ارتد سعر صرف الليرة التركية ظهر اليوم الخميس، إلى مستوى من 4.76 ليرة للدولار، بعد التحسن الذي شهدته العملة التركية فور قرار البنك المركزي التركي المفاجئ، برفع سعر الفائدة 3%، في محاولة منه لوقف تراجع سعر صرف الليرة التي هوت صباح أمس الأربعاء 4.92 ليرة للدولار.
وسجلت الليرة التركية مساء أمس الأربعاء ارتفاعا ملحوظا أمام الدولار عقب قرار لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي برفع سعر فائدة الإقراض من 13.5% إلى 16.5%، ووصلت إلى 4.55 ليرة للدولار مقابل 4.92 ليرة للدولار صباح الأربعاء.
وكان المركزي التركي قد رفع في 25 إبريل/ نيسان الماضي أسعار الفائدة من 12.75% إلى 13.50% وأبقى على القرارات السابقة، أي تثبيت سعر إعادة الشراء (الريبو) لأسبوع من دون تغيير عند 8%، وسعر الفائدة على الإقراض لليلة واحدة عند 9.25%، وسعر فائدة الاقتراض لليلة واحدة عند 7.25%.
اقرأ أيضا: هل تتعرض تركيا لمحاولة انقلاب اقتصادي؟.. خبراء يجيبون
لجوء اضطراري
أكد الخبير الاقتصادي عبد الرحمن الجاموس أن الليرة التركية استجابت بشكل كبير لتدخل البنك المركزي، لافتا إلى أن الارتداد الذي شهدته اليوم أمر طبيعي، ذلك أن انخفاض العملات إجمالا في أسواق الصرف الناشئة يتم بشكل سريع والارتفاعات تكون بطيئة وضعيفة وتحتاج إلى فترة زمنية طويلة قد تستغرق عاما في بعض الأحيان.
وقال الجاموس في تصريحات لـ "عربي21"، إن أسباب انخفاض الليرة لمستويات قياسية (سواء الاقتصادية أو السياسية) لا تزال موجودة ولم تتغير، ومؤشرات الاقتصاد التركي لا تزال كما هي، والتقارير الدولية السلبية عن الوضع الاقتصادي التركي كما هي، وهذا أحد الأسباب الرئيسية في عودة الليرة للانخفاض مرة أخرى أمام العملات الأجنبية بعد التحسن الذي شهدته فور قرار البنك المركزي برفع سعر الفائدة.
وأضاف: "التدخل الطارئ من البنك المركزي أمس برفع معدلات الفائدة ساهم في الحد من تدهور الليرة دون المستويات القياسية التي سجلتها أمس عند 4.92 ليرة للدولار الواحد"، مشيرا إلى أن رفع معدل الفائدة شر لا بد منه لجأ إليه البنك المركزي اضطراريا على الرغم من أنه يخالف توجهات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهذا ربما عزز نوعا ما من استقلالية البنك المركزي.
ولفت إلى أن جوهر المشكلة التي يعاني منها الاقتصاد التركي الآن هو ما صرح به الرئيس أردوغان أمس بأنه لا يوجد اتفاق بين الطاقم الاقتصادي في تركيا على خطة معينة، موضحا أن الظهور الإعلامي المتكرر وشبه اليومي للرئيس أردوغان في مرحلة ما قبل الانتخابات، ربما تلتقط منه الأسواق بعض التصريحات ويتم تأويلها بطريقة أو بأخرى للتأثير على سعر صرف الليرة.
اقرأ أيضا: الحكومة التركية: مؤامرة على الليرة للتأثير على نتائج الانتخابات
سلاح ذو حدين
وقال أستاذ التمويل والاقتصاد بجامعة إسطنبول صباح الدين زعيم أشرف دوابة، إن البنك المركزي يستخدم سياسات نقدية قصيرة الأجل لحين الانتهاء من مرحلة عدم اليقين المرتبطة بفترة الانتخابات المقرر إجراؤها في 24 حزيران/ يونيو المقبل، لافتا إلى أن أصل أزمة تدهور الليرة هي مضاربات حامية الوطيس لن تتوقف قبل الاستحقاق الانتخابي.
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن رفع سعر الفائدة هو أحد وسائل البنك المركزي لمواجهة انخفاض قيمة العملة المحلية، ومن إيجابياته أنه يساهم في جذب السيولة المحلية من السوق إلى الجهاز المصرفي ومواجهة عملية الدولرة التي يلجأ إليها المواطنون كسلوك اقتصادي طبيعي للحفاظ على قيمة مدخراتهم من الانهيار.
وأضاف: "كما أن سعر الفائدة يستهدف جذب رؤوس أموال أجنبية للاستثمار في أدوات الدين التركي، لكن هذا مستبعد في ظل حالة عدم اليقين التي تسبق موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة"، مستدركا بأن "من بين سلبيات رفع سعر الفائدة أنه يؤدي إلى انكماش اقتصادي ويؤثر سلبا على البورصة والاستثمار".
وتابع: "البنك المركزي يمتلك أكثر من وسيلة لمواجهة انخفاض قيمة العملة المحلية لكنه لا يستخدمها إلا بتنسيق مع الحكومة بما يضمن تحقيق السياسات والتوجهات العامة للدولة.
وأردف دوابة: "من هذه الوسائل تشديد الرقابة على حركة الأموال ووضع سقف لعمليات سحب العملات الأجنبية، وكذلك ضخ نقد أجنبي بسوق الصرف لإحداث توازن بين العرض والطلب، ولكن من سلبيات هذه الوسيلة استنزاف الاحتياطي النقدي".
وأشار إلى وجود أياد خارجية تتلاعب بقوة في سعر صرف الليرة، لافتا إلى أن أصحاب المصالح في تدهور قيمة العملة التركية هم بعض الدول الغربية ودولة الإمارات.
كيف تعافت السياحة "الحلال" في تركيا من أزمات خانقة؟
الحكومة التركية: مؤامرة على الليرة للتأثير على نتائج الانتخابات
الليرة التركية تتجاهل مساعيَ لإنقاذها وتواصل الهبوط