فجر حزب العمل مفاجأة سياسية من العيار الثقيل في إسرائيل عقب إعلان ما يعرف بـ"التيار المركزي" فيه تراجعه عن حل الدولتين مع الفلسطينيين، ما أثار ردود فعل كبيرة، داخل الحزب وخارجه، باعتباره اقترابا من اليمين الإسرائيلي، حيث يتبنى الحزب منذ عقود حل الدولتين مع الفلسطينيين، ويتمايز عن الليكود وباقي أحزاب اليمين بهذه الصيغة لما يعرف بـ"الحل النهائي".
وقال المراسل السياسي لصحيفة معاريف أريك بندر إن "التيار المركزي، الذي يعتبر الجناح الأكبر في حزب العمل، نشر خطة سياسية وأمنية للحل مع الفلسطينيين، أعدها رئيسه عضو الكنيست السابق ميخال بار-زوهر، تقضي بالتخلص من حل الدولتين، والقيام بخطوات أحادية الجانب في المنطق الفلسطينية".
وأضاف الصحفي الإسرائيلي في تقرير مطول ترجمته "عربي21" أن "الخطة التي قدمت لزعيم الحزب آفي غاباي، تعني أن إمكانية تحقيق سلام مع الفلسطينيين لم تعد قريبة المنال، وفق صيغة حل الدولتين".
الاحتفاظ بالتجمعات الاستيطانية
ولذلك – حسب الخطة- "على إسرائيل أن تبادر من خلال توافق وطني داخلي للحفاظ على المناطق التي ستبقى بحوزتها في أي حل مستقبلي مع الفلسطينيين، وتحديدا التجمعات الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية مثل: غوش عتصيون، غور الأردن، معاليه أدوميم، كرني شومرون، أريئيل، وغيرها، بحيث يتم ضمها لإسرائيل، وترسيم حدودها مجددا".
وأوضحت الخطة أن "باقي المناطق التي تشمل أغلبية سكانية فلسطينية سيتم نقلها للسيطرة الفلسطينية، بحيث يمكنهم إقامة دولة عليها، والانخراط مع الأردن، أو البحث عن أي صيغة أخرى، في حين ستعمل إسرائيل على إخلاء المستوطنات الصغيرة المنعزلة".
وتضيف الخطة: "بعكس ما تم القيام به خلال خطة الانفصال أحادي الجانب من قطاع غزة في 2005 بمبادرة من رئيس الحكومة الأسبق أريئيل شارون، ستبقى قوات إسرائيلية في المناطق الفلسطينية، هدفها الوحيد منع تنفيذ أي عمليات هجومية ضد إسرائيل، ولن يكون هناك موعد محدد لانسحابها، وإنما يتم ذلك بالتوافق مع الفلسطينيين وفق الترتيبات السياسية النهائية".
ردود أفعال
وتورد الصحيفة ردود فعل متلاحقة داخل الحزب وخارجه حول هذه الخطة السياسية، جيث أعلن عضو الكنيست إيتسيك شمولي معارضته لها، قائلا إنها "على المدى القصير ستعمل على إلغاء اتفاق أوسلو، وإحداث تصعيد أمني وسياسي مع الفلسطينيين كلما ابتعد خيار الانفصال عنهم".
أما عضو الكنيست إيتان بروشي فقال إن الخطة "تعيدنا من جديد لطرح السؤال بعد مرور 51 عاما على حرب 1967، هل ستكون في هذه البلاد دولة واحدة أم لا، لأن حزب العمل مطالب بإضافة كلمة الأمن بجانب عبارة الدولة اليهودية الديمقراطية".
وصدرت دعوات داخل حزب العمل لتجميد عضوية كل من يؤيد هذه الخطة، "لأنها تقوي مواقف حزب البيت اليهودي، وخطة الضم اليمينية، وكل من يعلن عنها لا يمثل حزب العمل، لأنها تعبر عن فقدان البوصلة وافتقاد القيم السياسية لحزب العمل".
"إنقاذ السلام"
في سياق متصل، نقلت صحيفة معاريف في تقرير ترجمته "عربي21" عن عضو الكنيست من حزب العمل إيتان كابل قوله إنه "دعا لدعم خيار الضم أحادي الجانب للمستوطنات الكبرى في الضفة الغربية، لأنها خطة لإنقاذ السلام".
وأضاف: "أعلن عن طرحها لخشيتي من تحول إسرائيل إلى دولة ثنائية القومية، كي لا نجد أنفسنا بعد عشرة أعوام أو عشرين عاما أمام ورطة كبيرة، أنا أرى أنه كل ما هو خارج التجمعات الاستيطانية الكبرى قابل للتفاوض مع الفلسطينيين، والمستوطنات الكبيرة الباقية تخضع للقانون الإسرائيلي، بحيث ستكون هناك جنسيتان للمقيمين في هذه المناطق، الفلسطينيون والإسرائيليون".
وتابع: "لا أحد من الإسرائيليين يريد العودة لأيام أوسلو، الذي قام على أساس وجود شريك فلسطين في الجانب الآخر، اليوم أوسلو مات، انتهى، ليس هناك زعيم فلسطيني يمكن التوصل معه لتغيير المشهد السياسي للصراع".
"كلام فارغ"
من جهته، قال الوزير السابق من حزب العمل أبراهام شوحاط إن "خطة كابل كلام فارغ وهراء كبير، لا أفهم المنطق الذي انطلق منه في هذه الخطة، فهو ببساطة يفكر خارج أيديولوجية حزب العمل، بمجرد أن يتحدث عن ضم المستوطنات الكبرى في الضفة الغربية، أنا أعتقد أن أوسلو لم يمت، وإن التوصل لتسوية مع الفلسطينيين أمر حيوي لمصلحتنا وبقائنا".
أما الكاتب بصحيفة هآرتس يهوناتان ليس فأشار بدوره إلى أن "هذه الخطة لقيت ردود فعل قاسية في أوساط حزب العمل، لأنها تسعى لفرض القانون الإسرائيلي على المستوطنات، وفي حين أن اليهود المقيمين في الضفة الغربية لن يعيشوا تحت حكم عسكري إسرائيلي كما هي العادة منذ عقود، فإن الفلسطينيين الذين يعيشون في مناطق سيتم ضمها لإسرائيل لن يحصلوا على المواطنة الإسرائيلية".
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أنه "رغم أن هذه الخطة تسعى لإبعاد شبح خيار الدولة الواحدة، فإن إعلان إسرائيل ضم المستوطنات الكبرى في الضفة الغربية إليها سيمنح الفلسطينيين تأييدا كبيرا لمطالبهم الساعية لفرض خيار الدولة الواحدة، في حين أن التفريق في فرض القوانين على اليهود والفلسطينيين داخل الضفة الغربية هو أحد أشكال نظام الأبارتهايد، وهذا خط أحمر".
عالمة أمريكية: انتهاكات إسرائيل تشعرني بالخجل أنني يهودية
ليبرمان: مستعدون لدفع الثمن الباهظ لنقل سفارة أمريكا للقدس
مستشرق يهودي يطالب بالحوار مع حماس وإبرام هدنة معها