يكابد اللاجئون الفلسطينيون في سوريا تغييرات جذرية أثرت على توزيعهم وتعدادهم في مخيمات اللجوء المنتشرة داخل الأراضي السورية، بفعل الأزمة الدائرة منذ 2011، والتي انعكست عليهم سلبا، وتسببت في هجرة آلاف منهم، فضلا عن قتل واعتقال آلاف آخرين.
ومع تقلص أعداد اللاجئين الفلسطينيين في سوريا بفعل الحرب المستعرة سواء في داخل سوريا أو في دول أخرى، تبرز تساؤلات عن مصير المخيمات، وموقع اللاجئين الفلسطينيين من أي تسوية للأزمة السورية، خاصة بعد طرح مقترحات روسية لتنظيم عودة اللاجئين السوريين إلى المناطق التي "حررها" النظام.
ويبلغ تعداد اللاجئين الفلسطينيين في سوريا قبل الأزمة، نحو 560 ألف لاجئ، ويتوزعون على ست محافظات، إلا أن الكتلة الأكبر من اللاجئين توجد في دمشق وتحديدا في مخيم اليرموك الذي يعد عاصمة الشتات الفلسطيني، ويبلغ تعدادهم فيه حوالي مئتي ألف لاجئ فلسطيني. بحسب إحصائية لمجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا.
وأدت الحرب في سوريا إلى تشريد نحو مئتي ألف لاجئ فلسطيني، وبحسب تقديرات؛ فإن نحو 80 ألف غادروا نحو دول أوروبا، فيما توزع نحو 10 آلاف في تركيا، وعشرة أخرى في الأردن، وتشرد حوالي 30 ألفا في لبنان.
الباحث المتخصص في شؤون اللاجئين الفلسطينيين طارق حمود رأى أن أعدادا قليلة من اللاجئين المشردين خارج سوريا قد يتمكنون من العودة، بفعل وجود خطر على حياتهم من ملاحقة قوات النظام، وعدم وجود ضمانات حقيقية، خاصة بعد أن اتهم النظام عددا كبيرا منهم بوقوفه إلى جانب المعارضة المسلحة.
وأشار حمود في حديث لـ"عربي21" إلى أن كثيرا من اللاجئين قد لا يستطيعون العودة أيضا إما بسبب ارتباطهم بقضايا قانونية كخدمة العلم وغيرها، أو بسبب انتهاء أوراقهم الثبوتية وتعذر تجديدها كونهم غير متواجدين على الأراضي السورية.
اقرأ أيضا: مخيم اليرموك.. رمز لمأساة اللجوء الفلسطيني ووحشية الحرب
ولفت الباحث إلى استراتيجية ينتهجها النظام تهدف إلى تفريغ المدن الكبرى خاصة العاصمة دمشق من اللاجئين الفلسطينيين، على أن يعاد توزيعهم على الأطراف، مدللا على ذلك بما يحدث في مخيم اليرموك الذي هدم بالكامل جراء الحرب، حيث يسعى النظام لتوزيع لاجئيه خارج المخيم.
واستطرد الباحث قائلا: "قضية اللاجئين يفترض ألا تشكل عبئا على النظام بحكم أن الأعداد نسبيا قليلة لأن الحديث هنا يدور عن 300 إلى 400 ألف لاجئ فقط، وتوزيعهم متاح في ظل الحالة السورية العامة لحل الأزمة". مستدركا بالقول: "أنا مقتنع أن هناك إعادة توزيع ديمغرافي للوجود الفلسطيني لأن التخلص تماما من الوجود الفلسطيني في سوريا أمر ليس سهلا، وتفسير المشهد الفلسطيني في سوريا يتماشى إلى حد كبير مع المصير السوري بشكل عام".
ورأى حمود أن الوجود الفلسطيني في سوريا ما زال حاجة وغرضا للنظام، في ظل ما يعلن من أنه لا يزال يتبنى خط الممانعة والمقاومة وهذا بالتأكيد يحتاج إلى محور ارتكاز فلسطيني سواء في داخل سوريا أو خارجها.
من جهته قال الباحث وعضو مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا إن قضية عودة اللاجئين إلى مخيمات سوريا ضبابية وغير واضحة، خاصة مع عدم وجود آليات لتنفيذها.
وقال محمود زغموت لـ"عربي21"، إن المخيمات في سوريا تعرضت لنكبات كبرى خاصة مخيم اليرموك محذرا من إنهاء وجود المخيم، أو تقليص مساحته، على أن يعود إليه عدد قليل فقط ممن يقبلون بظروف العودة الحالية.
اقرأ أيضا: مخيمات روسية لـ"اللاجئين" السوريين الراغبين بالعودة
ولفت إلى أن منظمة التحرير بدأت بالفعل بالدعوة إلى عودة اللاجئين الفلسطينيين طوعيا إلى مخيمات سوريا، حيث يجري تسجيل أسماء الراغبين في السفارة الفلسطينية في لبنان.
لكنه حذر من عدم وجود ضمانات أمنية خشية من بطش النظام، إضافة إلى عدم توفر الأرضية المناسبة للعودة من ناحية البنية التحتية حيث دمرت العديد من المخيمات لا سيما مخيم اليرموك.
ما الذي يؤخر حسم نظام الأسد لمعركته مع "داعش" بالجنوب؟
هكذا سيستفيد نظام الأسد سياسيا واقتصاديا من معبر نصيب
تحذيرات متتالية.. هل تنجح تركيا في إبعاد شبح الحرب عن إدلب؟