نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا أعدته بيثان ماكرنان ولوسي تاورز، تقولان فيه إن جزيرة سقطرى دخلت رسميا في الحرب الأهلية اليمنية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن نساء سقطرى لا يظهرن في الأماكن العامة، ولا يسمع أصواتهن في الشارع، مستدركا بأن كل شيء يتغير في الجزيرة في هذه اللحظة، حيث أن النساء خرجن يوم السبت في تظاهرة نادرة في شوارع العاصمة حديبو، يحملن علما يمنيا كبيرا، ويهتفن: "بالروح بالدم نفديك يا يمن".
وتقول الكاتبتان إنه منذ تحول سقطرى إلى ساحة صراع على السلطة بين الحكومة اليمنية وحليفتها المفترضة، الإمارات العربية المتحدة، لم تعد الراية اليمنية بلونها الأحمر والأبيض والأسود الوحيدة التي ترفرف في الجزيرة المعزولة، بل هناك العلم الإماراتي وعلم الانفصاليين في سقطرى.
وتذكر الصحيفة أن أسبوعا مضى منذ نشر الجزء الأول من تقرير عن الجهود الإماراتية الهادئة والسرية لتحويل الجزيرة المصنفة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي إلى مركز عسكري ومنتجع سياحي، مشيرة إلى أن التصدعات بين حكومة اليمن في المنفى وحكومة أبو ظبي أصبحت ثغرات واسعة.
ويلفت التقرير إلى أن رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر قام في زيارة نادرة مع وفد صغير إلى الجزيرة؛ لتأكيد الشرعية اليمنية عليها بعد زيادة الشائعات عن النوايا الإماراتية بضم الجزيرة الاستراتيجية، فيما ردت الإمارات بعد أيام من الزيارة بطرد الموظفين اليمنيين المدنيين كلهم من مهبط الطائرات (المطار) والميناء التي تسيطر عليهما، بحسب شهود عيان وصور التقطت من الجو.
وتفيد الكاتبتان بأنه في الوقت ذاته هبطت طائرات نقل إماراتية من نوع "سي- 17" لإنزال دبابتي "بي أم بي -3" وعربات مصفحة، و100 جندي إضافي، لافتتين إلى أن هذه هي أول مرة تقوم بها أبو ظبي بنشر أسلحة ثقيلة منذ إنشاء القاعدة العسكرية في سقطرى قبل عامين.
وتورد الصحيفة نقلا عن الحكومة اليمنية، قولها إنها لم تتلق معلومات عن عملية الانتشار، وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش في تغريدة له: "لدينا علاقات تاريخية وعائلية مع سكان سقطرى، وسندعمهم خلال المعاناة اليمنية التي سببها الحوثيون".
وينقل التقرير عن رئيس الوزراء اليمني الغاضب، قوله إنه لن يغادر والوفد المرافق له الجزيرة حتى تخفض الإمارات من نشاطاتها، وتقصرها على المساعدات الإنسانية لا المشاريع العسكرية.
وتنوه الكاتبتان إلى أنه يقال إن صفقة تم التوصل إليها يوم الثلاثاء، لكن العديد من سكان سقطرى تساءلوا إن كان هذا هو الحال، فيما لم يتم الكشف عن تفاصيل أو اتفاق.
وتؤكد الصحيفة أن الكثيرين يقولون إن بن دغر عالق في الجزيرة دون أن تكون في يده أوراق ليلعبها، حتى يأذن له الإماراتيون، مشيرة إلى أنه يظهر في الوقت الحالي في صور ومناسبات افتتاح مشاريع.
ويجد التقرير أن "التصادم بين الحلفاء -من الناحية النظرية حلفاء ضد الحوثيين- غيّر ميزان العلاقات بين عدن وأبو ظبي والرياض، ونقل النزاع والحرب الأهلية، التي مضى عليها 3 أعوام، إلى شواطئ سقطرى، ووجد سكانها البالغ عددهم 60 ألف نسمة أنفسهم وسط النزاع، فبعد عزلة دامت قرونا، فإن السقطريين يشعرون أنهم مجبرون على اختيار جانب في الحرب التي يتم خوضها على البر اليمني، وبعيدا عنهم مئات الكيلومترات".
