أثار اتفاق مصر مع الكويت على تجديد الوديعة المستحقة عليها والبالغ قيمتها 4 مليارات دولار، تساؤلات حول قدرة مصر على الالتزام بسداد الودائع في أوقاتها، وقوة الوضع المالي والاقتصادي الخاص بها، بعد نحو عام ونصف من تعويم الجنيه، وخفض الدعم، وزيادة الضرائب، ومضاعفة رسوم الخدمات.
وكان محافظ البنك المركزي المصري أعلن الأحد، موافقة
الكويت على تجديد ودائع مستحقة على مصر بقيمة 4 مليارات دولار، وصدر مؤخرا تقرير
للبنك المركزي يشير إلى أن 28 بالمئة من الدين الخارجي لمصر مصدره دول الخليج
العربي.
وبلغت استثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية
23.1 مليار دولار بنهاية آذار/ مارس الماضي، وبلغ متوسط سعر الفائدة 18.5 بالمئة
في 2017-2018، وهو الأعلى عالميا.
كشف المستور
الخبير المالي وائل النحاس، يقول لـ"عربي21"،
إن "مد أجل الوديعة له وجهان، الأول يعتبره الإعلام أنه يعكس ثقة الكويت في
الاقتصاد المصري، وبالتالي أرادت أن تستفيد من أسعار الفائدة، والوجه الآخر هو أن
مد الودائع المتوسطة الأجل إلى طويلة الأجل، يعني تأجيل الالتزامات المالية على
مصر بدليل أنها تحول الطروحات المالية في الخارج من قصيرة إلى متوسطة ومن متوسطة
إلى طويلة الأجل".
ونفى أن يكون هناك تحسنا ماليا بالرغم من الأرقام
التي يعلنها البنك المركزي من وقت لآخر، قائلا: "لا أجد تحسنا في المراكز
المالية، والدليل على ذلك أن الدولار لا يزال عند 17.60 جنيها، وهذه ليست تكلفته
الحقيقية، فالأجنبي يدخل في أدوات الدين بـ 18 جنيها للدولار ويخرج وعليه فوائد
3.6 جنيها ليصل سعر الدولار الحقيقي 21.60 جنيها، ما يعني أن الدولة تدعم سعر
الدولار أكثر من الأول".
وأكد أن ما حدث في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016
"لم يكن تعويما للجنيه كما قيل، إنما خفض قيمة الجنيه، فلا زال شراء الدولار
في البنوك غير متاح، كما أن تحويل دولار للخارج ليس أمرا سهلا"، متسائلا:
"هل يعلم أحد حجم الاحتياطي الحقيقي دون الديون؟".
اقرأ أيضا: الكويت تؤجل ودائع مستحقة على مصر بأربعة مليارات دولار
الخبير في الاقتصاد السياسي محمد شيرين الهواري، أكد
لـ"عربي21"، أن "الموضوع أكبر بكثير من مجرد تجديد الوديعة
الكويتية أو ردها، لأنه على وجه العموم تعتبر معظم المؤشرات التي تصدر سواء عن
البنك المركزي أو وزارة المالية ويقدموها للناس على أنها دلالات لتحسن الأوضاع
الاقتصادية، ليست في حقيقتها سوى أرقام نظرية بحتة لا مدلول فعلي لها، وستنهار
معظمها بمجرد حلول مواعيد استحقاق ليس فقط الودائع ولكن جميع أدوات الدين الحكومي،
خاصة السندات، المحلية منها والدولية".
وعن دلالات هذا التأجيل، أجاب "يعني ذلك أن
أمورا مثل تحول العجز الأولي (الذي تأمل الحكومة في تحقيقه) إلى فائض ستكون وهمية في
النهاية ولو صحت مؤقتا، وينطبق الأمر نفسه على مناحي أخرى مثل انخفاض كل من الدين
العام والخارجي كنسبة من الناتج المحلى الإجمالي".
وتابع: "وكذا ما يُشاع عن زيادة الاستثمار
الأجنبي المباشر الذى بلغ نصيب أدوات الدين الحكومي منه في عام 2017 حوالى 21
مليار دولار، أي أنها تشكل عبئا على الموازنة العامة المثقلة بمبلغ 400 مليار جنيه
تقريبا في السنة المالية 2018/2017، لخدمة الدين فقط دون إضافة قيمة فعلية من
إنتاج أو خدمات".
هشاشة الاقتصاد
الباحث الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي، ذهب إلى القول
بأن "تأجيل سداد الوديعة يضعنا أمام مجموعة من التساؤلات أولها، أين هي مظاهر
التحسن في موارد مصر الخاصة بالدولار؟ وبخاصة احتياط النقد الأجنبي الذي تخطى
حاجز 42 مليار دولار، فإذا كانت هذه الموارد حقيقية ويمكن توظيفها في إطار احتياط النقد الأجنبي كان من الأولى سداد الوديعة من الاحتياطي النقدي وهذه أول مهامه".
وأضاف لـ"عربي21": "الأمر الثاني أن هذه ليست المرة الأولى، فمصر طلبت من السعودية والإمارات تأجيل سداد ودائع
بمليارات الدولارات، مما يظهر أن الوضع المالي في مصر لا يزال هشا، ودلائلها
استمرار مصر في الاستدانة من الخارج خارجيا ومحليا، وأن رصيد الاحتياطي غير حقيقي
ولا يقوم بوظائفه".
ولم يستبعد أن "تماطل الحكومات الخليجية
أكبر فترة ممكنة من أجل أن تكون الودائع بفوائد منخفضة وبخاصة أن الودائع التي تم
الحصول عليها في 2013 كانت بفوائد صفر، ولكنها ارتفعت بعد المؤتمر الاقتصادي في شرم
الشيخ 2015 إلى 2.5 بالمئة"، مشيرا إلى أن "المماطلة ستكون سياسة
استراتيجية لمصر، وفي ظل عدم الشفافية تعلن الحكومة المصرية عن تأجيل السداد فقط،
ولا تعلن عن شروط اتفاق التأجيل، وهل تم بنفس الشروط أم بوضع شروط أخرى تتضمن
أسعارا أعلى؟".
اكتتابات الشرق الأوسط تقفز 57% في الربع الأول من 2018
الكويت تؤجل ودائع مستحقة على مصر بأربعة مليارات دولار
ثلاث تحديات تعطل مشروع البديل الاستراتيجي بالكويت