استعرضت صحيفة "الكونفدنسيال"
الإسبانية في تقرير لها، التهديدات الأمريكية بالرد على الهجوم الكيماوي في دوما،
الذي يبدو أمرا وشيكا. وحيال هذا الشأن أكد الخبراء أنه كلما تأخر الردّ الأمريكي،
كلما كان أكثر عنفا وأنه لا مفر من التصعيد في
سوريا.
وقالت
الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته
"
عربي21"، إن التهديدات المتبادلة بين الرئيس الأمريكي، دونالد
ترامب،
والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، تحذر من مواجهة مسلحة بين القوتين العظمتين في
سوريا. وقد أكد ترامب عبر حسابه في موقع تويتر أن العلاقة بين البلدين تمر بأسوأ
لحظاتها في الوقت الراهن.
وأورد تصريح ماكس براهامز، الخبير في الإرهاب
والأمن في جامعة نورث إيسترن في الولايات المتحدة، الذي جاء فيه أن "الصراع
بين القوتين العظمتين في العالم على وشك البداية". ويرى الأستاذ أن
"ترامب مجبر على قيادة عملية عسكرية أكبر حجما من التي أطلقها سنة 2017، خاصة
وأنه لطالما انتقد تقاعس سلفه أوباما خلال سنة 2013. بالإضافة إلى ذلك، يحاط ترامب
بإدارة "مؤيدة للحروب"".
وواصل الخبير أن "ما يحدث ليس مزحة، كما
أن الوضع شبيه ببرميل بارود. في الآن ذاته، تعد سوريا أخطر بلد في العالم، كما أن
الوضع في هذه البلاد أسوأ من الذي استقر في كوريا الشمالية. لهذا السبب، يبدو
العالم على حافة الحرب الأكثر أهمية من وجهة نظر جيوسياسية، التي ستتخطى حدود
التراب السوري".
وذكرت الصحيفة أن مرور الوقت دون إعلان ترامب
عن العملية الحاسمة في دمشق، يحيل على أن الرئيس الأمريكي يعد عملية تدخل كبرى في
هذه البلاد. وأكد براهامز أنه "كلما تأخر ترامب في الرد، كلما كانت قوة
الهجوم الجوي الأمريكي أكثر حدة".
وأضافت أن هجوما يستمر لعدة أيام ضد منشآت
ومصالح كل من الجيش السوري وإيران، يمكن أن يثير نزاعا دوليا. وأورد براهامز أن
"هذا الوضع سينتج حربا عالمية ثالثة"، تشارك فيها القوى العالمية
المتدخلة في الحرب السورية. وستدخل هذه الجهات في حرب، من شأنها أن تطلق عنان
معارك أخرى.
وأورد الخبير أنه "من المحتمل أن تهاجم
إيران الولايات المتحدة الأمريكية، ويقصف حزب الله إسرائيل؛ وهو وضع سيستفيد منه
تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة". ويصر على أن "هذه الحرب ستكون مختلفة عن
الحروب التقليدية التي شهدها القرن العشرين، لأنها ستتميز باستخدام صواريخ طويلة
المدى، والقتال عبر "الوكلاء"، واللجوء إلى الهجمات السيبرانية،
والطائرات من دون طيار".
وبينت الصحيفة أن إنذار البنتاغون يحظى بدعم
الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وأيضا رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي،
ويهدف أساسا إلى فرض عقوبات ضد
الأسد. وفي ظل هذه الأوضاع، أكدت العديد من
البيانات التي أدلت بها جهات محلية فرضية تدخل عسكري في سوريا.
وأضافت الصحيفة أن ترامب حدد يوم الاثنين
الماضي مهلة 24 أو 48 ساعة للإعلان عن قراره. لكن، من شأن عامل المفاجأة أن يلعب
دورا أساسيا في عملية معاقبة الأسد؛ نظرا لأنه إلى حد الآن، لا زال تاريخ ومدة
التدخل العسكري الأمريكي في سوريا لغزا مجهولا. في الآن ذاته، أظهرت واشنطن علامات
الاستعداد لعملية عسكرية واسعة النطاق.
وفي هذا السياق، ألغى ترامب جدول أعماله لهذا
الأسبوع، على غرار الرحلة المرتقبة إلى منطقة أمريكا اللاتينية. ومن جهته، ألغى
وزير الدفاع الأمريكي، جيم ماتيس، زيارته إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة
الأمريكية.
وبينت الصحيفة أن سباق التسلح قد بدأ، خاصة بعد
أن نشرت الولايات المتحددة الأمريكية حاملات طائراتها شرق البحر الأبيض المتوسط.
وفي الوقت الحالي، لا زالت نتائج الحملة العسكرية ضد الأسد غير واضحة. فهل ستكون
حملة غير مجدية أم ستسفر عن حرب عالمية ثالثة؟
وأوضحت أن تدخلا محدودا ورمزيا في سوريا لن
يخاطر بالتصعيد بين القوى الموجودة في البلاد. لكن، لن تؤدي مثل هذه الإجراءات إلى
ثني الأسد عن شن هجمات كيميائية في المستقبل. وعموما، أكدت الإجابة العسكرية على
الهجوم الكيميائي بقيادة الأسد في خان شيخون خلال نيسان/ أبريل الماضي، التي تمثلت
في شن هجوم على مطار الشعيرات العسكري، أن ردود فعل دولية من هذا النوع لن تضع حدا
للأسد.
ونقلت عن الباحث في مجموعة الأزمات الدولية،
سام هيلر، قوله إن "الهجوم على قاعدة الشعيرات العسكرية أدى إلى إيقاف
استعمال غاز السارين من قبل الأسد، على الأقل خلال فترة من الزمن. لكن، لم يمنع
هذا الرد النظام السوري من استخدام غاز الكلور". وأضاف المحلل أن "تدخلا
على نطاق أوسع سينتهي بنتائج غير مقصودة ولا يمكن السيطرة عليها".
وأشارت الصحيفة إلى أنه سيكون للتغييرات غير
المتوقعة في المتاهة السورية، في الوقت الذي بدت فيه التسوية السياسية أمرا وشيكا،
عواقب وخيمة على المدنيين بشكل خاص. وسيكون للتدخل الأمريكي في سوريا عواقب سياسية
تتجسد في عرقلة قرارات وقف إطلاق النار أو محادثات السلام.