نشر موقع "الجزيرة إنغلش" تقريرا للكاتب أندرو شابيل، يقول فيه إن برقيات لموقع ويكيليكس، كشفت عن أن الدافع الرئيسي وراء الهجمة الإماراتية على دولة قطر، التي قادت إلى حصار، شاركتها فيه ثلاث دول عربية أخرى، لم يكن بالضرورة دافعا أمنيا.
ويقول شابيل إنه "مع بداية دول الحصار، السعودية والإمارات والبحرين ومصر، لحملتها في الخامس من حزيران/ يونيو 2017، فإن الرسائل التي استخدمتها الرباعية العربية كانت تحمل لهجتها المعهودة".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه مضى على الحصار مدة عام تقريبا، الذي عادة ما يشار إليه بذلك الذي تقوده السعودية، مستدركا بأن اللغة التي استخدمتها الرباعية العربية تتساوق مع البيانات الخاصة المنسوبة لولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد، كما كشفت عنها وثائق/ برقيات ويكيليكس المسربة في عام 2010 و2011.
ويقول الموقع إن "مراجعة المواد الكثيرة، التي تضم اتصالات من السفارة الأمريكية في أبو ظبي، في الفترة ما بين 2004- 2010، وتلخص لقاءات الدبلوماسيين الأمريكيين مع المسؤولين الكبار في أبو ظبي، تكشف عن أن الإمارات العربية المتحدة كانت القوة المحركة في حملة القمع ضد الإخوان المسلمين، وكيف قامت الإمارات بإصدار سلسلة من التحذيرات الصارخة للمسؤولين الأمريكيين عن قطر وقناة (الجزيرة)، وكان هذا قبل الحصار الذي فرض العام الماضي".
ويكشف الكاتب عن أن البرقيات تشمل على تصريحات لمحمد بن زايد في موضوعات لم تناقش في العلن، بشكل يكشف عن الدينامية السياسية المتغيرة في الخليج، فاللغة التي تحدث بها تشير إلى أن دوافع الإمارات العربية المتحدة لم تكن تتعلق بالأمن فحسب، بل كذلك بالرغبة في سحق المعارضة الداخلية في البلد.
ويلفت التقرير إلى أنه لم يصدر عن ابن زايد حتى اليوم أي تصريح بشأن الأزمة الحالية في الخليج، حيث ترك المهمة لأخيه وزير الخارجية عبدالله بن زايد، وغيره من الوكلاء للحديث نيابة عن الحكومة.
ويفيد الموقع بأنه "بعد إصابة رئيس الإمارات خليفة بن زايد آل نهيان بجلطة دماغية عام 2014، فإن محمد بن زايد أصبح الحاكم الفعلي، وتبنت الحكومة منذ ذلك الوقت سياسة حازمة في السياسة الخارجية، وتحولت لواحدة من أكبر خمس دول استيرادا للسلاح، وبحسب معهد ستوكهولوم لأبحاث السلام الدولي، فإن هذه الدولة الخليجية الصغيرة هي ثاني أكبر مستورد للسلاح الأمريكي في الشرق الأوسط بعد السعودية، ولهذا السبب أطلق عليها وزير الدفاع الحالي جيمس ماتيس (أسبرطة الصغيرة)".
وينوه شابيل إلى أن "عدد سكان الإمارات الأصليين لا يتجاوز مليون نسمة، لكنها أصبحت قوة عسكرية إقليمية، حيث أرسلت جنودها للقتال في أفغانستان واليمن، وزعم أنها شنت غارات على ليبيا، وبنت قواعد عسكرية في إريتريا وصومالي لاند، واحتلت جزيرة سقطرى قرب القرن الإفريقي، وفي ظل ابن زايد أصبحت الإمارات حليفا أمريكيا مهما، ويعد دعمها حيويا في أي مواجهة عسكرية مع إيران".
ويكشف التقرير عن أن ولي العهد وعد الولايات المتحدة في برقية تعود إلى شباط/ فبراير 2009، قائلا: "عندما يطلق الإيرانيون صواريخهم فسنقوم بملاحقتهم وقتلهم".
ويبين الموقع أنه في الوقت الذي كانت فيه إيران العدو الأبدي، وقبل مدة من اندلاع الربيع العربي، إلا أن ابن زايد وإخوانه اهتموا بشدة بـ"عدو أبدي" آخر، وهي جماعة الإخوان المسلمين، كما تكشف البرقيات، لافتا إلى أن الجماعة تعد واحدة من أقدم وأكثر الجماعات السياسية والاجتماعية أهمية في العالم العربي، وتؤمن بأن الإسلام ينظم مظاهر حياة المسلمين العامة والخاصة كلها.
