
إحصائيات صادمة
وتشير تقارير أمنية
مصرية ودولية، أظهرت أن معدلات الجريمة في مصر تضاعفت، خلال السنوات الماضية، حيث
احتلت مصر المركز الثالث عربيًا في تقرير مؤشر الجريمة العالمي لعام 2016، والمركز
الخامس في عام 2017.
وكشف تقرير لقطاع
مصلحة الأمن العام، العام الماضي، زيادة معدل جرائم القتل العمد 130%، والسرقة
بالإكراه بنسبة 350%، وسرقة السيارات بنسبة 500%.
ويؤكد تقرير صدر عن
المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، في منتصف 2015، عن وجود أكثر من 500
ألف بلطجي ومسجل خطر، أي بلطجي لكل 19 مواطنا، يرتكبون شتى أنواع الجريمة، ولهم
سوابق خطيرة جدا، وأغلبهم مطلق سراحهم.
وعلى الصعيد الصحف
والمواقع الإلكترونية، أكد صحفي بإحدى الصحف الخاصة الموالية للنظام، طلب عدم كشف
اسمه، أن مندوبي الصحف والمواقع الإلكترونية يلحون بقوة على رؤساء لتحرير للتعامل
مع كل الأخبار التي يرسلوها من خلال إعلام وزارة الداخلية، خاصة مع ارتفاع وتيرة
الجريمة في الآونة الأخيرة.
مشيرا إلى أن صفحة الداخلية على "فيسبوك" مليئة بأخبار من هذا القبيل، في
محاولة لطمأنة الناس بأنها قادرة على بسط نفوذها في الشارع، وحجم الأخبار يعكس حجم
الجرائم التي ترتكب بشكل يومي في دولة يصل عدد سكانها إلى مئة مليون نسمة.
ورصد مراسل "
عربي21" قيام قناتي "دي إم سي" و"سي
بي سي إكسترا" المواليتين للنظام بنشر التقارير المصورة لوزارة الداخلية بشكل
متزامن عن جهودها في القبض على عصابات خطف وسرقه وغيرها من أنواع الجرائم.
فشل أمني
وعلق الصحفي مصطفى
الحسيني، بالقول إن "لجوء وزارة الداخلية للإعلام المصري بكافة أنواعه
للترويج لها بسبب ومن دون، هو دليل جديد على فشل الوزارة في القيام بواجبها الأساسي
في تأمين المواطن المصري، كما أنه مستوى متقدم في محاصرة الرأي العام، وتفخيخ وعيه
المنهك أصلا".
مضيفا
لـ"عربي21": "في الحقيقة الداخلية المصرية لا تريد تسويق أي شيء
جديد للناس، هي فقط تصنع ما تستطيع فعله، وما برعت فيه تاريخيا، وهو تضليل الوعي
الجمعي للشعب؛ بإغراقه في أخبار كاذبة عن إنجازات وهمية للوزارة لا يشعر المواطن
بشيء منها على أرض الواقع".
وأكد أن سلوك السلطات
الأمنية في مصر، "هو نموذج شهير في الديكتاتوريات القمعية التي تحرص فيها
وزارة الداخلية دائما على كسب ود النظام "عبر استماتتها في حمايته" على
حساب الشعب المستضعف، كما هو الحال في نظام السيسي".
الأمن السياسي
ورأى المحامي
والحقوقي، عمرو عبدالهادي، أن "اختيار وزير داخليه من الأمن الوطني في
الحكومة الجديدة يؤشر على عنوان المرحلة الحالية؛ وهو الأولية لغلق المناخ
السياسي، وملاحقة المعارضين، وهو ما يأتي بالتبعة بالتقصير على حساب الأمن الجنائي".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أوضح أن "الأصل في العمل الأمني هو
أمن المواطن العادي، وليس ملاحقة السياسيين"، مؤكدا أنه بمجرد "تعيين
الوزير فقد أعطى انطباعا لدى كل العاملين في جهاز الشرطة أن أولوية الدولة هو
حماية أمن النظام لا أمن المواطن".
وبرر ممارسة الداخلية ضغوطا على الإعلام؛ "لأن هذا النظام تم الترويج له
من قبل الإعلام قبل أن يأتي على الدبابة؛ لذلك يحاول تغطية إخفاقه في كل المجالات
كالأسعار والبطالة وليس الفراغ الأمني فقط من خلال الإعلام"، لافتا إلى أن
"حالة الفوضى الأمنية هي نتيجة طبيعية لغلاء الأسعار، وغلق المناخ السياسي؛
فبالتالي زيادة معدلات الجريمة، وهذا تطور طبيعي لما حدث منذ الانقلاب في 3 تموز/
يوليو".