قدم كاتب
إسرائيلي ما وصفه بـ"كشف حساب"
لوزير الحرب أفيغدور
ليبرمان، بعد مرور عامين على توليه الوزارة، بعد أن فاجأ
الجميع ببقائه طيلة هذه المدة يترأس المؤسسة العسكرية والأمنية، وبجانبه من يوصف
بـ"أفضل" رئيس هيئة أركان منذ العام 1967، الجنرال غادي آيزنكوت، مما
يطرح أسئلة عديدة حول الدور الذي قام به ليبرمان في قراءته للتهديدات الماثلة على
إسرائيل، ومختلف التطورات في أنحاء الشرق الأوسط.
وقال بن كاسبيت الكاتب الإسرائيلي بصحيفة
معاريف في المقال التحليلي الذي ترجمته "
عربي21" إنه "قبل عامين
بالضبط وصل ليبرمان لمقر وزارة الحرب المسمى "الكرياه" في تل أبيب، وجلس
على مقعد الوزير ونظر لكبار جنرالات الجيش الذين خاض معهم نزاعا عنيفا في أكثر من
محطة، واختلفوا معا لدى مناقشة العديد من القضايا، ليصبح وزيرا عليهم، لاسيما حين
أبدى استهتارا بأداء الجيش والجنرالات خلال حرب غزة الأخيرة "الجرف الصامد"
2014.
مفاجآت قليل الخبرة
وأضاف أن "ليبرمان شكل في قدومه لوزارة
الحرب سابقة في تاريخ إسرائيل، حيث لم يأت لهذه الوزارة إنسان أقل معرفة بالشؤون
العسكرية، ولا أكثر إخافة منه، وقد أحدث تعيينه إرباكا في رئاسة هيئة الأركان حول
كيفية التعامل مع هذا الروسي الغريب، وماذا يمكن أن يحصل في المؤسسة العسكرية التي
بات على رأسها، فهل آن الأوان لأن يقدم الجيش له خططا عملية لاغتيال إسماعيل هنية
كما سبق له أن هدد، أو أن سد أسوان المصري بات في خطر، كيف يمكن التعامل مع رجل
بهذه الأفكار الغريبة؟".
واستدرك بن كاسبيت قائلا إن "المفاجأة
حصلت مع قليل من التوقعات، فقد علم ليبرمان بالمواقف المسبقة عنه، وجاء مستعدا
لمواجهتها من قبل كبار الضباط، وبدأ منذ أسبوعه الأول وزيرا يتكلم معهم بهدوء
وتواضع وجدية وعمق أكثر، وأرسل رسالة لقيادة الجيش، وقام بجولة في القيادات المركزية،
ووعدهم بمنحهم غطاء كاملا في كل قرار يتخذونه".
وأشار إلى أنه "اليوم وبعد مرور عامين
يمكن القول إن ليبرمان اجتاز الكثير من الاختبارات التي اعترضته في وزارة الحرب، وصحيح
أنه نشبت في عهده كثير من الأزمات، وخلافات في الرأي، وتحديات داخلية وخارجية، لكن
ذلك تم بهدوء بعيدا عن ضجيج الإعلام، مما يذكرنا بما حصل معه في وزارة الخارجية،
حيث خافوا كثيرا هناك، لكنهم سرعان ما فوجئوا من أدائه لاحقا، مع أن الوضع في
وزارة الحرب أخذ وقتا أكثر قليلا، فقد كان عامه الأول مخيبا للآمال بعض الشيء، وأبدى
فيها قليلا من المسؤولية".
الجنرالات ينتفضون
كاسبيت يستدل على ذلك بقوله إنه "في كل
اجتماع للحكومة أو المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية حين كان يتحدث
ليبرمان بكلام متعجرف غير قائم على أسس عسكرية، كان الجنرالات ينتفضون من مقاعدهم
خلال الاجتماع، ويتبادلون نظرات الاستغراب، صحيح أنهم لم ينبسوا ببنت شفة، لكن كان
واضحا أنهم لا يعرفون ما يفعلون معه، وحين كان يسأل آيزنكوت من بعض الوزراء عن
رأيه في كلام وزيره، كان يرتئي الخروج من غرفة الاجتماع لتناول مشروب ما".
