قال مركز كارنيغي للشرق الأوسط إن رزمة
المساعدات الأخيرة، التي قدمتها
السعودية والإمارات ستترافق مع شروط سياسية لا تجعل
أمام عمّان خيارات كثيرة، سوى تقديم تنازلات سياسية مقابل معونة ماسة.
وأوضح المركز في تقرير لمحللي شؤون الشرق
الأوسط راشيل فورلو
وسالفاتور بورغونيون، أن بلدان الخليج خاصة السعودية والإمارات، تتجه لاعتماد سياسة
إقليمية أكثر عدوانية، وغالب الظن أن المساعدات الأخيرة للأردن مترافقة بشروط
سياسية.
ولفت التقرير إلى أن بلدان الخليج ترى "في الأردن عموداً فقرياً في استراتيجيتها
الإسرائيلية الفلسطينية للحل، وحليفاً محتملاً في الأزمة الخليجية الراهنة مع قطر، وفي
مواجهة الضغوط الاقتصادية المتنامية في الداخل".
وشدد على أن رزمة المساعدات الخليجية لا تقدم مساعدات مباشرة، ولا دعما
شاملا طويل الأمد ويمكن سحبها في أي وقت، وتتألف من
قروض على شكل ودائع، ومن ضمانات قروض من البنك الدولي، ودعم سنوي للموازنة، وتمويل
للاستثمارات في البنى التحتية.
وأشار التقرير إلى أنه يمكن استخدام
هذين النوعين من القروض كـ"ورقة ضاغطة لانتزاع تنازلات سياسية، وهذا احتمالٌ
قائم بشدّة مع ابتعاد السياسة الخارجية الأردنية، باطراد عن الخط السعودي
الإماراتي".
وقال إن المسؤولين الأردنيين رأوا في عدم تجديد السعودية، رزمة المساعدات
الخليجية التي أقرت لمدة 5 سنوات منذ عام 2012 "بمثابة عقاب لبلادهم، بسبب
مواقفها المعارضة لمواقف السعودية بشأن استمرار دعم قيام دولة فلسطينية، وفشل حظر
الإخوان المسلمين، ورفض عمان قطع العلاقات مع قطر".
ولفت التقرير إلى حديث العاهل الأردني عبد الله الثاني، عن ضغوطات
مالية تتعرض لها المملكة للتوقف عن الاعتراض على نقل السفارة الأمريكية لمدينة
القدس المحتلة، وسط تعمق الأزمة القطرية.
ورأى أن الكتلة المشكلة من السعودية والإمارات بات لديها دافع أكبر، لاستخدام رزمة المساعدات المقدمة للأردن لاستغلال حالة عدم الاستقرار التي يمر بها، وتكبيل عمّان عن التصرف بشكل مستقل عن مانحيها.
وأضاف: "في الأشهر الأخيرة سرت شائعات بأن
بلدان الخليج العربي، تنشط أكثر في دعم تطلعات إدارة ترامب إلى التوصل إلى اتفاق
سلام بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية، أملاً بأن يتيح لها ذلك الحصول على مساعدات
أميركية، وربما إسرائيلية، من أجل التصدّي لإيران".
وتابع التقرير: "لكن الأردن بصفته الوصي
على الأماكن المقدسة في القدس كما أنه يؤوي الملايين من فلسطينيي الشتات، ويقع
بجوار إسرائيل والأراضي الفلسطينية، يعد طرفاً أساسياً في أي اتفاق يجري التوصل
إليه في المستقبل علاوةً على ذلك تتطلع السعودية إلى انتزاع الوصاية، على الأماكن
المقدسة في القدس من الأردن، كوسيلة لتسهيل التوصل إلى اتفاق سلام بقيادة إدارة
ترامب".
وقال إن الحكومة الأردنية وفق ما أُفيد "أبدت
قلقاً متزايداً من إقدام السعودية على توسيع روابطها التجارية والدينية في القدس،
ورفضها لممارسة الأردن دوره كوصي على هذه المواقع في الأشهر الأخيرة، وكذلك من
المشاحنات الدبلوماسية المتعددة مع الرياض على خلفية مسألة القدس".
ورأى التقرير أن الرياض وأبو ظبي سوف تستخدمان رزمة المساعدات الأخيرة، كورقة ضغط لإرغام الأردن على اتخاذ مواقف منسجمة، مع توجهاتهما خاصة في ملف حصار
قطر.
وفي المقابل أكد على أن الأنظمة الملكية في
الخليج، لن تسمح لنظام ملكي زميل يحتل موقعا استراتيجيا مثل الأردن بالانهيار، إلا
أن رزمة المساعدات السخية التي تقدمها تلك البلدان لن تشتري لها الاستقرار لكن
أيضا تشكل أوراقا ضاغطة.
وعلى الرغم من اعتماد الحكومة الأردنية على المساعدات الخارجية وتأجيل
الإصلاحات بسبب الاحتجاجات الشعبية إلا أن القبول برزمة المساعدات الخليجية مع كل
ما يترافق معها من تنازلات محتملة في السياسة الخارجية سيؤدي إلى تفاقم الاضطرابات
وإعادة تقييم شاملة للعلاقات الخاجية ويدفعها للحياد الذي أتاح لها الصمود في وجه
عواصف سياسية إقليمية بحسب التقرير.