كشف إعلاميون وسياسيون مصريون أن الأشهر القادمة سوف تشهد تغيرا كبيرا في الخريطة الإعلامية، ليس على صعيد الفضائيات وبرامجها فقط وإنما الصحف القومية والمستقلة كذلك.
وأكدوا أن جلسات عديدة عقدتها أجهزة أمنية معنية بأمور الإعلام مع عدد من الخبراء والمختصين لرسم الخريطة الإعلامية في الفترة المقبلة تحت هدف واحد وهو تقليل المساحة السياسية لحساب الرياضة والفن والموضوعات الاجتماعية.
ووفقا لمن تحدثوا لـ"عربي21" فإن برامج "التوك شو" ذات المحتوي السياسي ستكون البداية في خطة خلق إعلام مصري منزوع الدسم، حيث سيتم التركيز على عدد محدد من البرامج لإعلاميين ذات تبعية قوية للأجهزة الأمنية أبرزها برنامج "على مسؤوليتي" لأحمد موسي المذاع على فضائية صدى البلد، و"مساء dmc" لأسامة كمال بفضائية "دي إم سي"، والعاشرة مساء بقناة دريم والذي يقدمه وائل الإبراشي، وما زال الجدل دائرا حول استمرار برنامج "هُنا العاصمة" بقناة "cbc" الذي تقدمه لميس الحديدي الغائبة منذ شهر رمضان تحت مبرر إجازتها السنوية.
وتحتل البرامج المسائية "للتوك شو" 30 ساعة بث يوميا على 13 محطة فضائية يقدمها أكثر من عشرين مذيعاً ومذيعة، بخلاف "التوك شو" الاجتماعي الذي بات مفضلا لإعلاميين بارزين هربوا من ضغوط السياسة إلى حكايات الفنانين.
وقال خبير الإعلام يحيى عبد الهادي لـ "عربي21" أن الخريطة الإعلامية سوف تشهد تغيرا كبيرا خلال المرحلة المقبلة لعدة أسباب؛ منها ما هو متعلق بتوجهات الدولة، ومنها المتعلق بمشاكل يعانيها الإعلام المصري خلال الفترة الماضية، سواء كانت سياسية أم اقتصادية.
اقرأ أيضا: ما سر استغناء السيسي عن أذرعه الإعلامية.. ودور المخابرات؟
وأضاف عبد الهادي الذي عمل مستشارا لعدد من المؤسات الإعلامية المصرية، أن نظام السيسي يسعى لتقليل الدسم السياسي، الذي مثل له مشكلة رغم سيطرته شبه الكاملة على الإعلام الرسمي والخاص بمختلف أشكاله، لافتا إلى أن توجهات الدولة في الفترة المقبلة هي أن يبتعد الناس عن السياسة، وإن لم يستطيعوا فإن السياسة هي التي سوف تبتعد عنهم.
وأكد الخبير الإعلامي أن الأجهزة الأمنية ممثلة في جهازي المخابرات العامة والحربية أصبحت الآن تحت مظلة وإدارة واحدة من خلال رئيس المخابرات عباس كامل، موضحا أن هذه الأجهزة قامت بالسيطرة على وسائل الإعلام غير المملوكة للدولة من خلال شركتي فالكون وإيغل كابتل وإعلام المصريين، وعدد آخر من وكالات الإعلانات التي تمثل المورد الأساسي للإعلام المصري، وهو ما أفقده المنافسة بين القنوات الفضائية، ولم يجعل هناك فارقا بين قناة وأخرى.
وحول تقليل برامج "التوك شو" السياسية يرى عبد الهادي أن هذه البرامج تمثل صداعا للنظام أكثر من المعارضة الأخرىي، لأنها تقوم بتوضيح عجز وفشل الحكومة بحكم الموضوعات والقضايا والأحداث اليومية التي لا يمكن تجاهلها، وبالتالي فهي ضد سياسات رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي الذي يريد فرض صورة ذهنية بأنه يحقق الإنجازات الواحدة تلو الأخرى ولكن المواطن هو الذي لا يريد أن يرى ذلك.
وأشار عبد الهادي إلى أن التوجهات خلال الفترة المقبلة هي أن تكتفي كل قناة ببرنامج "توك شو" واحد، وفي حالة دمج القنوات طبقا لخريطة الملاك الجدد، فإن هذا معناه اختفاء قنوات بكاملها من الخريطة، وهو ما سيؤثر بالتبعية على البرامج السياسية.
اقرأ أيضا: لماذا تأخر إطلاق قناة "السيسي" الإخبارية.. ومن يمولها؟
وقال المتخصص في علم الاجتماع السياسي سيف المرصفاوي لـ "عربي21" إن تقليل مساحات البرامج السياسية لحساب البرامج الرياضية والترفيهية والاجتماعية، مخطط قديم بدأ مع تثبيت الانقلاب لنظامه السياسي، وهو ما تمثل في تحول عدد من الإعلاميين الذين لعبوا دورا بارزا في تأليب الشارع المصري ضد الرئيس محمد مرسي وثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، إلى البرامج الاجتماعية والترفيهية، كما حدث مع منى الشاذلي وعمرو الليثي.
ويري المرصفاوي أن عدم وجود تمويل سياسي سواء من دول أو منظمات أو رجال أعمال للقنوات والبرامج السياسية يمثل أحد أهم الأسباب في الاستغناء عن برامج "التوك شو" السياسية، لأنها بدون هذا التمويل لن تحقق أي مكاسب مادية، بخلاف البرامج الرياضية والترفيهية التي تحظى بنسبة إعلانات كبيرة، وبالتالي فإن خروج التمويل السياسي من المعادلة وتراجع إنفاق الدولة يعني منح شهادة الوفاة للبرامج السياسية سواء كانت حوارية أو جماعية، باعتبارها الأضعف في المنظومة حتى لو كانت الأعلى صوتا.
وأضاف المرصفاوي أن استحواذ الأجهزة الأمنية على وسائل الإعلام أفقدها التنوع والمنافسة، فأصبحت البرامج تكرارا لبعضها البعض، في الأفكار والضيوف، ما أفقد صناعة الإعلام أحد أهم مميزاتها التي تمتعت بها خلال الفترة من 2005 وحتى 2013 وهو المنافسة والتنوع، سواء في المحتوى أو المذيعين والضيوف، وحتى ساعات البث في التوقيت والمساحة.
وتابع: "السيسي لديه قناعة بأن الإعلام المصري رغم ما حصل عليه من دعم مادي وسياسي فشل في مواجهة ما يسميه بإعلام الإخوان المسلمين، كما أنه يرى أن كل هذه القنوات لم تستطيع أن تواجه قناة واحدة مثل الجزيرة القطرية، وبالتالي فإن التخلص منها سيكون له الكثير من الفوائد".
مركز العلاقات المصرية الأمريكية يعلن دعم مبادرة "مرزوق"
بلاغ ضد دبلوماسي مصري سابق طرح مبادرة عبر "عربي21"
انتقادات قانونية وسياسية لإحالة 75 للمفتي بقضية فض رابعة