انتهى يوم الأحد الماضي المؤتمر الوطني السادس للشباب، الذي يرعاه قائد الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي، بعد أن استمرت أعماله على مدار يومين بحضور نحو 3 آلاف شاب وعشرات الوزراء والمسؤولين ورجال الأعمال، لمناقشة عدد من القضايا والمشاكل التي تواجه البلاد، والخروج بعدد من التوصيات والقرارات في نهاية المؤتمر.
وخلال المؤتمر الذي استضافته جامعة القاهرة، واصل السيسي إطلاق تصريحاته المثيرة للجدل، وواصل الدفاع عن سياساته الاقتصادية والسياسية، ورفض توجيه أي نقد له.
وكان أول مؤتمرات الشباب التي نظمها عبد الفتاح السيسي انعقد في مدينة شرم الشيخ، في تشرين الأول/ أكتوبر 2016، ثم توالى تنظيم المؤتمرات بحضور الشباب ومسؤولي الدولة.
وأثار هذا التقليد تساؤلات حول أسباب حرص السيسي على تنظيم مؤتمرات الشباب بشكل دوري، وعن كيفية اختيار الشباب الذين يحضرون تلك المؤتمرات، وهل يصدق الشباب المصري اهتمام السيسي بهم وبقضاياهم.
أعدم انطلق
ومنذ انتهاء المؤتمر، واصل كثير من النشطاء سخريتهم من الشعارات المصاحبة له، خاصة وأنه تزامن مع الحكم بإحالة أوراق 75 شخصا إلى المفتي في القضية المعروفة إعلامياً بـ "فض اعتصام رابعة"، فاستبدل البعض شعار المؤتمر #ابدع_انطلق" بـ "اعدم.. انطلق".
كما قارن كثيرون بين الشباب الذي تواجد بالمؤتمر بجوار السيسي، وبين آلاف الشباب المعتقلين من كافة التيارات السياسية، ونشروا صورا للمعتقلين المكدسين في الزنازين مقارنة بشباب السيسي الذي يضحكون في المؤتمر على تعليقاته الساخرة.
وفيما احتفل عدد من الشباب المقريين من النظام بحضورهم المؤتمر والتقاط الصور مع السيسي، شن نشطاء حملة ضدهم بأن نشروا حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وطلبوا من زملائهم توجيه رسائل لهم بأنهم وصوليون ومنافقون، وأنهم باعوا ضمائرهم طمعا في منصب مستقبلي.
من جانبه، قال رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي مدحت الزاهد، عبر "فيسبوك"، إن المؤتمر لم يعكس تمثيلا عادلا للشباب بتنوعاته المختلفة، حيث اقتصر الحضور على شباب النخبة ورجال الأعمال المقربين من النظام.
وتابع بأن المؤتمر اختار عنوانا له، وهو "بناء الشخصية المصرية"، لكنه لم يتعرض لأهم محاور هذا البناء، وهي الحرية والعدالة والكرامة، ولم يناقش المؤتمر أزمة إغلاق المجال العام، وتقييد الحريات، وهيمنة الأجهزة الأمنية على منابر التعبير الحر، والعصف بمبدأ توازن السلطات، وكان طبيعيا تبعا لذلك ألا يتطرق إلى قضايا الفقر والبطالة، وهجرة الشباب، والإحباط، وارتفاع معدلات الانتحار بينهم.
أما أستاذ فلسفة القانون بجامعة الزقازيق نور فرحات، فرد عبر "فيسبوك" على السيسي بقوله: "كثير من المصريين مقتنعون أن سياساتك لن تخرج مصر من أزماتها، بل على يقين أنها ستزيد الأزمات، وستغرق مصر في الديون، وأنت لا تريد سماع وجهة النظر الأخرى، وتعتبر كلامك فقط هو عنوان الحقيقة، وتودع في السجن كل من يعارضك".
قنابل موقوتة
وتعليقا على هذا الموضوع، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة أسيوط، عبد الخبير عطا، إن الشباب في مصر يعيشون في أزمة خانقة وخلاف مستفحل مع النظام منذ أكثر من خمس سنوات، موضحا أن نتائج هذه الأزمة ظهرت في عزوفهم عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
وأكد عطا، في تصريحات لـ"عربي21"، أن الانتماء الوطني قل بدرجة "مخيفة" لدى الشباب المصري، حيث أصبحت الهجرة إلى الخارج حلم كل شاب، مضيفا أن الغالبية العظمى من المصريين هم من الشباب، ومع ذلك يشعرون بأنهم لا قيمة لهم في المجتمع، ويمكن ملاحظة هذا بوضوح عبر آراء الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأوضح أن المجموعة التي تحضر المؤتمرات الرئاسية لا تمثل الشباب المصري على الإطلاق، بل هم مجموعة من المؤيدين للنظام الطامعين في مناصب ومكاسب مستقبلية، عبر تقربهم من دوائر صنع القرار، مضيفا أن المؤتمر الأخير حضره قرابة 3 آلاف شاب، كما أعلنت الرئاسة، لكن لو استعرضنا أسماءهم سنجد أن الغالبية العظمى منهم كانوا حاضرين في المؤتمرات الخمسة السابقة.
وأكد أن الشباب الذين يحضرون هذه المؤتمرات يتم اختيارهم وفقا لمبدأ الولاء والثقة وليس الكفاءة، ويخضعون لعملية "فلترة" على المستوى الأمني والسياسي، حتى لا يتسببوا في أي حرج للنظام أثناء حضورهم اللقاءات مع رئيس الجمهورية، لافتا إلى أنه لا يوجد أي تغيير في طريقة إدارة الدولة قبل المؤتمر أو بعده، وإنما يقيم النظام هذه المؤتمرات حتى يبدو ينفي وجود خصومة بينه وبين الشباب.
وحول التوصيات التي تصدر عن هذه المؤتمرات الشبابية المتتالية، قال عطا إن الشباب شبع من الوعود المعسولة، ويريد وظيفة توفر له دخل مناسب ليبدأ حياته بكرامة، ويريد حرية للتعبير عن رأيه، دون أن يجد نفسه ملقى في السجن بسبب تعليق على "فيسبوك"، محذرا من أي مسكنات لن تهدئ الشباب الغاضب الذي تحول إلى قنبلة موقوتة قد تنفجر في وجه الجميع في أي وقت.
شطب 6 ملايين من بطاقات التموين.. هل بدأ إلغاء الدعم بمصر؟!
قناة تركية: سفيرة مصرية هددت أنقرة باستخدام القوة العسكرية
الحرب بين سلفيي مصر.. سباق على الزعامة أم بداية للتصفية؟