استعرض الباحث الأمني الإسرائيلي، آساف غولان، الوسائل والطرق التي ينفذ فيها جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "
الموساد" عملياته لاغتيال النشطاء المعادين لإسرائيل، بدءا بتشخيص الهدف، وحتى إطلاق الطلقة الأخيرة القاتلة.
واعتبر غولان في تحليله الذي نشرته صحيفة "
إسرائيل اليوم"، وترجمته "
عربي21" أن اغتيال المهندس الفلسطيني،
فادي البطش، بماليزيا قمة جبل الجليد فقط مما تقوم به الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من عمليات مكثفة تبدأ بجمع المعلومات، والتحضير للاغتيال الذي قد يستغرق عدة أشهر، بما في ذلك البحث عن شقق سكنية للتخفي فيها، وتزوير الوثائق وجوازات السفر، وصولا للاختفاء من ساحة الحادث الذي وقع فيه الاغتيال.
ونقل غولان عن غاد شمرون رجل الموساد السابق ومؤلف كتاب "الموساد والأسطورة" أن قرار تصفية هذا الشخص أو ذاك يتخذ من أعلى هرم دوائر صنع القرار في الدولة، بما يعني رئيس الحكومة الذي يصادق أو يرفض الموافقة على الاغتيال، مع أن الموافقة لا تتم في اللحظات الأخيرة، وإنما جرت العادة أن تحصل قبل نصف عام على الأقل، من خلال تحضير المادة المعلوماتية الخاصة بالشخصية المستهدفة، ورئيس الحكومة يتخذ القرار من الناحية المبدئية للمس به واستهدافه.
وأضاف: "يشارك في عملية الاغتيال عدة أطراف وجهات متعددة، أحدها يخرج للبحث عن أماكن ليتواجد فيها الأفراد الذين سينفذون عملية الاغتيال، آخر يسعى لتوفير الاحتياجات اللوجستية كوسائل المواصلات واللوازم الخاصة، وفي هذه الحالة فأن تستأجر سيارة في دولة أجنبية يعني أنك بحاجة لوثائق تمويهية، وفي بعض الأحيان قد يضطر أحد أفراد خلية الاغتيال لتغيير رقم رخصة القيادة، أو لون بشرته، فضلا عن وثائق خاصة بالسفر والإقامة".
وهناك طرف ثالث مهمته إجراء مسح ميداني للمنطقة التي ستشهد تنفيذ الاغتيال، والبحث في نقاط ضعفها وقوتها، وترجيح أي الأوقات ملاءمة لتنفيذ الاغتيال، وهناك جهة أساسية مهمتها إخراج الطاقم الذي ينفذ عملية الاغتيال من الدولة التي شهدت الحادث.
وأكد أن العادة جرت بأن الأطراف أو الجهات التي توفر جميع هذه الخدمات الأساسية لا تعرف بعضها دائما، كي لا يتم كشف أمرها تحت أي ظرف من الظروف.
وأضاف: "بعد أن يتم توفير الشقة السكنية، والمركبات المستأجرة، ومعرفة المكان جيدا، يأتي طاقم الاغتيال، الذي ينفذ المهمة، ثم يختفي على الفور، وفي ظل توفر وانتشار كاميرات المراقبة في جميع أنحاء العالم فإن الطاقم يتلقى تدريبات إضافية كي لا يتم كشف هويته".
وزعم غولان أنه "بغض النظر عن الجهة التي نفذت اغتيال البطش، فإن الطريقة تشبه ما يقوم به الموساد وسواه من أجهزة الاستخبارات، لكن اللافت أن
ماليزيا فيها 12 مليون دراجة نارية، في حين استخدم المنفذون دراجات من طراز BMW GS، وقد يعتبر ذلك أمرا لافتا".
ضابط آخر من جهاز الموساد رفض كشف هويته، خدم في جهاز الأمن العام الشاباك والجيش، وعمل داخل دولة قريبة من إسرائيل، قال إن أي اغتيال يقوم به الموساد يستهدف من يريد المس بأمن إسرائيل.
وأضاف أنه فور أن يتم تحديد هوية من سيتم اغتياله يبدأ إجراء مسح يومي لبرنامجه الشخصي: متى ينام، يستيقظ، أين يأكل، ما هي حركته اليومية. وبعد أن يتم التأكد من كل هذه المعلومات، وتبدأ الإجراءات العملية للتصفية، يحصل الجهاز على ضوء أخضر للتنفيذ، مع أن هوية من سيتم اغتياله ترفع لأعلى الجهات في الدولة للحصول على المصادقة، بعد التأكيد أنه شخصية خطرة، يشكل تهديدا جديا.
وأوضح أنه في مثل هذه الحالة توجد إمكانيتان: إن كان المطلوب في مكان مستقر، وحركته قليلة، قد يستغرق تنفيذ العملية بين نصف عام إلى عام، حيث يتدرب المنفذون مرة واثنتين، ويجهزون كل طرق الانسحاب من المكان، مع أن الطريق الصعب ليس إطلاق النار في النهاية، وإنما كيفية الوصول إليه.
احتمالية ثانية تتعلق بأن الشخصية المستهدفة قد يكون لديه من الوسائل الأمنية لحمايته ما يعرقل اغتياله بصورة سلسة، ولكن في لحظة ما يأتي الحظ، ويكون أمامنا فرصة زمنية لا تتجاوز 24- 48 ساعة يمكننا خلالها المس به، وهنا يتم اللجوء لوسيلة سريعة خاطفة دون أن نعرض المنفذين للخطر.
وكشف النقاب أن المشاركين في أي عملية اغتيال بكل مراحلها السابقة يعدون بالعشرات، معظمهم موجودون داخل إسرائيل، رغم سفرهم وتنقلاتهم من وإلى مكان الاستهداف، والتصفية الجسدية في نهاية الأمر هي نتاج كل ما تقدم من مراحل وعمليات سابقة.