كتب الصحافي السعودي المقيم في واشنطن جمال خاشقجي مقالا في صحيفة "واشنطن بوست"، يشير فيه إلى أن السعودية لا تستطيع تحمل افتعال معركة مع كندا.
ويبدأ خاشقجي مقاله بالقول: "في الساعات الثماني والأربعين السابقة يبدو أن السعودية خلطت بين كندا، العضو في مجموعة السبع الصناعية وحلف الناتو، والحليفة لعدد من الدول الأوروبية، بالدولة الصغيرة في الشرق الأوسط التي فرضت عليها الرياض حصارا في حزيران/ يونيو الماضي".
ويقول الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن اعتقال سمر بدوي، شقيقة المدون رائف، في الأسبوع الماضي، دفع وزارة الخارجية لنشر بيان باللغة العربية على حسابها في (تويتر)، حثت فيه "السلطات السعودية على الإفراج عنها حالا"، إلى جانب الناشطة نسيمة السادة.
ويشير خاشقجي إلى أن هذه التغريدة هي التي أدت إلى غضب السعوديين، ودفعتهم لاتخاذ فعل، فاستدعت السعودية سفيرها من أوتاوا، وجمدت العلاقات التجارية بين البلدين، وسحبت المبتعثين السعوديين في المدارس والجامعات الكندية، بل إنها ألغت الرحلات الجوية بين السعودية وتورنتو.
ويلفت الكاتب إلى أنه عندما نشرت السفارة الكندية في الرياض تغريدة وزارة الخارجية، فإن المسؤولين في السعودية اعتبروها تحديا للسيادة الوطنية، وذلك في رسائلهم على وسائل التواصل الاجتماعي، التي تحولت إلى ساحة للسيطرة على الرأي العام، والترويج للقومية المفرطة.
ويبين خاشقجي أن "ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يكشف أنه لن يتسامح مع أي معارضة علنية لسياساته المحلية، حتى إبداء المعارضة للاعتقالات العقابية الفاضحة للنساء الداعيات للإصلاح".
ويقول الكاتب إن "على الغرب ألا يتجاهل انتهاكات حقوق الإنسان في العالم العربي، إلا أن الموقف اللاإبالي من وحشية الأنظمة العربية في سوريا ومصر -حيث قتل وسجن مئات الآلاف- شجع على انتشار الحكم الشمولي في بلدان كانت لديها شهية مقيدة لممارسة هذه السياسات".
ويضيف خاشقجي: "لا يفهم المواطنون السعوديون في الوقت الحالي المنطق وراء موجات الاعتقالات، فقد أجبرت الاعتقالات العشوائية الكثيرين منهم على الصمت، فيما غادر عدد آخر وبهدوء البلاد، وبالنسبة للرياض فإن الدفاع القوي عن سيادة المملكة يعني تبني إجراءات عقابية ضد المنظمات غير الحكومية العابرة للحدود والدول التي تدعمها".
ويؤكد الكاتب أن "هناك طرقا أخرى يمكن للسعودية من خلالها تجنب النقد الغربي لها، من خلال الإفراج عن ناشطي حقوق الإنسان، ووقف عمليات الاعتقال غير الضرورية، التي شوهت صورة السعودية، ولو فعلت هذا فإنها ستنقذ ما تبقى من سمعة لولي العهد، الذي عمل جاهدا على بنائها أثناء جولته في أوروبا والولايات المتحدة بداية هذا العام".
ويجد خاشقجي أن "السعودية لا تستطيع تحمل تنفير دول أخرى في المجتمع الدولي، خاصة أنها تقوم بحملة عسكرية في اليمن، وفي مواجهة غير مباشرة مع إيران، وعلاوة على هذا فإن خطة التحول الاقتصادي في السعودية تحتاج لأصدقاء كثر لا أعداء".
ويرى الكاتب أنه "حتى يحقق محمد بن سلمان خطة التحول الاقتصادي، التي دعا إليها أثناء جولته، فهو بحاجة إلى استخدام الطرق والأساليب التي تعود عليها المسثتمرون، فلو خاف المديرون التنفيذيون من انعكاسات لنقدهم على تجارتهم، فإن الخطة الجديدة ستكون في حالة خطيرة".
ويقول خاشقجي: "بدلا من الهجوم على كندا ألا يحق لنا التساؤل عن السبب الذي دفع كندا المحبة للسلام للتحرك ضدنا؟ وعلينا نحن السعوديون النظر إلى الصورة الأوسع، فقد رفعت كندا الراية ضد انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية، وبالتأكيد فنحن لا نستطيع اعتقال الناشطات بطريقة عشوائية، ونتوقع من العالم أن يغض الطرف".
ويضيف الكاتب: "يجب ألا يوجه النقد للسعودية فقط، فهناك انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في دول شرق أوسطية أخرى، ففي مصر مثلا هناك 60 ألف سجين من المعارضة، ويجب توجيه النقد لها، ويجب التركيز على قتل المدنيين الأبرياء في سوريا واليمن، ليس لأن النقد غير عادل للسعودية، بل لأن الفشل في توجيه النقد يخلق جوا يعزز من قوة الديكتاتوريين، ويدفعهم لحرمان مواطنيهم من الحقوق المدنية".
ويختم خاشقجي مقاله بالقول: "يشعر الكثير من العرب، الذين يبحثون عن الحرية والمساواة والديمقراطية، بحس الهزيمة، حيث صورهم الإعلام المؤيد للحكومة بالخونة، وتخلى عنهم المجتمع الدولي، وعليه فإن موقف كندا يجدد آمالهم بأن هناك من يهتم بأمرهم".
فايننشال تايمز: هجمة الرياض على كندا تصدم الغرب.. هكذا قرأتها
واشنطن بوست: الأزمة مع كندا تكشف عن ضعف ابن سلمان
وول ستريت: كيف تعقد الأزمة مع كندا إصلاح اقتصاد السعودية؟