اعترفت
الحكومة المصرية بارتفاع معدلات تعاطي المخدرات في البلاد بين المراهقين والشباب
بنسب غير مسبوقة فاقت بكثير المعدلات العالمية.
وقالت
وزيرة التضامن الاجتماعي غادة والي، إن نسبة تعاطي المخدرات في مصر بين الفئة العمرية
من 15 إلى 65 سنة وصلت إلى 10%، وهي ضعف المعدل العالمي البالغ 5%، وذلك وفقا لآخر
مسح قومي تم إعداده عام 2014، كما وصلت نسبة التعاطي بين بعض الفئات مثل السائقين
إلى 24% والحرفيين 19% وطلبة المدارس الثانوية 7,7%.
وأوضحت
الوزيرة، خلال ترأسها لاجتماع مجلس إدارة صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي
الأسبوع الماضي، أن الجريمة في مصر ارتبطت بشكل كبير بتعاطي المخدرات، لافتة إلى
أن نسبة ارتكاب الجريمة تحت تأثير المخدرات وصلت إلى 79% بين نزلاء إحدى المؤسسات العقابية.
"أوعى تجرب"
وقالت
غادة والي إنه بناء على هذه الأرقام الصادمة، تم وضع خطة قومية لمكافحة تعاطي المخدرات،
مشيرة إلى أنه تم خلال العام الماضي 2017 / 2018 تنفيذ برامج توعوية عن أضرار تعاطي المخدرات في 6500 مدرسة ومركز شباب وتدريب 4 آلاف كادر في مجال خفض الطلب على المخدرات.
وأشارت
إلى أن الخط الساخن لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، استقبل خلال عام 104 ألف
مريض خلال عام 2017، كما تم زيادة عدد المراكز العلاجية إلى 22 مركزا، كما تم دعم مشروعات
صغيرة للمتعافين من تعاطي المخدرات، بالتعاون مع بنك ناصر الاجتماعي، من خلال توفير قروض
بقيمة 1.2مليون جنيه حتى الآن.
وأعلنت
إطلاق حملة جديدة مطلع آب/ أغسطس المقبل للحد من ظاهرة تعاطي المخدرات بالمدن الساحلية
الأكثر عرضة لانتشار المخدرات في أثناء قضاء العطلات الصيفية بعنوان "أوعى
تجرب"، تستهدف أكثر من 10 آلاف زائر للمناطق الساحلية والمصطافين على الشواطئ.
وعقدت
الوزيرة اجتماعا آخر مع مسؤولي القنوات الفضائية وشركات الإنتاج الدرامي لحثهم على
التناول الرشيد لقضية التدخين وتعاطي المخدرات، وعدم الترويج للتعاطي في الأعمال الدرامية
في الفترة المقبلة.
وأوضحت
أن الاجتماع جاء بناء على نتائج المرصد الإعلامي لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان، التي
أشارت إلى أن كثيرا من الأعمال الدرامية على مدار السنوات الأربع الماضية، عرضت ظاهرة
تعاطي المخدرات دون التطرق للآثار السلبية
لها.
وأشارت
الوزيرة إلى التأثير القوي للدراما في تشكيل وعي واتجاهات الأطفال والمراهقين حول قضية
التدخين والمخدرات، مضيفة أن المرصد سجل 8849 مشهدا للتدخين والمخدرات خلال السنوات
الأربع الماضية بإجمالي 213 ساعة، وهو ما يشكل 11% من المساحة الزمنية للدراما خلال
هذه الفترة.
"الواقع
أسوأ بكثير"
وتعليقا
على هذه القضية قالت أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس هند زكريا، إن الإحصائيات التي
تصدرها الجهات الرسمية في مصر عن الظواهر السلبية بالمجتمع عادة ما تكون غير
صحيحة، موضحة أن الحكومات المتعاقبة اعتادت منذ عقود التقليل من الأرقام السلبية، كما
تفعل مع التقرير السنوي عن أعداد الجرائم التي ترتكب في البلاد، الذي ترفض وزارة
الداخلية الكشف عن تفاصيله باعتباره مسألة أمن قومي.
وأضافت
زكريا، في تصريحات لـ "عربي21"، أن ظاهرة تعاطي المخدرات تفاقمت في المجتمع
المصري بشكل واضح في السنوات العشر الأخيرة، لعدة أسباب تساهم مجتمعة في التدهور الأخلاقي
والقيمي الذي تمر به البلاد.
وأوضحت
أن كثيرا من المصريين لجؤوا إلى المخدرات هربا من الواقع الذي يعيشون فيه، لأنهم لا
يشعرون بأن لهم قيمة في المجتمع، فضلا عن انتشار الإحساس بالإحباط والتشاؤم إزاء المستقبل
في أوساط الشباب، كما أن الغالبية العظمى من المصريين أصبحوا غير سعداء، وهذا يمكن
اكتشافه بسهولة إذا نظرت في وجوه الناس في الشوارع، وهؤلاء يبحثون عن السعادة في الواقع
الوهمي الذي ترسمه المخدرات، حسب قولها.
وأكدت
أستاذة علم الاجتماع أن التغيرات الاجتماعية والاقتصادية الكبيرة التي تمر بها مصر
مؤخرا، أدت إلى تآكل كبير في الطبقة الوسطى في المجتمع وانقسامه إلى طبقة ثرية وأخرى
فقيرة، وهو ما يؤدي إلى زيادة معدلات تعاطي المخدرات بشكل عام"، موضحة
أن "الأثرياء يتعاطون المخدرات بحثا عن النشوة والسعادة، أما الفقراء فيتعاطونها هربا
من الواقع الصعب الذي يعيشون فيه".
وأضافت: "كثير من الفتيات والمراهقات اتجهن إلى التدخين وتعاطي المخدرات، وهن
يفعلن ذلك بدافع التمرد على العادات والتقاليد وإثبات أنهن متساويات مع الذكور".
وعن
طرق مواجهة انتشار المخدرات أشارت زكريا إلى أهمية تدريب وتوعية الأهالي والمسؤولين
بالمدارس الثانوية عن أسباب اتجاه المراهقين إلى التعاطي، مشيرة إلى أنه في مجتمع الشباب
يوجد ما يعرف بـ"جماعات الرفاق" التي تشجع أعضاءها على تجربة الأشياء
الجديدة، ومن بينها المخدرات وتضفي على التعاطي جوا من المتعة والنشوة.
ناشطون يهاجمون تعديلات "قانون بيع الجنسية" في مصر
كيف أصبحت مصر من أسوأ الدول في "انتشار القمامة"؟
هل أصبح الانتحار أداة المصريين للتعبير عن واقعهم السياسي؟