انتقد أكاديميون قرار وزير الداخلية تفعيل مرسوم غلق المقاهي بنهار رمضان في تونس، ما أثار جدلا قديما متجدّدا في مواقع التواصل الاجتماعي بين رافض له ومرحّب به.
وكانت النائب بمجلس نواب الشعب عن حركة نداء تونس صابرين القوبنطيني هاجمت وزير الداخلية لطفي براهم على خلفية تفعيله "مرسوم غلق المقاهي" بنهار رمضان، معتبرة ذلك مخالفة صريحة لبنود الدستور.
وقالت القوبنطيني بمنشور لها في فيسبوك: "إن الوزير يعتبر نفسه وصيا على معتقدات المواطنين وعلى صومهم، بالإضافة إلى أنّه لا يعرف معنى حرّية الضمير في الدستور"، لافتة إلى أنّ الوزارة تعتبر أنّه من واجبها حماية المقدسات والتصدّي للمفطرين.
وتابعت: "المشكلة ليست في حركة النهضة ولكن فيمن تعتقدون أنّهم حداثيون وهم محافظون أكثر منها"، مضيفة أنّها "ترجو ألا يكون الوزير من مناصري إقامة الحدّ على الكفار الفاسقين الذين لا يصومون رمضان"، وفق تعبيرها.
حملات ضدّ المفطرين
وعبّر رئيس حزب "الزيتونة" والرئيس السابق لجمعية الوسطية للتوعية والإصلاح (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) عادل العلمي عن ترحيبه بقرار وزير الداخلية، معتبرا أنّ الضابط الشرعي يقضي بعدم جواز فتح المقاهي والمطاعم بنهار رمضان مطلقا.
وتابع في تصريح خاص لـ"عربي21" أنّ النزل والفنادق تُستثنى من هذا المنع "على اعتبار أنها تأخذ حكم البيت الذي يمكن لأيّ إنسان أن يتواجد فيه وهو مفطر ولا يمكن بأي حال لأيّ شخص أو جهة التجسس على الناس في بيوتهم".
وتابع العلمي، الذي أثار في السنوات الماضية جدلا بعد قيامه بحملات ضدّ المفطرين خلال رمضان: "نحن ضدّ فتح المطاعم والمقاهي السياحية بنهار رمضان رغم أنّها قد تكون تقدّم فقط خدمات للسياح دون سواهم".
وقال: "نحن نعتبر أيّ مكان يقصده الناس مكانا عموميا وبالتالي يصبح الأمر هنا في حكم المجاهرة والدعوة إلى الإفطار".
واستهجن العملي وجود بند في الدستور يسمح بحريّة الضمير والمعتقد، معتبرا أنّ "تونس دار إسلام ومسلمين وهذا ما أشارت إليه توطئة الدستور والفصل السادس منه"، وفق تعبيره.
وكشف أنّه سيخوض رمضان هذا العام "تحركا نوعيا وعميقا بأكثر حكمة عن التحركات السابقة".
الناس أحرار
من جانبه وصف الإعلامي هادي يحمد الجدل الذي أثير حول فتح المقاهي بنهار رمضان بـ"معركة رمضان المتجدّدة"، معتبرا أنّها مسألة جدلية كغيرها من المسائل التي كان النقاش حولها من المحرمات في تونس.
واعتبر في تصريح خاص لـ"عربي21" أنّ النقاش في هذا الموضوع "إيجابي ولا ينطوي على أيّ استفزاز لأي طرف، فكثير من التشريعات يمكن أن تتطور".
وتابع: "غير أنه يمكن في الواقع التونسي الحالي أن نرسو على رأي محدّد لكن المنطلقات والأصل في الشيء هو حرية الناس في ممارسة عقائدهم وفي عدم ممارستها".
وقال إنّ المتعارف عليه في تونس بخصوص رمضان تغير منذ عهد الرئيس الأسبق حبيب بورقيبة، لافتا إلى أنّ "بعض التونسيين الذين لا يمارسون رمضان وجدوا أنفسهم أمام إجراءات، في علاقة بالمقاهي وغيرها، تحدّ من حرياتهم".
وأشار إلى أنّ الدستور الجديد يتضمّن بنودا واضحة تقر بحرية الضمير والمعتقد، "غير أنّ الإشكال الأساسي هل أن هذا البند يتعلق بممارسة حرية الضمير في الفضاء العام أم الخاص وهنا يكمن الإشكال"، كما قال.
وأضاف: "حتّى المعترضون على مبدأ حرية الأشخاص في عدم الالتزام برمضان يقولون إنّ الناس أحرار لكن بعيدا عن الفضاء العام وهو ما يعتبر برأيي عدم وضوح في النص الدستوري".
واستعرض يحمد تجربة تركيا التي اعتبرها مشابهة للواقع التونسي، قائلا: "هي بلد إسلامي يحكمه حزب ذو مرجعية إسلامية على غرار النهضة في تونس (...) ونجد المقاهي والمطاعم هناك مفتوحة بنهار رمضان وهذا لم يغير شيئا من عادات الأتراك في الصيام وغيره"، وفق تعبيره.
"مقاومة الدواعش"
من جانبها قارنت مديرة المكتبة الوطنية الأكاديمية رجاء بن سلامة بين تونس وتركيا، معتبرة أنّ الأخيرة "بلد أغلب سكّانه مسلمون، ويحكمه حزب إسلاميّ، ومع ذلك فكلّ المقاهي والمطاعم مفتوحة في مدنه الكبرى، والسائح فيه في شهر رمضان لا يشعر بتضييق على حرّياته".
وتابعت بمنشور لها في فيسبوك: "كيف نبني جمهورية ديمقراطيّة بهذا الخوف؟ كيف نطوّر السياحة بمقاه ومطاعم مغلقة بالنهار؟ من "يخدش مشاعره" مشهد مفطر في رمضان، أيّ إيمان له؟ إيمانه مشدود في شعرة؟".
وخلصت إلى القول: "اتركوا الناس أحرارا سواء صاموا أم أفطروا. نقاوم الدّواعش بفرض الحقوق والحريات لا بالحدّ منها، خوفا من إثارتهم".
وكتبت المديرة السابقة لمعهد الصحافة وعلوم الإخبار سلوى الشرفي بن يوسف: "الجماعة يريدون الصوم لكن بشروط. النساء يلبسن شكارة (كيس) والمقاهي تغلق والأسعار تنخفض والعمل ينقص (...) قريبا يشترطون على الخال التقصير في ساعات النهار (...) بخلاصة شدني لا نفطر".
لأول مرة في تونس.. الأمن والعسكر يصوتون بانتخابات البلدية
الغنوشي: لن نسمح بعودة الديكتاتورية مجددا إلى تونس