قالت باحثة سياسية إسرائيلية بصحيفة
معاريف إن أحداث المسيرات الفلسطينية كانت من ضمن السيناريوهات التي تصدرت تقديرات الموقف الإسرائيلية، لكن دوائر صنع القرار بتل أبيب لم تتحضر لها جيدا.
وأضافت رويتال عميران في مقالها الذي ترجمته "
عربي21" أنه في حال واصل المتظاهرون الفلسطينيون التحشيد باتجاه خط الهدنة، فإن إسرائيل لن تقوى على البقاء في سياستها المتبعة بالحل العسكري مع الأحداث، بل إن النقاش الجماهيري داخلها سيتوجه نحو الحكومة، وقدرتها على إيجاد الحلول الخاصة بقطاع غزة.
وأشارت أنه في ضوء تجارب الماضي، فمن غير المتوقع أن يجري الجيش الإسرائيلي في داخله تحقيقات ميدانية حول سلوك جنوده تجاه المتظاهرين الفلسطينيين على حدود غزة قبل أيام، لأن كبار الضباط يقنعون أنفسهم أن ما يقومون به هو مصلحة إسرائيلية، ولأغراض عسكرية، ولضرورة مواجهة الضغوط الدولية.
ورغم كل ذلك، فإن الجيش الإسرائيلي ليس هو المسألة الحقيقية في هذا الصراع الناشب، لأنه غير مسؤول عن السياسة الرسمية الإسرائيلية المتبعة تجاه قطاع غزة، بما في ذلك إرساله للدخول بمواجهات مع الفلسطينيين المدنيين في القطاع، ما يتطلب أن يتوجه النقاش الداخلي في إسرائيل نحو المستوى السياسي والحكومة، ومدى الإمكانية التي لديها للبحث عن خيارات لمشاكل غزة المتفاقمة.
ونقلت الكاتبة عن أوساط عسكرية وأمنية نافذة قولها إن هناك العديد من التحذيرات المتلاحقة من كبار ضباط الأمن الإسرائيلي الذي نبهوا المستوى السياسي والحكومة والوزراء بأن غزة على شفا كارثة إنسانية، لكن الحكومة اختارت طوال السنين الماضية أن تغمض عينيها، والتخفي عن هذه الحقيقة الواضحة، والامتناع عن تقديم أي حل يزيل الحصار عن غزة، وفي الوقت ذاته يحافظ على مصالح إسرائيل الأمنية.
وأوضحت أن "مثل هذه السياسة الإسرائيلية المتجاهلة لظروف غزة الصعبة تخدم اليمين المتطرف، الذي يسعى بكل ما أوتي من قوة للمحافظة على الفصل القائم بين قطاع غزة والضفة الغربية، وتقليص فرص نجاح حل الدولتين للشعبين، وفي النهاية فإن هذه السياسة أدت بنا نحن الإسرائيليين للدخول في حروب ومواجهات عسكرية لا تتوقف أمام قطاع غزة، وما نواجهه بسببها من ضغوط دولية".
وأشارت أنه وفق كل التقديرات والتحليلات السياسية فإن هذه الهبة الشعبية الفلسطينية هي أحد أشكال احتجاج السكان على سوء أوضاعهم في غزة، والتي باتت مستحيلة وغير ممكنة، "ولو صدقنا الرواية الإسرائيلية القائلة بأن حماس تسيطر على هذه المسيرات، فإن ذلك لا يلغي الأبعاد الاجتماعية والمعيشية لها، ورغبة المتظاهرين بنيل حقوقهم السياسية".
وأكدت أن إسرائيل التي ما زالت تصر على الخيار العسكري في التعامل مع المسيرات الفلسطينية التي لم تنجح في قمعها، وسيكون أمامها خياران لا ثالث لهما: إما البحث عن حلول سياسية للأزمة في غزة، أو التورط من جديد في حرب رابعة، والمس بمواطنين مدنيين.
وختمت بالقول: "رغم أن الأفق السياسي لحل القضية الفلسطينية غير متوفر الآن، فإن ذلك قد يعتبر فرصة للتقدم بمشاريع اقتصادية وإنشائية وعمرانية لقطاع غزة، من خلال إشراف عدد من الدول الصديقة لإسرائيل عليها، مثل مصر والسعودية الولايات المتحدة والدول الأوروبية".
ورغم أن هذه الخطوة بحاجة لقيادة وجرأة، لكن في ظل انشغال رئيس الحكومة الإسرائيلية بقضاياه الداخلية وتحقيقاته الشرطية، فإن ما يهمه بالأساس هو البحث عن البقاء في موقعه، ما قد يفسح المجال أمام المعارضة الإسرائيلية، بغطاء من المستوى العسكري، إلى أن تشكل بديلا واقعيا للتعامل مع غزة ومشاكلها.