بدأت تظهر ملامح أزمة إنسانية كبيرة بشكل واضح في ريف
حلب الشمالي، بعد عمليات التهجير المتتالية التي قامت بها قوات النظام السوري بحق سكان أحياء
الجنوب الدمشقي والغوطة الشرقية والقلمون الشرقي، الذين توجه معظمهم إلى مناطق سيطرة فصائل "درع الفرات" التي تدعمها تركيا بريفي حلب الشمالي والشرقي.
وافترش مئات المدنيين، معظمهم نساء وأطفال، الأراضي الزراعية منذ ليلة يوم الأحد، فسكان الغوطة الشرقية والقلمون الشرقي يبدو أنهم كانوا أوفر حظاً من لاحقيهم مهجري جنوب دمشق، حيث أدى العدد الكبير من المهجرين الذين وصلوا حديثاً إلى مناطق الشمال السوري وبخاصة مدن جرابلس والباب وعفرين بريفي حلب الشمالي والشرقي، لتفاقم الوضع أكثر فأكثر لا سيما مع وجود مهجرين من حي "الوعر" بحمص ونازحين من مدينة "تل رفعت" شمال حلب التي استولت عليها قوات قسد بدعم الطيران الروسي أواخر 2015، إضافة للنازحين من مدن الرقة ودير الزور والحسكة وغالبية المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة تنظيم الدولة ثم استولت عليها قسد أو قوات النظام السوري في الشرق من
سوريا.
يقول الناشط الحقوقي عثمان مصطفى في حديث لـ"
عربي21": "إن المنطقة تعاني من أزمة إنسانية ككل، ونخشى أن ينفجر الوضع مع كوارث لاحقة، فعلى الرغم من كافة التدبيرات المتخذة بالتنسيق مع الجانب التركي بشأن الخيام وأماكن استقبال المهجرين من دمشق وحمص وغيرها، إلا أن الأمور خرجت عن السيطرة، وقد بات نحو 600 شخص بينهم أكثر من 450 طفلا وامرأة في العراء وبلا مأوى رغم محاولات حثيثة لإدخالهم وتأمين مأوى والاحتياجات الضرورية لهم".
ويضيف أن "توقف الدعم عن المنظمات الإغاثية العاملة في الداخل بشكل شبه كامل كان له أثر كبير في هذه المسألة، وهو ما وضع جميع الضغوطات والمسؤوليات وألقى بها على كاهل الحكومة التركية التي تشرف على المنطقة كونها دعمت السيطرة عليها من قسد ومن سيطرة تنظيم الدولة، وبالتالي لم تعد الحكومة التركية على توفير الدعم مرة واحدة وبات الأمر يتطلب أياما أو ربما أسابيع لحين تأمين كافة متطلبات النازحين والمهجرين في مناطق درع الفرات".
من جانبه الناشط الميداني معن كيالي اعتبر في حديثه لـ"
عربي21"، أن الاقتتال الجاري بين الفصائل حتى الآن له دور كبير في المأساة الحاصلة، مشيراً إلى أن عدداً من مهجري القلمون الشرقي تعرضوا لإطلاق نار من قبل عائلة في مدينة الباب ينتمي أفرادها لفصيل أحرار الشام الأمر الذي استدعى تدخل فصيل أحرار الشرقية وتبدأ الاشتباكات بين الطرفين.
وتلا ذلك اشتباكات عنيفة لأسباب لم تعرف حتى الآن بين فرقة السلطان مراد ولواء صقور الجبل، وقد أدت الاشتباكات لاندلاع الحرائق في بعض الخيام بسبب الرصاص الطائش المتبادل ووصول المعارك إلى منطقة المخيمات قرب مشفى الأطفال التخصصي بمدينة إعزاز بريف حلب الشمالي، إضافة لانقطاع الطرقات بفعل المعارك بين الطرفين وهذا ما حال دون تقديم أدنى دعم للمهجرين المنتشرين على أطراف المدينة بانتظار تأمينهم وإيجاد مأوى لهم.