في السنة الثانية، يقول الكاتب: "تغير
الوضع كليا مع ليبرمان، فقد بات أكثر خبرة في الموضوعات الأمنية، أكثر عقلانية،
ينسق مواقفه وتصريحاته مع المؤسسة العسكرية، وبات في الأشهر الأخيرة يعبئ مكانه في
مقعد وزير الحرب بكل اقتدار، مع العلم أن آيزنكوت كان لديه تقدير بأنه سيصل مع
ليبرمان إلى الجحيم، ولكن حين لم يحصل ذلك، اطمأن إليه، صحيح أنهما لم يصبحا صديقين حميمين، لأنهما مختلفان بالأساس، والكيمياء الشخصية لم تفعل فعلها معهما،
لكنها عملا معا في إطار من المؤسسية العسكرية، يعملان بصورة مكثفة، وفي أوقات
متقاربة، يتعاونان معاً بشكل كامل".
وأضاف أن "ليبرمان اختلف مع آيزنكوت في
بعض القضايا، لكن خلافهما مر على ما يرام، ترك لرئيس الأركان أن يقوم بمهامه، لم
يدخل له في بنطاله، لم يتدخل بشؤونه العسكرية البحتة، لأنه أدرك مسبقا أن أحد
أسباب نجاحه في وزارة الحرب أن يحافظ على الهدوء في إدارتها".
كاسبيت المعروف عنه توجيهه انتقادات قاسية
لمعظم الوزراء، بمن فيهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، قال إن "ليبرمان قد
يكون وزير الحرب الأكثر ملاءمة في هذه اللحظة الراهنة، فهو أولا يفهم اللغة
الروسية، ولا أحد يقدر في هذه الآونة أهمية هذه الخاصية للتفاهم مع القيادة العسكرية
في موسكو ونظيره سيرغي شويغو حول الملف السوري، فهو يفهم فلاديمير بوتين جيدا، ولا
يحتاج مترجما عند الحديث معه، ويمكن القول إن تغير الموقف الروسي من إيران سلبا
يعود فيه الفضل بعض الشيء إلى ليبرمان ذاته".
العد إلى المائة
نقطة ثانية يذكرها الكاتب في أفضلية ليبرمان
لوزارة الحرب أن "الشرق الأوسط يخاف منه، على اعتبار أنه قادر على اتخاذ أي
قرار، ويتحمل تبعاته، ففي ظل الأنظمة الديكتاتورية السائدة في المنطقة، وما
أكثرها، يعرفون هذه النوعية من ليبرمان، فهم لن يعدوا إلى العشرة عند مهاجمة
إسرائيل، بل سيعدون إلى المائة".
أما الخاصية الثالثة فإن "هناك انسجاما
بين ليبرمان ونتنياهو، عملا سويا سنوات طويلة، وليبرمان هو الوزير الأقل قدرة
لنتنياهو على التحرش به، أو محاولة إهانته".
ويتطرق المقال إلى "نظريات ليبرمان في
تعامله مع الجبهات المعادية المحيطة بإسرائيل، الشمالية والجنوبية، القائمة على
مبادئ: الهجوم كما يجب، دون تردد، عدم الإرجاء، الضرب في الأماكن المؤلمة، وغير
المتوقعة، بما في ذلك في العمق، وإحداث المفاجأة".
أما عند قراءته للوضع في قطاع غزة فإن مقربيه
ينقلون عنه أنه "لن تكون هناك جرف صامد أخرى، إذا اضطررنا للعمل في غزة،
فسنواصل العمل حتى النهاية، حتى نحصل صورة الانتصار، وكذلك الأمر في الجبهة
الشمالية".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "الخبرة
الطويلة لليبرمان في الحكومة، جعلته الثاني بعد نتنياهو الذي يتقلد مواقع وزارية،
فقد كان وزيرا للخارجية، المواصلات، البنى التحتية، الشؤون الإستراتيجية، حتى وصل
لوزارة الحرب بكل هذه الخبرات المتراكمة، وربما عينه اليوم على موقع رئيس الحكومة
إذا ما قدر لنتنياهو أن يغيب عن المشهد السياسي في إسرائيل".