وينقل الكاتب عن مؤلفة كتاب "الإسلامية الريعية: تأثير الإخوان المسلمين على ملكيات الخليج" كورتني فريير، قولها إن الملكيات الخليجية والأنظمة شبه الديمقراطية عادة ما تنظر للدعوات إلى النشاط السياسي والشرعية الانتخابية، التي تدعو لها الحركة، على أنها تهديد لها، خاصة عندما حققت الحركة مكاسب في صناديق الاقتراع.
وتقول فريير في تصريحات لموقع "الجزيرة إنغلش": "تكشف البرقيات المدى الذي ذهب إليه ابن زايد في الخلط بين الجماعات الإسلامية الراديكالية العنيفة والحركات السياسية المعتدلة، مثل الإخوان المسلمين".
ويورد التقرير أن دبلوماسيين أمريكيين كتبوا في برقيات مسربة مؤرخة في شباط/ فبراير 2017، أن ابن زايد رأى "التأثير الإيراني على الإخوان المسلمين بوضوح على أنه طريقة لتحريض الجماهير العربية، وجعل القادة التقليديين العرب عاجزين"، فيما ورد في برقية من برقيات عام 2007، قوله: "شكرا لله على وجود حسني مبارك"، وتوقع فيها فوز الإخوان لو عقدت انتخابات في مصر، لافتا إلى أن مستشارة الأمن الداخلي لجورج دبليو بوش، فرانسيس تاونسند، أخبرت ابن زايد أن الأمر ذاته سيحدث في دبي لو عقدت انتخابات.
ويجد الموقع أن هذا كان سببا لرفضه المطالب الأمريكية بتنظيم انتخابات، قائلا إنها لن تحدث قبل عام 2030؛ وذلك من أجل توعية الجيل القادم، بحسب برقية، مشيرا إلى أن الإمارات بدأت باستهداف المتعاطفين مع الإخوان المسلمين في التسعينيات من القرن الماضي، بعدما أصبح ابن زايد مسؤولا للمخابرات، وبعد تعيينه قائدا لسلاح الجو عام 1993، فيما زاد التوتر في السنوات اللاحقة، حيث تم نقل من يشك في علاقتهم بالجماعة من القطاع التعليمي إلى وظائف أخرى في القطاع العام، ومنعوا من تولي مناصب، وأغلقت جمعياتهم الخيرية.
وينوه شابيل إلى أنه في السنوات التي أعقبت هجمات أيلول/ سبتمبر 2001، التي شارك فيها مواطن إماراتي إلى جانب 15 سعوديا، عبر ابن زايد وأخواه، حمدان وهزاع، عن قلقهم من تأثير المتطرفين على المجتمع الإماراتي، وبعدها منحوا صلاحيات واسعة للمخابرات في معظم أنحاء البلاد، مشيرا إلى أن لجنة التحقيق في أحداث 11/ 9 وجدت أن الأموال التي مولت العملية كلها مرت من خلال المصارف الإماراتية، وبعد ذلك قامت الحكومة الإماراتية بمتابعة عمليات غسيل الأموال وجمع التبرعات بطريقة غير شرعية، وزادت من التعاون مع الولايات المتحدة، ولاحقت الذين عدتهم "متطرفين".
ويذكر التقرير أنه تم توسيع شبكة الملاحقة إلى الحركات السلمية، التي استهدفتها الحكومة في السابق، خاصة حركة الإصلاح، التي نظر إليها على أنها جماعة سياسية، وتمثل تهديدا وجوديا؛ لأنها مرتبطة من الناحية الأيديولوجية مع حركة الإخوان المسلمين.
ويشير الموقع إلى أن ابن زايد غالبا ما تحدث في عهد إدارة جورج دبليو بوش، عن تأثير الإخوان المسلمين على النظام التعليمي الإماراتي والجيش.
ويلفت الكاتب إلى أنه بحسب برقية تعود إلى تشرين الثاني/ يناير 2004، فإن المسؤولين الأمريكيين تحدثوا عن الطريقة التي تحدث بها ابن زايد عن اكتشافه مؤيدين للإخوان في الجيش، وكيف عرضهم لعملية غسيل دماغ معاكسة، فيما قال في برقية أخرى تعود إلى نيسان/ أبريل 2006، إن "التحدي هو كيفية التخلص منهم (الإخوان) بطريقة لا يعودون فيها مرة أخرى".
