لأول مرة في تاريخ الحرب الدائرة في
سوريا، اتفقت قوى إسلامية، ويسارية، وقومية، على إدانة الضربات الغربية لسوريا، بينما بقي الخلاف حول الموقف من النظام السوري، والتدخل الإيراني، والروسي، حاضرا.
وتسبب الموقف من الثورة السورية، بشرخ كبير في تنسيقية أحزاب المعارضة الأردنية، عام 2011، عندما أيدت أحزاب يسارية وقومية النظام في دمشق، واعتبرت ما يجري استهدافا "لنظام المقاومة والممانعة"، في وقت اصطف فيه حزب جبهة العمل الإسلامي، لجانب الثورة، منتقدا قتل المدنيين.
وعبرت شخصيات، وأحزاب، أردنية عن موقفها من "الضربة الأمريكية"، لسوريا، إذ اعتبر رئيس مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين زكي بني ارشيد، أن "الضربات الأمريكية الغربية ضد سوريا هي الوجه الآخر للمأساة، وتؤدي إلى المزيد من التعقيد، ولن تفضي إلى حل المعضلة، ولا يصح أن نؤيد تلك الضربات بأي حال وهذا هو الموقف المتوازن الصحيح".
مضيفا أنه "تجب إدانة جرائم النظام السوري، وتحميله مسؤولية ما حدث، ورفض التدخل الأجنبي بكل أنواعه ( أميركي روسي إيراني...)، بعد أن أصبحت سوريا ميدانا لحروب الوكالة بين القوى الدولية ورفض الاستعانة بقوات أجنبية".
ودعا بني ارشيد إلى "حل داخلي يصنعه السوريون أنفسهم"، متسائلا: "متى تنضج ذهنية الفرقاء السوريين لإنجاز المصالحة الوطنية التاريخية، بعيدا عن الغطرسة والاستكبار والإقصاء والنسخ الحديثة من حروب الإخوة الأعداء وداحس والغبراء؟".
بدوره، أدان حزب الوحدة الشعبية اليساري، في بيان صحفي، "الاعتداء الإمبريالي، الأمريكي، الفرنسي، البريطاني، على الجمهورية العربية السورية، والذي تم بالتنسيق المسبق مع الكيان الصهيوني وعدد من الأنظمة العربية الخليجية".
وقال: "إننا نرى أن هذا الاعتداء ما هو إلا محاولة استعمارية فاشلة، للخروج بأقل الخسائر بعد سلسلة الانتصارات التي حققها الجيش العربي السوري، والتي استطاع من خلالها التصدي بكل شجاعة وحزم للجماعات الإرهابية ومموليها من أمريكان وصهاينة وأنظمة عربية رجعية".
وأعرب الحزب عن استيائه واستغرابه من "موافقة جامعة الدول العربية، وبعض الدول العربية التي لم تحرك ساكناً تجاه هذا الاعتداء الصارخ على دولة عربية شقيقة وإحدى أهم رموز العروبة".
وقال عضو الحزب، فاخر دعاس، لـ"
عربي21"، إن "
قصف سوريا لن يؤدي إلى سقوط النظام السوري، وهذا أمر يعرفه الأمريكان جيداً، إذن فلتسأل نفسك عن سر حماستك لهذه الضربة، من يؤيد القصف الأمريكي للدولة العربية السورية، ويشجع مشاركة الكيان الصهيوني بهذا القصف، هو واحد من اثنين: إما عميل لأمريكا أو للكيان الصهيوني أو مرتزق يقبض أموالاً برائحة النفط العفنة، أو أنه أحمق بكل ما تحمله الكلمة من معنى".
ونفذ ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية، اعتصاما أمام السفارة الأمريكية في عمان مساء السبت، رفضاً "للعدوان الأمريكي على سوريا"، لتتحول فيما بعد إلى مسيرة تأييد للنظام السوري باتجاه سفارة دمشق في عمان.
وأدان حزب البعث العربي الاشتراكي الأردني، "الاعتداءات الأمريكية البريطانية والفرنسية على الشعب السوري، كما أنه أدان التدخل الروسي والإيراني، وضرب الشعب السوري هناك بمختلف أنواع الأسلحة".
وقال الحزب: "بذات الوقت ندعو النظام الطائفي الأسدي، لرفع يده عن شعبنا وليرحل غير مأسوف عليه نظاما قاتلا تعامل مع شعبه بكل قسوة وقذارة مثلما تآمر على الأمه العربية ابتداء من الحرب التحريرية إلى التحالف مع أنظمة حفر الباطن، ومع النظام الصفوي الإيراني وجعل سوريا الدولة والشعب تتعرض للاحتلال وقتل شعبها العروبي الأصيل".
وأضاف في بيان صحفي أن "الإمبريالية الأمريكية والغربية الداعمة للكيان الصهيوني الغاصب إذ تنفذ الآن ضربات صاروخية وجوية ضد شعبنا السوري الشقيق لتزيد من معاناة هذا الشعب وتشريده وقتل أطفاله وهدم ما تبقى من البيوت على رأس ساكنيها بحجة أن النظام هناك استخدم أسلحة كيماوية ضد شعبه، و بالرغم من أن ذلك غير مستبعد لأن النظام الإيراني سبق وأن استخدمت هذه الأسلحة في حلبجة، إلا أن الإمبريالية لا يعنيها كل ذلك سوى مصالحها ولعيون الكيان الصهيوني، وبذات الوقت ندعو ما تبقى من الأنظمة العربية لتتخذ موقفا حازما من هذا العدوان، ورفع يد الأنظمة المتحالفة عن سوريا الأرض والشعب".
من جهتها، اعتبرت النائب السابق هند الفايز الضربة الثلاثية على سوريا "مسرحية هزيلة تم تنفيذها بإخراج أمريكي، بريطاني، فرنسي، وإنتاج سعودي، وإماراتي"، مضيفة أن "سوريا، وروسيا، وإيران، قرروا عدم حضورها لمعرفتهم أنها رخيصة الإخراج بفاتورة إنتاج فلكية!".
الحكومة تعلق
رسميا، أكدت الحكومة الأردنية، في أول تعليق لها على الضربة الأمريكية، على لسان وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني "موقف الأردن الثابت والداعي والداعم لحل الأزمة السورية سياسيا".
وأشار المومني إلى أن "هذه الأزمة وإذ تدخل عامها الثامن، فإن الحل السياسي لها، هو السبيل والمخرج الوحيد وبما يضمن استقرار سوريا ووحدة أراضيها وأمن شعبها".
وأضاف أن "الحل السياسي يحفظ وحدة الشعب السوري الشقيق ويعيد الأمن والاستقرار لسوريا، وإن استمرار العنف فيها يؤدي إلى المزيد من العنف واستمرار الصراع والقتال والدمار والتشريد الذي ضحيته الشعب السوري الشقيق".