وتقول الكاتبتان إن المشاعر المعادية للإمارات بدأت تتزايد، وسط دعوات لإعادة السلطنة القديمة، بشكل مزق النسيج الاجتماعي، حيث قال أحد مواطني الجزيرة، الذي غادرها: "كان الإماراتيون هادئين ولطيفين بشأن قوتهم قبل ذلك.. وأحضروا دباباتهم على شكل استعراض عسكري، وهم يقولون لنا: انظروا ما يمكننا عمله، نحن في مقعد القيادة، ولا تنسوا ما يمكننا عمله".
وتبين الصحيفة أن درجة حرارة الصيف وحرارة التوتر السياسي ترتفعان في سقطرى اليوم، وتشهد الجزيرة منذ الأسبوع الماضي كل يوم تظاهرة، لدعم الرئيس عبد ربه منصور هادي، أو ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، حيث يحمل المتظاهرون صورهما في التظاهرات حول حديبو.
وينقل التقرير عن عضو الحكومة المحلية في الجزيرة الدكتور سعد أحمد الكدومي، قوله: "إن الإماراتيين أصدقاء أسخياء لسقطرى، وكل شيء هنا من السيارات والكهرباء والمياه والمطار والميناء جاء بمساعدة منهم"، وأضاف: "التحريض هو مؤامرة تقف وراءها إيران وقطر وحزب الإصلاح، وكلهم يخططون لبناء قواعدهم العسكرية في سقطرى".
وتشير الكاتبتان إلى أن المعارضين للوجود الإماراتي لا يهتمون بهذه الاتهامات، حيث دعوا في تظاهرة لهم، وبشكل علني، إيران للقدوم إلى الجزيرة وطرد الإماراتيين منها.
وتذكر الصحيفة أن وريث سلطنة المهرة الشيخ عبدالله بن عيسى آل عفرار يضع نفسه خيارا بديلا لمستقبل الجزيرة، مشيرة إلى أن الشيخ يحظى بدعم من عُمان، التي منحته جواز سفر العام الماضي، وقام بإعادة تنشيط حملته، إشارة إلى محاولة دولة خليجية أخرى تأكيد نفسها في الحرب الأهلية اليمنية المعقدة، فحكم أجداد آل عفرار سلطنة المهرة الواقعة على الشاطئ الشرقي لليمن حتى أقام البريطانيون محمية عام 1886، وكانت سقطرى تابعة لهم.
وبحسب التقرير، فإن هناك المعارضة غير الرسمية للحكام الذين عينتهم الحكومة اليمنية، لافتا إلى أن ما زاد من حضور الجماعة الانفصالية هو الناس الذين يشعرون بأنهم مهمشون من عدن، ويخشون فقدان استقلالهم الذاتي على يد أبو ظبي.
وشاهدت الصحيفة علم سلطنة المهرة يرفرف في شرق الجزيرة، ونقلت عن أحمد بلحاف، صديق الشيخ آل عفرار، قوله: "تشهد سقطرى احتجاجات واسعة يشارك فيها الجميع"، وأضاف: "يريد أبناء سقطرى مع سكان محافظة المهرة تشكيل محافظة مستقلة داخل اليمن الفيدرالي، إلا أن الإماراتيين يحاولون استغلال فقر البعض".
وتنقل الكاتبتان عن الزميل الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية آدم بارون، قوله: "من المحزن تهميش أصوات السقطريين أنفسهم وسط النقاشات حول الجزيرة.. وكل واحد يتحدث عما يجب عمله للجزيرة دون منحهم فرصة".
