أعلنت السعودية والإمارات والكويت، ليلة الاثنين، تعهدها بتقديم حزمة مساعدات للأردن بقيمة 2.5 مليار دولار، لمساعدته في تخطي الأزمة الاقتصادية والسياسية، بحسب بيان مشترك للدول الثلاث عقب انتهاء القمة الرباعية التي دعا لها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، بحضور الأردن.
وقال البيان المشترك، الذي نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس)، إن حزمة المساعدات تتضمن وديعة في البنك المركزي الأردني وضمانات للبنك الدولي لمصلحة الأردن ودعما سنويا لميزانية الحكومة الأردنية وتمويلا من صناديق التنمية لمشاريع إنمائية.
ومن ناحيته، أبدى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني شكره وتقديره للعاهل السعودي على مبادرته بدعوته لهذا الاجتماع، ولدولتي الكويت والإمارات على تجاوبهما مع هذه الدعوة، وامتنانه الكبير للدول الثلاث على تقديم هذه الحزمة من المساعدات، بحسب "واس".
ويأتي التعهد الخليجي على خلفية الاحتجاجات الشعبية التي شهدها الأردن خلال الأيام الماضية، ضد سياسات الحكومة الاقتصادية، ورفضا لمشروع قانون ضريبة الدخل الذي ينص على زيادة الاقتطاعات الضريبية من مداخيل المواطنين.
اقرأ أيضا: "قمّة مكة" تدعم الأردن بـ2.5 مليار دولار (تفاصيل)
وأدت الاحتجاجات في الأردن إلى استقالة حكومة هاني الملقي وتكليف عمر الرزاز بتشكيل حكومة جديدة. وتعهد رئيس الوزراء الجديد بسحب مشروع قانون ضريبة الدخل، وهو أحد المطالب الرئيسية للمحتجين الذين أسقطوا الحكومة السابقة، ما أدى إلى نزع فتيل الأزمة.
ويقوم الأردن بتنفيذ إجراءات أوصى بها صندوق النقد الدولي منها زيادة الضرائب وخفض الدعم ما أثر سلبا على الفقراء والطبقة المتوسطة.
تخفيف أعباء وليست حلولا
وحول مدى تأثير تلك المساعدات التي أقرتها قمة "مكة المكرمة"، على الوضع الاقتصادي في الأردن، قال الخبير الاقتصادي الأردني، عمر حمارنة، إن هذه المساعدات لن تساعد الأردن في تخطي أزمته الاقتصادية الحالية، ولن تحل المشاكل الاقتصادية الصعبة التي تواجهه سواء على صعيد عجز الموازنة العامة أو تفاقم أزمة خدمة الدين العام وما يترتب على ذلك من آثار في كافة القطاعات الاقتصادية.
وأكد حمارنة في تصريحات لـ "عربي21" أن تلك المساعدات ستساهم فقط في تخفيف حدة الأزمة بعض الوقت، موضحا أن حل الأزمة الاقتصادية في الأردن يتوقف على مدى قدرة الحكومة الجديدة على تغيير السياسات الاقتصادية الخاطئة المتوارثة، التي أوصلت الأردنيين إلى تلك الحالة.
وحول التحرك المفاجئ لكل من السعودية والإمارات والكويت بدعوة من العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز لمساعدة الأردن، قال حمارنة: "الأردن مملكة، وإذا تعرضت لأي خطر أو تهديد، تشعر باقي الممالك بالخطورة".
اقرأ أيضا: هكذا قرأ محللون الموقف المتوقع لدول الخليج حيال الأردن
وأضاف: "المرة الماضية الأردن هو من طلب من دول الخليج المساعدات، لكن هذه المرة هم من بادروا بتقديم مساعدات عاجلة، وأعلنوا استعدادهم لتقديم مساعدات أخرى في مجال الاستثمار".
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن عدة دول ومؤسسات وفي مقدمتها السعودية وصندوق النقد الدولي والبنك الدول كانوا قد أخذوا مواقف متشددة جدا من الأردن في أوقات سابقة، ولكنهم غيروا مواقفهم بعد الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها الأردن.
