حالة من القلق تلف قطاع الموظفين العموميين في غزة بعد تأخر تلقي رواتبهم من قبل وزارة المالية في رام الله، تحت ذريعة وجود خلل فني في كشوفات الرواتب، رغم صرفها لنظرائهم في الضفة الغربية بشكل اعتيادي.
ويأتي هذا التأخير الذي يحصل للمرة الأولى منذ سنوات، في ظل حديث عن توجه لفرض عقوبات جديدة من قبل رئيس السلطة محمود عباس على قطاع غزة، بعد تعثر جهود المصالحة مع حركة حماس، واتهامه المتكرر للحركة بالوقوف وراء تفجير موكب رئيس الحكومة رامي الحمد الله، وعدم "تمكين" الحكومة.
وفي خطاب سابق خلال الشهر الجاري، توعد عباس، قطاع غزة، قائلا: "إنه وفي حال عدم تسلم السلطة بشكل كامل للوزارات والدوائر والأمن والسلاح، فلكل حادث حديث، ولن نكون مسؤولين عما يجرى هناك"، حسب تعبيره.
نقيب الموظفين العموميين في غزة عارف أبو جراد قال إن السلطة الفلسطينية ووزارة المالية في رام الله تمارس تمييزا عنصريا بين الموظفين، بعد أن صرفت الرواتب في الضفة فقط، دون أن تبدي حتى اللحظة أسبابا مقنعة لهذا الإجراء.
وأضاف في حديث لـ"عربي21" أن الحديث عن وجود خلل فني في تأخر صرف الرواتب "غير مقنع" إذ أن أي خلل في الصرف يفترض أن يتم تداركه خلال ساعات، بينما أزمة الرواتب تدخل يومها العاشر حيث تصرف الرواتب عادة بين الثالث والخامس من كل شهر.
ودعا أبو جراد إلى تحييد ملف الموظفين ورواتبهم عن المناكفات والخلافات السياسية بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس قائلا: "طالبنا الفصائل ورئيس السلطة أبو مازن أكثر من مرة بضرورة إبعاد الموظفين وقوت أولادهم عن الخلافات السياسية، ونحن مع المصالحة ونؤكد تأييدنا لتنفيذها".
واستنكر أبو جراد إحجام المسؤولين عن توضيح الأسباب الحقيقية وراء عدم صرف الرواتب قائلا: "نتواصل مع جميع المسؤولين الحكوميين في رام الله وأجرينا اتصالات عديدة لاستيضاح الموقف والأسباب التي أخرت صرف الرواتب؛ إلا أن أحدا لم يرد علينا كنقابة، ويبدو أن هناك تعليمات للمسؤولين بعدم التحدث للإعلام عن هذا الموضوع".
ويبلغ عدد الموظفين الحكوميين في قطاع غزة من مدنيين وعسكريين نحو 32 ألف موظف، وذلك بعد أن أحيل عدد مماثل تقريبا للتقاعد المبكر الإجباري خلال الأشهر القليلة الماضية. بحسب أبو جراد الذي حذر من كارثة جديدة تضاف إلى كوارث غزة تطال عائلات الموظفين، جراء تدهور الحالة الاقتصادية وعدم قدرة هؤلاء على الوفاء بالتزاماتهم تجاه أبنائهم وعائلاتهم.
اقرأ أيضا: عباس يكشف عن التهديدات التي نقلها عبر المصريين لغزة
وعبّر النقيب عن خشيته من أن يكون تأخير صرف الرواتب، بداية مرحلة جديدة من العقوبات التي تفرضها السلطة الفلسطينية على قطاع غزة، قائلاً: "أخشى ما أخشاه أن يكون ذلك بداية عقوبات على غزة".
وحاولت "عربي21" التواصل مع العديد من المسؤولين في وزارة المالية في رام الله عبر الهاتف، إلا أنّ أحدا منهم لم يجب.
وكان عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد قال قبل أيام في تصريحات إذاعية إن عدم صرف رواتب موظفي السلطة بغزة، ناتج عن خلل فني، وإنه لم يصدر قرار حتى الآن بإيقافها.
وأضاف الأحمد أن أي إجراءات يتم اتخاذها من قبل الرئيس والحكومة هي بحق حماس لإضعاف "سلطة الانقلاب وسلطة الأمر الواقع المتمردة في غزة"، مجددا التأكيد على أن "القيادة لن تتخلى عن قطاع غزة".
وتفرض السلطة منذ عدة أشهر خصومات مالية على رواتب موظفيها في غزة دون الضفة وصلت إلى 50%، وذلك في إطار سلسلة إجراءات ضد قطاع غزة، أبرزها تقليص كمية الكهرباء الواردة له، وخفض عدد التحويلات الطبية الخارجية، الأمر الذي فاقم الوضع الاقتصادي في غزة بشكل غير مسبوق.
"حماس": صفقة القرن لن تمر.. ماذا طلبت من عباس؟
هيئة بريطانية: فرض عقوبات جماعية على قطاع غزة جريمة حرب
"عربي21" تكشف تفاصيل من لقاء القيادة الفلسطينية حول غزة