نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للكاتب مارك إي ثيسن، يتساءل فيه عن الدروس التي يمكن أن تتعلمها كوريا الشمالية من الغارات الجوية التي أمر بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي في سوريا وكيف تم استفزاز إدارته بسهولة، محاولة تجنب الخطر.
ويرى الكاتب أن "سبب تجنب الأمريكيين تدمير قدرات النظام السوري الكيماوية نابع من محاولتهم تجنب استفزاز روسيا للرد، وبدلا من تحذير الروس من أن بقاءهم في الأماكن التي ستضرب هو مسؤوليتهم، قام الأمريكيون بتصميم الهجمات لئلا تصيبهم بأذى".
ويعلق ثيسن في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، قائلا إن "كوريا الشمالية تفهم هذا، فإن كان ترامب غير راغب في تدمير القواعد الجوية لخوفه من الرد الروسي، فإنه لن يضرب القدرات النووية والباليستية الكورية".
ويجد الكاتب أن "هذا الأمر يعد نكسة للجهود الأمريكية وقف قدرات كيم جونغ- أون، فالطريقة الوحيدة لحل الأزمة مع كوريا الشمالية بطريقة سلمية هي إقناع كيم بأن التهديد العسكري حقيقي، وبعد أعمال الولايات المتحدة يوم الجمعة في سوريا، فإن مصداقيتنا أضعفت بدلا من تدعيمها".
ويشير ثيسن إلى أن "التقارير الصحافية تقول إن ترامب كان يريد عملية قوية، إلا أن وزير الدفاع جيمس ماتيس وقف أمامه، وهو الرجل نفسه الذي رفض منح ترامب خيارات قوية في كوريا الشمالية، ولو كان هذا صحيحا فإن ماتيس لم يقدم خدمة جيدة لترامب، الذي كان يريد عملا عسكريا قويا، والظهور بمظهر الرجل القوي على المسرح الدولي".
ويبين الكاتب أنه "بناء على نصيحة ماتيس، فإنه حصل العكس، ونتيجة لهذا فإن ترامب سيبدو ضعيفا أمام كيم في القمة المرتقبة، ولو لم يتخذ عملا عسكريا فلكان سيظهر في وضع سيئ، لكن ليس أكثر، فعندما تقوم باستعرض عضلاتك حتى لا تتعرض للسخرية فأنت تبدو ضعيفا".
ويتحدث ثيسن عما قاله مسؤول أمريكي لصحيفة "لوس أنجلوس تايمز"، بعد اجتياز الديكتاتور السوري بشار الأسد الخط الأحمر، واستخدامه السلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية عام 2013، بأن أي معاقبة للنظام يقوم بها باراك أوباما هي "مجرد استعراض عضلات ولتجنب السخرية"، ولن تكون مدمرة؛ حتى لا يحرض كل من روسيا وإيران على رد انتقامي، مشيرا إلى أن "أوباما تراجع في النهاية عن الرد حتى عن القيام بمثل هذا العمل العسكري الضعيف، إلا أن ترامب قام في يوم الجمعة بهجوم".
ويقول الكاتب إن "ترامب يستحق الثناء عندما تحرك (مرتين) في حين جبن أوباما، ويستحق الثناء لأنه استطاع إقناع حلفاء أمريكا بالمشاركة معه، لكن علينا أن نكون واضحين بأن غارات الجمعة لم تكن سوى (استعراض عضلات لمنع السخرية)، لكنها تركت أثرها المدمر على سمعة الولايات المتحدة ومصداقيتها الدولية أكثر مما فعلت لنظام الأسد، فلم تصب الغارات طائرة أو قاعدة جوية، ولا أي نظام لإطلاق الصواريخ، وتركت النظام السوري محافظا على قدراته الكيماوية، وحتى في المواقع التي كانت تجري فيها عمليات إنتاج السلاح الكيماوي فإنه كانت لدى النظام الفرصة التحرك ونقل المواد المخزنة لمكان آخر قبل بدء الغارات".
ويلفت ثيسن إلى أن "السوريين يعلمون أنهم انتصروا، وكما أشارت صحيفة (واشنطن بوست) في تقريرها: (في شوارع دمشق كانت هناك احتفالات، حيث اعتبر أنصار النظام أنه لن تكون هناك عملية أوسع)، وقال النائب السابق لرئيس أركان الجيش الأمريكي الجنرال المتقاعد جاك كين، إن لدى السوريين سببا للاحتفال؛ لأن (الرد كان ضعيفا بحسب رأيي)، وأضاف كين أن الأسد راهن على الهجوم الكيماوي وفاز".
ويقول الكاتب: "كما وضح كين، فإن الأسد كان يريد السيطرة على آخر معاقل المعارضة في الغوطة الشرقية، التي ظلت صامدة رغم الحصار والقصف الجوي المتواصل، وحسب الأسد أنه يستطيع استخدام السلاح الكيماوي وسحق المعارضة، وبعد ذلك استيعاب ضربة عسكرية محدودة، ولهذا قام بهجومه الكيماوي، واستسلمت المعارضة بعد ساعات من الضربة الكيماوية".
وينوه ثيسن إلى أنه "كما توقع الأسد، فإن الضربة العسكرية كانت محدودة، وتركت قوته الجوية ومراكز القيادة العسكرية وقدراته الكيماوية، ولم يعاقب، بل على العكس، فإنه حصل ما توقعه من ضربته الكيماوية (المهمة أنجزت)".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إنه "بدلا من تأديب رئيس النظام السوري، فإنه خرج أكثر جرأة، وكذلك إيران وروسيا، بل على العكس، فإن الغارات الأخيرة ستزيد من جرأة أعداء أمريكا".
ديلي بيست: يجب ذهاب الأسد لهذه الأسباب يا سيد ترامب
فايننشال تايمز: لماذا ينحسر دور أمريكا في الشرق الأوسط؟
وول ستريت: أمريكا تحث الحلفاء لدعم توجيه ضربة ضد سوريا