شح المساعدات
ومن ناحيته، أبدى الخبير الاقتصادي ورئيس شباب منتدى تطوير السياسات الاقتصادية بالأردن، فادي الداوود، تفاؤله بالأثر الإيجابي للمساعدات الخليجية التي أقرتها قمة مكة أمس.
وأكد لـ "عربي21" أن المساعدات سيكون لها أثر إيجابي كبير على الاقتصاد الأردني الذي يعاني من أزمة خانقة، خاصة بعد شح المنح والمساعدات التي كان يتلقاها الأردن خلال الفترة الماضية، على خلفية مواقفه العربية والإقليمية، أبرزها موقفه من قضية القدس وقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة.
اقرأ أيضا: الأردن يعلق آمالا على مساعدات خليجية بمليارات الدولارات
وأوضح أن الاقتصاد الأردني عانى بشكل كبير خلال الفترة الماضية نتيجة شح تلك المساعدات، إلى جانب عدة عوامل اقتصادية أخرى إقليمية وعالمية كانقطاع إمدادات الغاز المصري، وارتفاع أسعار النفط التي أدت إلى تضخم كبير في الأسعار وزيادة النفقات الحكومية مقابل تراجع الإيرادات.
ويقول البنك الدولي إن الأردن له توقعات ضعيفة بالنمو هذا العام، بينما 18.5 في المئة من السكان عاطلون عن العمل. ويعيش الأردنيون منذ مطلع 2018، تحت موجة غلاء حاد في أسعار السلع الرئيسية والخدمات، طالت "الخبز" أبرز سلعة شعبية في السوق المحلية. وتعاني موازنة الأردن للعام الجاري، عجزا ماليا بقيمة إجمالية 1.753 مليار دولار، قبل التمويل (المنح والقروض).
ماذا يفعل الأردن؟
وحول سبب توقف المساعدات الخليجية وخاصة السعودية للأردن، خلال الفترة الماضية، قال نائب رئيس الوزراء الأردني للشؤون الاقتصادية ووزير الدولة لشؤون الاستثمار سابقا، ورئيس مجلس إدارة بورصة عمان، جواد العناني، في تصريحات سابقة لـ"عربي21": "لا يوجد موقف سياسي خليجي واضح ضد الأردن، ولا توجد دولة عربية الآن لا تفكر في إعادة ترتيب بيتها الاقتصادي بشكل أساسي".
اقرأ أيضا: مسؤول لـ"عربي21": هذا سر تراجع مساعدات الخليج للأردن
وأضاف: "الظروف الاقتصادية الحالية لدول مجلس التعاون الخليجية ليست سهلة، فحجم الإنفاق يتزايد بشكل كبير وسط تراجع في مواردها النفطية نتيجة تدني أسعار النفط، فضلا عن كلفة الحرب الاقتصادية في اليمن، ما دفع دول الخليج إلى تطبيق سياسات تقشفية على الموازنات العامة لها، ولجوء بعض الدول الخليجية لأول مرة في تاريخها إلى فرض ضرائب على المبيعات وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، فضلا عن تخفيض الدعم عن المشتقات النفطية والمياه والكهرباء وخلافه".
وتابع: "حرب اليمن بالنسبة للسعودية، والخصومات بين بعض الدول العربية نتيجة للخلافات على القضايا العربية كالقضية السورية والتدخل الإيراني في العراق وكذلك ما يحدث في لبنان.. كلها أزمات كلفتها الاقتصادية كبيرة جدا، لما يترتب عليها من زيادة الإنفاق الأمني والعسكري".
وحول تحفظ بعض الدول على موقف الأردن السياسي، قال نائب رئيس الوزراء الأردني للشؤون الاقتصادية الأسبق: "الأردن موقفه معتدل من الجميع، ولا أعرف ما هو المطلوب من الأردن أن يفعله أكثر من ذلك"، وأضاف: "نريد من الجميع أن يتفهم أن تحلي الأردن بالمرونة في مواقفه السياسية ستكون كلفته الاقتصادية باهظة جدا، وعلى الأردن أن يبحث عن حلول للخروج من بين فكي كماشة المتخاصمين".
الأردن يعلق آمالا على مساعدات خليجية بمليارات الدولارات
البطالة تقفز في الأردن إلى 18.4 بالمئة في الربع الأول
خسائر عنيفة تضرب بورصة مصر.. وضغوط في الأسواق العربية