نشرت صحيفة "سلايت" الناطقة بالفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن الطفرة الكبيرة في القنوات الخاصة على موقع اليوتيوب، وغالبا ما يستخدم هذا التطبيق من أجل نشر محتوى تتراوح مواضيعه بين الأدب، والفن، والتاريخ والعلوم.
وقالت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته
"عربي21"، إن "العديد من الشباب انخرطوا في تطبيق يوتيوب لإيصال
أصواتهم للعالم من خلال المحتوى الذي يعرضونه، ومن بين هؤلاء الشباب (ناتاشا)، حيث
تتجهز الفتاة البالغة من العمر 29 سنة لتصوير مقطع فيديو يتناول لوحة فنية فريدة
من نوعها، وتنشر مواد تعليمية في مجال الفنون على قناتها الخاصة التي تحظى بنحو
600 ألف مشاهدة ويتابعها حوالي 20 ألف مشترك، وتطرح الشابة في كل مرة لوحة فنية
للنقاش حولها وتقييمها.
وتجدر الإشارة إلى أن ناتاشا بدأت في نشر مقاطع
فيديو على اليوتيوب منذ سنة 2015، وذلك من خلال قناتها التي تحمل اسم
"نارت".
وأفادت ناتاشا، قائلة: "كنت أرغب فعلا في تقديم
محتوى يختص بمجال الفن، خاصة مع ندرة الفتيات اللاتي يقدمن محتوى في هذا المجال
على يوتيوب، وشعرت أنني لا أنتمي إلى العالم الفعلي في ظل عدم حصولي على أي فرصة
على الرغم من خبرتي المهنية".
وأشارت الصحيفة إلى أن "جميع القنوات المعروفة
على يوتيوب اليوم، كانت قد بدأت في البث على هذه المنصة خلال الفترة الممتدة بين
سنتي 2014 و2015، الفترة ذاتها التي أطلقت فيها ناتاشا قناتها التعليمية الخاصة".
اقرأ أيضا: يوتيوب يشن حملة على مقاطع الكرتون الضارة بالأطفال
فعلى سبيل المثال، تعرض قنوات على غرار "دايف
شايك" أحداثا تاريخية معروفة نوعا ما، إلا أن صاحبها دافيد شايك يقدمها بشكل
مبسط على طريقة الأدبيات العلمية من خلال تشكيلة من الصور المرفقة بسرد للمعلومات.
وفي هذا الشأن، أورد مصور الفيديو الشاب، قائلا:
"قبل أن أطلق قناتي الخاصة، شاهدت الكثير من القنوات الأمريكية التي تقدم
الأدبيات التعليمية على اليوتيوب، حيث لم يكن يوجد هذا النوع من القنوات في فرنسا"،
وقد أتاحت هذه الظاهرة للعديد من الشباب فرصة البروز والحصول على زخم إعلامي، حيث
تحظى قناة دافيد شايك بقرابة 200 ألف مشترك.
والجدير بالذكر أنه وفي الواقع لا أحد يعلم جذور هذه
الظاهرة الجديدة التي تعنى بتقديم محتوى على يوتيوب في مجال الأدبيات التعليمية،
والتي انتشرت بشكل كبير، لتحقق طفرة نوعية، وقد سمح هذا الأمر لجيل كامل من مصوري
الفيديو باكتساب شهرة كبيرة.
وقالت الصحيفة إن "العمل في مجال تصوير
الفيديوهات الخاصة بالأدبيات التعليمية يتطلب توفير مجموعة من التجهيزات والتقنيات".
وفي هذا الصدد، صرحت ناتاشا أنها وبمناسبة الاحتفال
بعيد ميلادها، كانت تطلب أن تكون هديتها عبارة عن مجموعة من الأجهزة التي تساعد في
تصوير الفيديوهات.
ونقلت الصحيفة تصريحات دافيد شايك بشأن تجربته
الأولى في تصوير الفيديوهات، قائلا: "تصوير الفيديو الأول كان بمثابة كارثة،
فلم أعرف أي شيء عن الإضاءة أو تحديد إطار التصوير إضافة إلى أنني لم أستطع حتى
الكلام".
اقرأ أيضا: تطبيق يوتيوب خاص بالأطفال العرب.. تعرّف على مزاياه
ويعد المحتوى الذي يشاهده الأفراد على يوتيوب نتيجة
ساعات من العمل يقضيها دافيد في البحث والتجهيز، وفي بعض الأحيان يستعين بآراء
العديد من الخبراء من أجل مساعدته في صناعة الفيديوهات، وتعتبر قناته اليوم مصدر
الدخل الوحيد بالنسبة له.
ونوهت الصحيفة إلى النجاح الذي حققته هذه القنوات
ذات المحتوى التعليمي، فقد تمكن دافيد شايك، خلال خمسة أشهر، من استقطاب قرابة 100
ألف مشترك، في الوقت ذاته، جذبت المواضيع التي يطرحها أنظار الأوساط الأكاديمية
وأتاحت له وللعديد من صانعي المحتوى الفرصة من أجل حضور منتديات علمية مرموقة.
وأفادت الصحيفة أن النجاح الذي حققته القنوات التي
تقدم أدبيات تعليمية على يوتيوب، كان سببا في تغيير موقف الوسط الأكاديمي الذي كان
رافضا في البداية لهذا الأسلوب التعليمي الجديد، وقد مثل الزخم الذي حظيت به هذه
القنوات مصدر إلهام للعديد من الأساتذة الجامعيين الذين باتوا يعتبرون صانعي
المحتوى بمثابة منبر تعليمي جديد.
وأوضحت الصحيفة، وفقا لنوال من قناة "ميس
بووك"، أن خاصية اللوعبة ضمن مقاطع الفيديو تمثل عنصرا أساسيا لنجاح المحتوى
وتثبت أنه يمكن للشخص أن يستمتع أثناء التعلم، مشيرة إلى أن "العمل من خلال
يوتيوب يسمح بالابتعاد عن وسائل الإعلام الكلاسيكية والنقد الأدبي النخبوي، ويتيح
الحديث عن الأدب بطريقة ممتعة ومسلية".
وأضافت الصحيفة أن "الخاصية الأساسية للمحتوى
الذي يقدمه مصورو الفيديو أن المقاطع التي يصورونها قصيرة ونادرا ما تتجاوز النصف
ساعة، وفيما يتعلق بالشكوك التي تحوم حول جودة هذا المحتوى، أكدت الأخصائية في علم
العلامات، فيرجيني سبايس، أن "جوهر الموضوع، يتمثل في الرغبة في تحدي الذات
والمحاولة، حيث أن الفيديو في حد ذاته، ليس النهاية".
ولا يمكن اعتبار صانعي المحتوى التعليمي أساتذة، بل
غالبا ما يستعملون كلمات على غرار "مختصون في الأدبيات التعليمية" أو
"العلوم المبسطة" أو "الترفيه الأدبي" من أجل وصف أنفسهم.
وتطرقت الصحيفة إلى الطابع غير المادي لعمل صانعي
المحتوى، حيث يمارس العديد منهم هذا النشاط بالتوازي مع أعمالهم الأخرى دون مقابل
مادي، وسواء كانوا محترفين أم لا، يجمع صانعو المحتوى التعليمي على أن موقع يوتيوب
فتح لهم العديد من الأبواب ومنحهم الكثير من الفرص.
وفي هذا الصدد، أكدت ناتاشا أن يوتيوب ساعدها حتى
"تثق في نفسها"، أما بالنسبة لدافيد، الذي يعيش بالاعتماد على قناته،
فقد أفاد أن "يوتيوب غير حياته تماما".