نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمدير مكتبها في واشنطن، ديفيد سميث، يقول فيه إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتهم ناقديه بأنهم مصابون بما سماه "متلازمة جنون ترامب"، في وقت تستمر فيه موجة النقد اللاذع لقمته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ويقول سميث إن الرئيس قد يكون نادما على تراجعه الجزئي عن مقارنته الأخلاقية بين مخابرات الكرملين والمخابرات الأمريكية، وهي المقارنة التي تسببت باتهامه بالخيانة، مشيرا إلى أن ترامب غرد يوم الأربعاء، قائلا: "بعض الناس يكرهون حقيقة أنني تماشيت بشكل جيد مع الرئيس الروسي بوتين.. إنهم يفضلون الحرب على رؤية هذا الأمر، إنها تسمى متلازمة جنون ترامب".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن تعبير "متلازمة جنون ترامب" ظهر في مقال في صحيفة "نيويورك تايمز" للسيناتور راند بول، المعروف بأن الرئيس ترامب يتابع مقالاته، حيث دافع عن قمة ترامب مع الرئيس الروسي
وتلفت الصحيفة إلى أن تغريدة ترامب كانت واحدة من عدة تغريدات للدفاع عن الطريقة التي تعامل فيها مع الاجتماع، حيث كتب في تغريدة أخرى: "كثير من الناس يملكون مستويات عليا من الذكاء أحبوا مؤتمري الصحافي وأدائي في هلسنكي، وناقشت أنا وبوتين مواضيع مهمة كثيرة في اجتماعنا الذي سبقه، وتماشينا معا بكشل جيد، وهو ما أزعج الكثير من الكارهين، الذين أرادوا أن يشاهدوا مباراة ملاكمة، نتائج كبيرة ستأتي!"
ويورد الكاتب نقلا عن ترامب قوله في مؤتمر هلسنكي بينما كان بوتين يقف إلى جانبه: "أتاني من حولي وقالوا إنهم يظنون أنها روسيا (التي تدخلت في الانتخابات)، ولدي الرئيس بوتين، وهو قال لي للتو إنها ليست روسيا، وأنا أقول لا أرى سببا لأن تكون روسيا".
وينوه التقرير إلى أن ترامب ألقى باللوم على ضعفه بالقواعد بعد أن عاد إلى البيت الأبيض يوم الثلاثاء، فقال: "إن العبارة كان يجب أن تكون: (لا أرى سببا لئلا تكون روسيا) أقصد نفيا مزدوجا، فيمكنك إضافة هذا، وأظن أن ذلك ربما يوضح الأمور بشكل جيد".
وتبين الصحيفة أنه بالنسبة لترامب، فإن هذا النوع من التراجع قليل، لكنه معروف، فحاول العام الماضي أن يلوم الجانبين في الهجوم القاتل الذي قام به عنصريون بيض ضد ناشطين من تشارلوتسفيل في فرجينيا، وحاول بعد ذلك التراجع، لكنه عاد لموقفه الأصلي.
ويقول سميث إنه "في وقت أقرب قام ترامب بتوقيع أمر تنفيذي لإنهاء سياسة فصل المهاجرين دون وثائق على الحدود المكسيكية عن أطفالهم، لكن لم يظهر في تعليقاته بعد ذلك أي ندم، ويبقى أن نرى إن كان اعتذاره لتيريزا ماي حول الإساءة لها في مقابلته مع صحيفة (الصن) سيستمر طويلا أم لا".
وبحسب التقرير، فإن آخر تراجع لترامب جاء بعد أن غادر فنلندا بشعور المنتصر، ثم غضب وشعر بالإحراج بعد أن شاهد ردة الفعل على التلفاز في طائرته.
وتكشف الصحيفة عن أن رئيس موظفي البيت الأبيض، جون كيلي، قال لترامب بأن ما حصل سينعكس عليه سلبا من وجهة نظر المحقق الخاص روبرت مولر، الذي يحقق في تواطؤ مزعوم بين حملته الانتخابية وموسكو، بحسب ما ذكرته مجلة "فانيتي فير"، التي نقلت عن ثلاثة مصادر لم تسمها، وقال تقريرها: "ذهب كيلي إلى الجمهوريين في كابيتول هيل (الكونغرس)، وأعطاهم الضوء الأخضر بانتقاد ترامب".