وبحسب التقرير، فإنه عندما تمت مناقشة ضرورة قيام السعودية بمواجهة المتطرفين، فإن ابن زايد ضحك مع المسؤولين الأمريكيين حول الكيفية التي نظفت فيها الإمارات من تأثير الإخوان المسلمين، قائلا: "استخدمنا مكنسة (هوفر)"، وذلك بحسب برقية تعود إلى تموز/ يوليو 2007، فيما أشار المسؤولون الأمريكيون في برقيتين على الأقل، تعودان إلى 2004، إلى كيف استخدم ابن زايد اسم الحركة على أنها تعبير يجسد الحركات "المتطرفة" كلها.
ويقول الموقع إنه "بعد دعم الغزو الأمريكي للعراق، فإن ابن زايد حمل قطر وقناة (الجزيرة) في الدوحة مسؤولية التأثير السلبي على الرأي العام العربي، وشجع، كما قيل، الولايات المتحدة على قصف مقرها في العاصمة القطرية، وربما كان هذا مزاحا من مزاحه الثقيل، وعلى أي حال، فإنه قد نسب إليه القول إن (الجزيرة) تؤكد مشكلته مع الإعلام الحر".
وينوه شابيل إلى أن ابن زايد أصبح بحلول عام 2009، أكثر شكا في القناة وقطر، حيث تحدث بعبارات قوية مع السفير الأمريكي في أبو ظبي، ريتشارد أولسين، وأحد العاملين معها، وطلب منهما التوقف عن تسجيل الملاحظات، وأن يستمعا لكلامه فقط.
ويذكر التقرير أنه بحسب البرقية التي تعود إلى شباط/ فبراير 2009، فإن ابن زايد اعتقد أن قطر خانت مجلس التعاون الخليجي، عندما بدأت بالتقارب مع إيران، وقال إنها "جزء من الإخوان المسلمين"، وهو ما ورد في قائمة الاتهامات في الأزمة الحالية، وجمع ابن زايد في البرقية ذاتها بين حركة حماس وحزب الله وأسامة بن لادن، باعتبارهم "تهديدا عابرا للقارات يتصرفون على أنهم حركات وطنية"، وبحسب البرقية، فإن مشكلاته مع قناة "الجزيرة" كانت "شخصية"، قائلا إنها تركت أثرا سيئا على عائلته.
ويكشف الموقع عن أنه في أثناء مناقشته التقدم في العراق وأفغانستان في ثلاثة لقاءات على الأقل، فإنه تحدث عن ابنه، حيث جاء في برقية من نيسان/ أبريل 2004: "قال إن ابنه ولد ذكي ومستقيم، لكنه عبر قبل فترة عن مشاعر معادية للغرب، التي يعتقد ابن زايد أنه التقطها في أثناء مشاهدته لقناة (الجزيرة)"، لافتا إلى أنه نقل عن ابن زايد قوله: "لو استطاعت (الجزيرة) التأثير على حفيد متعلم للشيخ زايد، فتخيل ما ستفعله مع غير المتعلمين أو الطبقات الدنيا".
ويشير الكاتب إلى أن الرباعي أصدر في 17 حزيران/ يونيو 2017 قائمة من 13 مطلبا، يطلب في واحد منها إغلاق قناة "الجزيرة"، وقطع علاقاتها مع الإخوان المسلمين، وتحديد علاقتها مع إيران، شروطا لرفع الحصار، لافتا إلى أن قطر رفضت هذه المطالب، واعتبرتها محاولة لخرق سيادتها، ورفضت اتهامات دعمها للإرهاب قائلة بأنه لا أساس لها.
ويختم "الجزيرة إنغلش" تقريره بالإشارة إلى أن الكويت، التي عملت وسيطا، حذرت من تأثير الأزمة على مبادرات مجلس التعاون الخليجي، حيث تم تأجيل قمة خليجية برعاية أمريكية من نيسان/ أبريل إلى أيلول/ سبتمبر، لافتا إلى أنه مع مرور عام على الأزمة، فإنه يبدو أن لا نهاية لها في الأفق.
صحيفة تركية: زعماء عرب باعوا القدس من أجل مواجهة إيران
فوربس: بعد عام من الحصار.. هل انتصرت قطر؟
فايننشال تايمز: هل نجحت قطر في تجاوز الحصار؟