نشر موقع "بلومبيرغ" تقريرا أعدته فيفيان نيريم، تتحدث فيه عن بدء المرأة السعودية بقيادة سيارتها في يوم الأحد، بعد قرار رفع الحظر عن قيادة المراة للسيارة، الذي تم إقراره في شهر أيلول/ سبتمبر من العام الماضي.
وتقول الكاتبة إن الناشطات المطالبات بحقوق المرأة سيحتفلن بقرار رفع الحظر عن قيادة المراة للسيارة يوم الأحد وهن وراء القضبان، وهو موعد رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة، متسائلة عن السبب الداعي لاحتجازهن، ولماذا لا يفرج عنهن ليستمتعن باليوم الذي انتظرنه طويلا.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى الناشطة عزيزة اليوسف، التي كانت في حالة من الفرحة في الليلة التي أعلنت فيها السعودية عن رفع الحظر، حيث تلقت الأستاذة الجامعية المتقاعدة الكثير من المكالمات الهاتفية والرسائل التي تحتفل بالقرار، بعد سنوات من القتال من أجل الحرية، وقالت للصحافيين بعد هذا الإعلان إنها تريد أن تكون أول من يحصل على رخصة قيادة، إلا أنها لم تحصل عليها وتنتظر خلف القضبان.
وتلفت نيريم إلى أنها لا تزال مع تسعة من 17 ناشطا وناشطة اعتقلوا الشهر الماضي في السجن، متهمة والأخريات بتقديم الدعم لدول عدوة، حيث تم نشر أسمائهن على الصفحات الأولى في الصحف المحلية، ووصفن بأنهن "خائنات"، واتهمن بطريقة خفية بالتعاون مع دولة قطر، التي تقود السعودية ودول أخرى حصارا عليها منذ عام.
وينقل الموقع عن المدعي العام، قوله إن المعتقلات اعترفن بالتهم الموجهة إليهن، بما في ذلك "التعاون مع أفراد ومنظمات معادية للمملكة"، و"توفير الدعم المادي والمعنوي لعناصر معادية في الخارج"، فيما لم تقدم السلطات معلومات إضافية حول هذه الاتهامات وما تعنيه، مشيرا إلى أن مكتب الاتصالات الدولية لم يرد على أسئلة الموقع.
ويفيد التقرير بأن السعودية بررت ولسنوات طويلة الحظر، بالقول إن المجتمع السعودي ليس جاهزا، لافتا إلى أنه في الوقت الذي لا يوجد ما يحرم قيادة النساء في الإسلام، حيث تقود المرأة السيارات في الدول الإسلامية كلها، إلا أن بعض السعوديين يعتقدون أن قيادة المرأة للسيارة تقود إلى الفساد الأخلاقي.
وتقول الكاتبة إن هناك ابتهاجا حقيقيا في بعض الدوائر مع اقتراب اليوم الموعود 24 حزيران/ يونيو، حيث تحفل مواقع التواصل الاجتماعي بصور النساء اللاتي يرفعن رخص القيادة، وتقول النساء الراغبات بالقيادة إنهن مللن من الإنفاق على "أوبر"، أو الاعتماد على الأقارب في التنقل، خاصة أنهم ليسوا حاضرين دائما.
ويورد الموقع نقلا عن هيا الدوسري (35 عاما) قولها: "أريد قيادة السيارة.. حتى لو لم تسمح العادات والتقاليد فيجب أن أقود السيارة".
ويجد التقرير أن "حياة المرأة السعودية في تغير وتوسع دائمين، إلا أن المساحة بين رؤية 2030، التي يشرف عليها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والواقع كبيرة، ففي الوقت الذي وعد فيه الأمير بتنويع الاقتصاد، وتخفيف القيود الاجتماعية، إلا أنه يشدد، في الوقت ذاته، الخناق على المجتمع المدني، الذي يعمل بشكل محدود في المملكة، وتقدر (بلومبيرغ إيكونوميكس) أن السماح للمرأة بقيادة السيارة سيضيف 90 مليار دولار للناتج الاقتصادي بحلول 2030".