ويفيد الكاتب بأن عددا من الجمهوريين -وليس جميعهم- الذين دافعوا سابقا عن ترامب في ظروف مختلفة، قاموا بالنأي بأنفسهم عن الرئيس، بمن فيهم رئيس الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، ورئيس مجلس النواب بول ريان، الذي عقد مؤتمرا صحافيا متلفزا، أصر فيه على أن روسيا تدخلت في الانتخابات الرئاسية في 2016.
ويذكر التقرير أنه حتى برنامج التلفزيون الصباحي "فوكس أند فريندس" المؤيد لترامب، الذي يدمن الأخير على مشاهدته، ضاعف من الضغط، فتحدث فيه مقدم البرنامج، بريان كيلميد، مباشرة إلى الكاميرا، وقال: "هذا أمر يحتاج إلى تصحيح"، لافتا إلى أن صحيفة "وول ستريت جورنال" كانت منتقدة على غير العادة، ووصفت الحالة بـ"الحرج القومي".
وتعلق الصحيفة قائلة إن الجوقة بدت وكأنها تقول، وهو ما أدركه ترامب، بأنه ارتكب خطأ سياسيا فادحا، حيث قالت "نيويورك تايمز" في تقرير لها: "في وقت لاحق صباح ذلك اليوم، قال ترامب لمستشاريه إنه يدرك أنه يحتاج لأن يقوم بتصحيح.. وعقد فريقه اجتماعا موجزا لمناقشة ماذا يقولون، وقام كاتب الخطابات، ستيفين ميلر، بكتابة عدة مسودات".
ويقول سميث إن الرئيس قرأ ملاحظات مكتوبة، حيث قال إنه يقبل الاستنتاجات التي وصلت إليها المخابرات الأمريكية بأن روسيا تدخلت في انتخابات 2016، لكنه بعد ذلك عكر صفو المياه بارتجال إضافة، قال فيها: "لكن قد يكون هناك آخرون"، مشيرا إلى أنه في لحظة ما ساد الظلام الغرفة، ويقال إن ذلك كان لأن كيلي أغلق مفتاح الكهرباء خطأ، فعلق ترامب مازحا: "حسنا.. لقد أطفأوا الأنوار.. كان هذا حتما فعل المخابرات".
ويشير التقرير إلى أن البعض أشادوا بهذا التراجع الذي تم إعداده على عجل، فقال رئيس مجلس النواب السابق، نيويت غينغريتش -الذي كان قد انتقد المؤتمر الصحافي في هلسنكي، واصفا إياه بأنه "أشد أخطاء رئاسته- لـ"الغارديان" يوم الأربعاء: "إذا قرأت ملاحظاته لأعضاء الكونغرس ستجد أنه قطع شوطا كبيرا، لقد كان واضحا أنه وقع في خطأ".
وتستدرك الصحيفة بأن آخرين اعتبروا تلك الملاحظات أقل من المطلوب وبأنها أتت متأخرة، فلم تعالج هجومه على وزارة العدل، ولا على مكتب التحقيقات الفيدرالي، أو ادعاءه يوم الاثنين بأن بوتين قدم إنكارا "قويا جدا" حول التدخل، وكرر مرة أخرى أنه لم يكن هناك تواطؤ.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن مرشح الحزب الجمهوري المفترض لمنصب نائب الرئيس مع هيلاري كلينتون في انتخابات 2016، السيناتور تيم كين، غرد قائلا: "بقيت أتمنى أنه ربما، فقط ربما، سنكتشف قريبا أن قمة هلسنكي لم تكن سوى حلقة من حلقات الكوميدي ساتشا بارون".
"غازيتا" الروسية: هل إيران هي ضحية محادثات ترامب وبوتين؟
الغارديان: ترامب "رئيس مارق" وهكذا يجب التعامل معه
إندبندنت: بوتين المستفيد الوحيد من قمة هلسنكي ..كيف؟