طرحت تصريحات المبعوث
الأممي إلى
ليبيا، غسان سلامة، حول تدخل عسكري خارجي متوقع في ليبيا، عدة تساؤلات
حول دلالة التوقيت وما إذا كان لأزمة النفط الأخيرة علاقة بهذا التدخل أم إن الأمر ضغط أممي
للمسارعة بإجراء الانتخابات.
وقال سلامة، إن
"السيادة الليبية منتهكة لعدم توفر حدود مؤمنة وسلطة مركزية موحدة من جيش
وشرطة وغيرها ما جعلها مهددة بالتدخل العسكري الخارجي"، دون الكشف عن طبيعة
هذا التدخل أو من سيقوم به.
وأكد المبعوث الأممي،
أن "الأمم المتحدة تعمل لتكون السلطة الليبية "الشرعية" والمعترف
بها دوليًا موحدة لتتمكن من جمع قوى لا تشكل خطرا على ليبيا، مشيرا إلى أن عمله
منصب الآن على تنفيذ خطة الأمم المتحدة التي تبناها مجلس الأمن الدولي في أيلول/ سبتمبر الماضي،
بحسب وكالة "الأناضول".
أزمة النفط
ولاقى قرار اللواء
الليبي، خليفة
حفتر بنقل تبعية الموانئ النفطية إلى الحكومة غير المعترف بها
دوليا والموالية له، ردود فعل غاضبة من قبل المجتمع الدولي، فسرها البعض ببداية
تهديدات بتدخل دولي لإجبار "حفتر" على التراجع عن قراره كون المؤسسة
المعترف بها دوليا هي مؤسسة النفط بطرابلس.
ورأى مراقبون أن
"تصريحات سلامة والتلميح بتدخلات عسكرية خارجية في ليبيا يأتي في هذا الإطار
كرد فعل على أزمة النفط الأخيرة، في حين رأى آخرون أنها "عين حمراء"
دولية على لسان سلامة لإجبار الليبيين على إنجاز العملية الانتخابية في أسرع وقت".
ويبقى السؤال: هل
تهديدات سلامة بتدخل عسكري في ليبيا مجرد تكهنات أم معلومات؟ وما رسالة هذه
التصريحات الآن؟
أجندة فرنسية-إماراتية
من جهته، قال الكاتب
والمحلل السياسي الليبي، محمد بويصير إن "غسان سلامة يعمل ضمن الأجندة الفرنسية-الإماراتية، وأغلب تصريحاته غامضة وبعيدة عن دوره المنوط به؛ فأي تدخل يقصد هنا؟ هل هو تدخل من قبل الأمم المتحدة، أم تدخل الدول منفردة؟ وهذا لم ينقطع منذ 2011، فكان
عليه أن يسمي التدخل باسمه".
وبخصوص علاقة ذلك
بقرار "حفتر" الأخير بخصوص النفط، قال بويصير لـ"
عربي21":
"سلامة هو أحد الذين صنعوا سلطة حفتر، وهو مسؤول عن السلطة
التي شرعنتها الأمم المتحدة، أما حفتر فهو يريد أن يؤكد أنه السلطة الحقيقية في ليبيا، لذا أعطى المؤسسة التي تخضع له السيطرة على 70% من النفط"، وفق كلامه.
وتابع بويصير، وهو
مستشار سياسي سابق لحفتر: "قرار النفط يدخل في إطار معركة كسر عظام بين
سلطتين إحداهما تمتلك شرعية الأمم المتحدة (حكومة الوفاق)، وأخرى تمتلك
شرعية المدفع، ولنر من سيحسم الأمر، الأمم المتحدة أم المدفع؟"، بحسب تعبيره.
"حرب بالوكالة"
وقال الإعلامي الليبي،
ياسين خطاب إن "ما قاله "سلامة" ليس جديدا والكل يعرفه في ما يتعلق
بتهديد ليبيا لعدم وجود أي حالة من حالات الاستقرار، وتوزُّع القوى بين الأطراف
المختلفة وعدم احتكار الدولة لها، ما يجعل الأطراف الإقليمية والدولية تدخل ليبيا
في إطار ما يعرف بـ"الحرب بالوكالة"، وفق رأيه.
واستبعد في تصريحه
لـ"
عربي21"، حدوث "تدخل من أي دولة في هذا التوقيت للدفاع عن مصالحها،
لاسيما في ظل تحول "ميكانزمات" الصراع من حرب بين أطراف تختلف في
مشاريعها السياسية، إلى مجموعات تحمي
مصالح أطراف إقليمية ودولية"، كما قال.
تكهنات وليست معلومات
وأشار عضو المؤتمر
الوطني الليبي السابق، محمد دومة إلى أن "كلام سلامة هو "تكهنات"
ومحاولة منه للضغط على الأطراف السياسية للتوصل إلى توافق يفضي إلى انتخابات، ولا
أظن أن المبعوث الأممي يملك معلومات عن نية أي أطراف دولية للتدخل، إلا إذا كان قد
استنتج أن الصراع على النفط قد يؤدي لذلك".
وأضاف في تصريحات
لـ"
عربي21"، أن "هذه التصريحات لها دلالة في التوقيت كونها جاءت
على خلفية قرار "الجيش" (قوات حفتر) بتسليم الموانئ النفطية للمؤسسة
الموجودة في بنغازي (شرق ليبيا)، وفق تقديراته.
"وصاية دولية"
لكن الصحفي الليبي،
محمد عاشور العرفي أكد أن "المجتمع الدولي لن يقف مكتوف الأيدي وهو يرى ليبيا
تنهار بسبب عبث المتصارعين على السلطة والمال الذي أفقد الدولة هيبتها، وليس
لليبيين خيار سوى الكف عن هذا العبث الذي ينذر بانهيار البلاد وإلا سيكونون رعايا
تحت الوصاية الدولية".
وتابع خلال حديثه
لـ"
عربي21": "ما جعل سلامة يتكهن بتدخل عسكري من
المجتمع الدولي هو تعنت الأطراف المتصارعة في الوصول لحل الأزمة السياسية ما أدى
إلى الانفلات الأمني والصراع على الهلال النفطي، إضافة لحالة الانشطار في مؤسسات
الدولة"، وفق رأيه.