وتبين الصحيفة أن من العوامل الدافعة للاحتجاجات هو غضب السقطريين على ما يجري، والغموض الذي يكتنف التحركات التي لا يعرفون عنها شيئا، ويتم تقريرها في البناية الحكومية الوحيدة في العاصمة حديبو، مشيرة إلى أن عيسى مسالم، وهو ناشط معاد للإمارات، قام بجمع أخبار وشهادات من السكان، وتوصل لنتيجة تفيد بأن الأزمة الحالية نشبت بسبب زيارة بن دغر.
ويلفت التقرير إلى أنه عند وصوله فإنه أعلن عن سلسلة من المشاريع الإنسانية والاجتماعية التي تحتاجها الجزيرة بشكل كبير، فيما قامت القوات الإماراتية بتدمير لوحة لأحد هذه المشاريع قبل افتتاحها يوم الأربعاء في بلدة الحلف، وعندما صمم الوفد اليمني على افتتاح مشروع بديل في اليوم التالي، فإن الإماراتيين ردوا بطرد اليمنيين العاملين في المطار والميناء كلهم، وهو ما قاد إلى انتقاد واسع من رئيس الوزراء والأحزاب السياسية اليمنية، التي دعت في بيان مشترك الإمارات لـ"الانسحاب من الجزيرة دون شروط"، حيث علق مسالم على النشاطات الإماراتية قائلا: "هذا كله حدث دون إعلام محافظ الحكومة الشرعية، وهذا عدوان صارخ".
وتفيد الكاتبتان بأن عبد ربه منصور هادي عين الحاكم الجديد لسقطرى رمزي مهروس قبل شهر، ولم يسمع له طوال الأسبوع، لافتتين إلى محاولات حل المشكلة، التي تقودها السعودية، والبيانات المتبادلة، حيث تنظر الرياض، التي تقود الحملة الجوية ضد الحوثيين، للخلاف على أنه أمر غير ضروري.
وتورد الصحيفة نقلا عن إليزابيث كيندال، من كلية بيبمروك في جامعة أوكسفورد، قولها إن الرياض "تريد تركيز انتباه الحلفاء على القتال ضد الحوثيين، وهذه هي أولوية السعوديين"، وأضافت أن السعوديين يشعرون بالقلق لزيادة السيطرة الإماراتية على مناطق في الجنوب، خاصة أن قوى الأمن المحلية التي شكلتها الإمارات تصادمت مع القوات العسكرية اليمنية المدعومة من السعوديين في أكثر من مناسبة.
وينوه التقرير إلى أنه في الوقت الذي انحرف فيه ميزان القوة باتجاه المواجهة مع الحكومة اليمنية، فإن الإمارات عملت حتى الأسبوع الماضي، من خلال القوة الناعمة والعسكرية، على وضع الجزيرة تحت سيطرتها، فأنفقت ملايين الدولارات على بناء المدارس والطرق والمستشفيات، ودربت قوة جيش محلية من 5 آلاف جندي، وتدفع رواتب الأطباء والشرطة.
وتبين الكاتبتان أن السكان رحبوا بالاستثمارات الإماراتية؛ بسبب تجاهل الحكومة اليمنية لهم بعد إعصارين مدمريين، ومقابل هذا سيطرت الإمارات على مهبط الطائرات الذي أقيم عام 1999، بطول ثلاثة آلاف متر، وأصبح على ما يبدو مركز التوسع الإماراتي في الجزيرة، التي تقع على فوهة خليج عدن، وأصبح الآن مركز العمليات الإماراتية ضد الحوثيين وتنظيم القاعدة.
وتشير الصحيفة إلى أن سقطرى واحدة من عدة مراكز قامت الإمارات في السنوات الماضية بشرائها على طرق نقل النفط والغاز، لافتة إلى أنه بسبب اعتماد حكومة هادي في البداية على الدعم الإماراتي، فإنها حرفت نظرها على نشاطات أبو ظبي في الجنوب وسقطرى.
ويستدرك التقرير بأن المعركة على الجزيرة أدت إلى مشاعر غاضبة من الإمارات في اليمن، حيث يطالب المعلقون اليمنيون بصراحة بالكشف عن نشاطات الإمارات في اليمن، التي تدرب مليشيات تتبع أوامرها، وتدير سجونا خاصة دون علم الحكومة اليمنية، مشيرا إلى أن شعارات جدارية كتب عليها "سقطرى يمنية وليست إماراتية" ظهرت على جدران عدن.
