شهدت مدينة تعز (جنوب غرب اليمن)، السبت، حراكا شعبيا وسياسيا من جديد، رافضا لمساعي تأسيس قوات أمنية تحت مسمى "الحزام الأمني" تشرف عليها الإمارات، ومحاولات تمكين طارق صالح، نجل شقيق الرئيس اليمني الراحل، علي عبدالله صالح، وقواته من التواجد عسكريا فيها.
وخرج أبناء تعز في حشود جماهيرية داخل المدينة، وفي مديريتي المعافر والمواسط (جنوب غرب)، ترفض هذه المساعي، وتتعهد بصون حقوق الشهداء والجرحى الذين سقطوا دفاعا عن المدينة.
وكانت "عربي21" كشفت عن قيام الإمارات بإنشاء مقر وغرفة عمليات تابعة للتحالف في مديرية المعافر (جنوب غربي تعز)، في محاولة تأتي في سياق محاولتها تشكيل قوات أمنية موالية لها تحت مسمى" الحزام" وفرضها على المدينة، كما هو الحال في المحافظات الجنوبية المحررة.
اقرأ أيضا: "عربي21" تكشف إنشاء الإمارات مقرا وغرفة عمليات بتعز
وقال بيان صادر عن رابطة أسر الشهداء والجرحى، التي دعت للمسيرة، إنه لمن المؤسف سماع محاولة دعم طارق صالح، لما يسمى زورا تحرير تعز، وهو المسؤول عن قوات الحرس التي استمرت بقتل أبناء المدينة طيلة ثلاث سنوات، بل المسؤول عن فريق القناصة التي اعتدت على أطفال ونساء ورجال تعز الآمنين من المارة في الشوارع والساكنين في مساكنهم.
وأضاف البيان أن هذا الأمر يستدعي تقديمه (أي طارق) للمحاكمة كمجرم حرب، لا إعطاءه لواء تحرير تعز.
ودعت المسيرة في بيانها إلى "الوقوف أمام ثنائي القتل العائلة (في إشارة إلى الجنرال طارق صالح الذي يمثل عائلة عمه صالح) والسلالة (يقصد به الحوثيين) اللذين تفننتا في قتل أبناء تعز قنصا وقصفا بمختلف أنواع الأسلحة.
وذكرت أن هذه المساعي "تضاعف أوجاع أسر الشهداء وكافة سكان المدينة، واستفزازا وتفريطا بدمائهم، وعقابا واستخفافا بتضحياتهم ودهسا لإرادتهم".
وفي سياق حديثها عن نجل شقيق صالح، شددت على أنه لن يتم استقباله وهو المسؤول عن قتل أبنائها والاعتداء على مدينة تعز وحصارها بالزهور والزغاريد، بل ستبقى تعز عنوانا للكرامة وقاعدة لتحرير اليمن من عبث العائلة (عائلة صالح) وهمجية السلالة الظلامية (جماعة الحوثي).
وأعلن البيان رفضه أي فعل أو عمل يستهين بدماء أبناء تعز ويعبث بجراحها. داعيا الحكومة الشرعية ودول التحالف العربي لـ"إنهاء هذه المهازل التي تنكأ الجراح، وتقدم انتصارات مجانية لأعداء اليمن والمنطقة"، من شأنها إضعاف معسكر الشرعية المناهض للمشروع السلالي، ومن ورائه المشروع الفارسي، في تلميح منه إلى إيران.
وحثت المسيرة في بيانها الجميع، سلطة وجيشا وأحزابا ومنظمات مدنية، إلى رفض عملية تدوير القتلة كفاتحين، فهي من مهازل الزمن وعجائب الأيام.
وأشاد البيان بدور التحالف العربي في ردع الانقلاب منذ انطلاق عاصفة الحزم، داعيا إياه إلى دعم تحرير تعز عن طريق السلطة الشرعية والجيش الوطني، وليس الوقوف في صف قتلة تعز التي تخوض معركة الكرامة في خندق واحد معه.
وأكد بيان رابطة أشر شهداء تعز رفضها لكل التشكيلات العسكرية خارج إطار الشرعية وسلطة الدولة برئاسة الرئيس عبدربه منصور هادي، معتبرا ذلك "عملا مليشاويا" مرفوض.
بيان ثان ردا على حاكم تعز
وفي بيان ثان صادر عن الرابطة ردا على اتهام محافظ مدينة تعز، أمين محمود، للمتظاهرين بالغوغاء، قالت: نأسف كل الأسف من كلام محافظ المحافظة الذي كنا نعتقد -وما نزال- بأنه سيكون المدافع الأول عن حقوق الشهداء والجرحى ودمائهم، والراعي الحنون لأسرهم، فإذا به يصف المسيرة المنتصرة للشهداء والجرحى بـ"الغوغائية والمأجورة".
ودعا البيان رقم 2، الذي وصل "عربي21" نسخة منه، مساء السبت، المحافظ محمود إلى الحذر من الطابور الخامس الذي يجتهد في التضليل وقلب الحقائق وحباكة الأكاذيب، مؤكدا على ضرورة اللقاء به، وهو ما طلبناه مرارا.
وانتقدت الرابطة في البيان رمي المسيرة التي دعت لها بتهمة ثانية، أنها "ضد التحالف العربي، مع أنها أكدت في بيانها وبوضوح تقديرها وتثمينها لدور دول التحالف في مواجهة الانقلاب، وطالبتها بمزيد من الدعم كوننا جميعا في خندق واحد".