وتبين نيريم أن حملة الملاحقة تتبع المسار المعتاد للسلطة من ناحية إجبار الناس على القبول بالرسالة الآتية: إما معنا أو ضدنا، وتنقل عن الباحثة السعودية في الولايات المتحدة هالة الدوسري، قولها إن الحكومة "أغلقت أي مساحة متوفرة للناس للتعبير بحرية عن مظاهر قلقهم"، فبدلا من التعامل معهم على أنهم حلفاء، فإن السلطات تنظر إلى من لا يتبع الخط الرسمي على أنهم أعداء؛ وذلك لمنعهم من المطالبة بالتغيير.
ويؤكد الموقع أن المعتقلات يطالبن بالحقوق الأساسية، التي تتضمن تغيير نظام الولاية، الذي يطلب من المرأة الحصول على إذن الرجل في كل نشاط تريده أو عمل يخصها شخصيا، من الخروج إلى السوق، إلى السفر والتعليم والعلاج.
وينوه التقرير إلى أن اليوسف البالغة من العمر 60 عاما من الوجوه الواضحة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة الأساسية، ونشرت لها وكالة "أسوشيتد برس" صورة وهي تقود سيارتها عام 2014 ضمن احتجاج نسوي، مشيرا إلى أنها ظلت نقطة اتصال مفتوحة للنساء السعوديات الراغبات بالنصح، وقدمت في عام 2016عريضة للحكومة، تطالب بإلغاء قانون الولاية، وكانت تعقد في مناسبات حلقات نقاش في بيتها في الرياض، يحضرها المثقفون والمثفقات، وذلك من أجل تقوية وضع المرأة.
وتشير الكاتبة إلى أن اليوسف وصفت قانون الولاية في جلسة العام الماضي بأنه "عبودية"، وقالت إن التغيرات، مثل تعيين نساء، ليست إلا محاولات تحسين صورة، ولا تعبر عن تحول حقيقي تجاه قضايا المرأة، لافتة إلى أن اليوسف احتفلت بعد رفع الحظر بالقرار مع بقية الناشطات، إلا أن المزاج تغير، حيث بدأت وغيرها بتلقي اتصالات من السلطات تأمرهن بالتزام الصمت، وهو ما فعلته اليوسف، حيث لم تعد تشارك في حسابها على "تويتر".
وبحسب الموقع، فإن الناشطة لجين الهذلول صمتت لفترة، لكنها عادت للتغريد عبر حسابها، مشيرا إلى أنه بحسب بعض المطلعين على قصتها، فإنها اعتقلت في آذار/ مارس، وهي في الإمارات العربية المتحدة، وأجبرت على ركوب الطائرة باتجاه الرياض، وتوقفت بعد الإفراج عنها عن النشاط على "تويتر"، حيث منعت وعائلتها من السفر، لتعتقل مرة أخرى الشهر الماضي.
ويذهب التقرير إلى أن حملة الاعتقالات أرسلت هزة للنخبة المثقفة في السعودية، فالناس الذين تعودوا على الحديث بحرية للصحافة الأجنبية يبتعدون عنها، ويلغون المواعيد معها؛ خوفا من التداعيات، مشيرا إلى أن رجل أعمال وصف الاعتقالات في اجتماع في الرياض بالعار، لكنه اعترف بأنه يحاول تقديم صورة وردية عن المملكة في لقاءاته العامة.
وتورد نيريم نقلا عن الباحثة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن كريستين ديوان، قولها: "من الواضح أن القيادة السعودية تريد إنهاء النشاط السياسي المستقل كله"، لافتة إلى أن توقيت الاعتقالات والحملة المرافقة لها يشيران إلى أن الحكومة تريد تقديم رفع الحظر عن قيادة السيارات من خلال الألوان الوطنية.
ويختم "بلومبيرع" تقريره بالإشارة إلى قول الدوسري إن الحكومة ستواصل الدفع باتجاه التغيير، الذي يجعل من المرأة عاملة ومستهلكة، أو "ما يزيد من النفقات".
فايننشال تايمز: كيف يظهر قمع ابن سلمان تناقض الإصلاح السعودي؟
التايمز: لماذا بدأ ابن سلمان حملة قمع جديدة ضد الناشطات؟
نيويورك تايمز: هل شوّه اعتقال الناشطات صورة ابن سلمان؟