وتقول الكاتبتان إنه "من الناحية النظرية، فإن المدينة الجنوبية هي عاصمة الحكومة اليمنية، أما من الناحية العملية فهي تحت سيطرة الإمارات، التي ساهمت في منع الحوثيين من السيطرة عليها، ولهذا فهي تقرر من تسمح له بدخول المدينة من وزراء هادي في الرياض".
وتستدرك الصحيفة بأنه رغم الخلاف اليمني الإماراتي على الجزيرة، وهو الأكبر منذ بداية الحرب، إلا أن الدور الإماراتي لن يتغير في حرب اليمن، لافتة إلى أن الحكومة اليمنية فكرت في التقدم بشكوى لمجلس الأمن الدولي حول النشاطات الإماراتية؛ باعتبارها خرقا للسيادة، إلا أن المتحدث باسم المبعوث الدولي لليمن مارتن غريفيث، نفى وجود شكوى من هذا النوع.
وينوه التقرير إلى أن هناك مخاوف من تطور الخلاف إلى نزاع عنيف، خاصة إن مولت الإمارات وأنشأت مليشيات مسلحة في الجزيرة، وهو ما يقول الناشطون إنه جزء من لعبة الإمارات الطويلة.
وتنقل الكاتبتان عن ناشط، قوله: "في البداية كان الناس سعداء بالإماراتيين وأموالهم.. والآن، فإنهم أجبروا على تحديد ولائهم، ويستطيع السقطريون الحديث عن الاستقلال، لكن كل شيء يعتمد على الاستثمار الأجنبي، وكان هذا الأسبوع بمثابة امتحان يريد الإماراتيون من خلاله معرفة رد فعل السكان في حالة المواجهة، أما الخطوة المقبلة فإنهم سيجلبون معدات ثقيلة ودبابات".
وتورد الصحيفة نقلا عن المحللة كيندال، قولها إن أبو ظبي ربما عبرت في بيان عن تنازلات، "إلا أن لا رغبة لها بمغادرة سقطرى، أو التخلي عن جنوب اليمن"، وأشارت إلى أن "ضخ المال إلى سقطرى، التي تحتاج إلى تنمية عاجلة، ليس أمرا سيئا، لكنه يتحول لمشكلة إن كان السبب غير واضح، وأي محاولة للسيطرة العسكرية تبدأ دائما من خلال قطع الاتصال بين المطارات والموانئ".
ويذهب التقرير إلى القول إن لا أحد يعلم ماذا يحضر المستقبل للجزيرة، وحتى لو تجنبت العنف فإن المسار لا يحمل أخبارا جيدة، ويعلق بارون من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية قائلا: "لم يحدث هذا كله في ليلة وضحاها، ويبدو أن الحكومة اليمنية تحاول اللحاق، إلا أن تطورات الأسبوع الماضي ليست جيدة للاستقرار".
ويخشى السكان الذين تحدثت معهم الصحيفة من جر جزيرتهم أكثر في النزاع بسبب أحداث هذا الأسبوع، حيث عبرت مواطنة عن مخاوفها من قيام الإمارات بطرد السكان من الجزيرة، الذين تم إغراء الكثيرين منهم للعيش في الإمارات، حيث التعليم وأذونات العمل الخاصة.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى قول المواطنة: "هذا مكان جميل، ومن السهل التخلص من السكان، وبكلفة قليلة.. ولا حاجة للاستثمار أو التطوير، فالجزيرة مكان استراتيجي وعسكري مهم".
"إندبندنت" تكشف خطط الإمارات احتلال جزيرة سقطرى وفصلها
ذا درايف: كيف يقود تشكيل قوة عربية بسوريا لتعقيد المشهد؟
أمريكا تجري اتصالات رسمية لإحلال قوة عربية مكان قواتها بسوريا