وعبرت عن رفضها وصف رفض مطالبهم كأسر شهداء بأنهم "غوغاء" و"مستأجرون" و"طابور خامس"، مشددة على الاستمرار في معركة الكرامة والتحرير وستستمر في مسيرة النضال لتحقيق الأهداف التي ضحى لأجلها أبناؤهم.
طابور وغوغاء
وكان محافظ تعز، أمين محمود، قال في تصريح أدلى به خلال مؤتمر صحفي عقده السبت، إن التظاهرات التي خرجت في تعز اليوم الرافضة لـ"طارق صالح"، تصب في مصلحة المليشيات الكهنوتية السلالية التي تحاصر تعز، واصفا من شارك فيها ودعا إليها بـ"الطابور الخامس الذي يعمل على إشعال الحرائق والفتن".
وأضاف أن الذين يقومون بدعوة للتظاهرات والدعايات والبيانات الكاذبة مع أهداف الانقلاب الحوثي في إبقاء تعز رهينة للحصار والقتل والتجويع، وكل ما يقوم به هؤلاء الغوغاء يصب في مصلحة المليشيات الكهنوتية السلالية التي تحاصر تعز.
وأشار إلى أن تحرير تعز واليمن قاطبة لن يكون بالإساءة وتوجيه الاتهامات الزائفة لدول التحالف العربي التي هبت لنصرة الشعب اليمني. لافتا إلى أن هناك إعادة لبناء وتفعيل مؤسسات الدولة المختلفة، وتم مباشرة العمل الدؤوب في إعادة هيكلة ألوية الجيش وإعادة بنائها على أسس علمية حديثة، وسيقوم بهذا العمل المجيد كوكبة من أكفأ القيادات العسكرية من أبناء القوات المسلحة.
ويتردد على نطاق واسع بأن المحافظ محمود، الذي عين خلفا للسابق المعمري، جاء بضغوط مارستها دولة الإمارات، وبتزكية من مستشارها، حمود خالد الصوفي، الرئيس السابق لجهاز الأمن السياسي (مخابرات داخلية) الذي يقيم متنقلا بين القاهرة وأبوظبي.
وفي أواخر كانون الثاني/ يناير الماضي، أعلن محافظ تعز بدء تنفيذ عملية عسكرية واسعة مدعومة من قوات التحالف لتحرير المحافظة، عبر بيان مصور نشرته وكالة الأنباء الرسمية الإماراتية "وام"، وهو ما قوبل بانتقادات واسعة حول عدم نشر بيانه في التلفزيون الرسمي والوكالة الحكومية، واختياره لوكالة أخرى.
بقايا النظام البائد
ومن جهتها، أصدرت قوى سياسية مساندة للحكومة الشرعية في مديرية الشمايتين بتعز، بيانا رافضا للتحركات الأخيرة التي يقوم بها بعض من بقايا النظام البائد ومن خلفهم، من خلال محاولة فرض أحزمة أمنية -كما يسمونها- على محافظة تعز الآمنة والمستقرة.
وقال البيان، وصل "عربي21" نسخة منه، إننا في تحالف القوى السياسية الداعمة للشرعية بمديرية الشمايتين، نرفض رفضا قاطعا أي تشكيلات أو كيانات تأتي خارج إطار الدولة والشرعية. داعيا في الوقت نفسه من يريد الأمن والأمان لتعز أن يكون له دور إيجابي في سبيل استكمال تحريرها من أيدي المليشيات الانقلابية.
وأوضح التحالف السياسي أن أي جهود تبذل لا يكون هدفها التخلص من المليشيات الانقلابية في المحافظة يعد "انقلابا آخرا على تعز أولا والشرعية ثانيا". معتبرة أن هذه الجهود لا تختلف عما يقوم به الانقلابيون، بل محاولة للالتفاف على الثورة ومكتسباتها (ثورة 11 فبراير) والدولة ومؤسساتها.
وتعهدت القوى السياسية بالاستمرار في مسيرة النضال نحو استعادة الدولة من أيدي الانقلابين، وبسط نفوذ الشرعية على كامل تراب البلاد.
ودعت أيضا إلى مزيد من التلاحم والاصطفاف، واليقظة والانتباه، فأعداء الوطن لا يزالون رابضين ينتظرون فرصة سانحة للانقضاض عليهم وعلى مكتسباتهم.
واختتم تحالف القوى السياسية بيانه بخطاب موجه إلى السلطة المحلية وقيادة الجيش والمقاومة، بأنهم "مع الحزم لا مع الحزام "، في إشارة إلى قوات الحزام الأمني الذي تسعى الإمارات إلى تشكيله في تعز على غرار المحافظات الجنوبية ومنها مدينة عدن جنوبي البلاد.
يشار إلى أن محافظ تعز، علي المعمري، الذي استقال في أيلول/ سبتمبر 2017 من منصبه، رفض عرضا إماراتيا بالموافقة على تشكيل قوات "حزام أمني" في المدينة، مطالبا بتقديم الدعم للأجهزة الأمنية والعسكرية الرسمية، والجدية في رفع الحصار عنها.
موقع "الأزمات الدولية": هذه أولويات إيران في الشرق الأوسط
"عربي21" تكشف إنشاء الإمارات مقرا وغرفة عمليات بتعز
مصدر لـ"عربي21": التحالف يمنع بن دغر من العودة لمدينة عدن