حملت نسبة نجاح رئيس الانقلاب
المصري عبدالفتاح
السيسي، بأكثر من 97% في الانتخابات الرئاسية، وأمنت له فترة رئاسية ثانية، العديد من التساؤلات حول إصرار النظام على الفوز بتلك النسبة التي انتشرت بين حكام الانقلابات العسكرية في بلدان العالم الثالث في النصف الثاني من القرن العشرين، ولم يعد لها وجود الآن حتى في العديد من دول جنوب أفريقيا.
ووفق بعض السياسيين والمحللين الذين تحدثوا لـ"
عربي21"، فإن نسبة الـ97% تؤمن له تفويضا جديدا لاتخاذ كل الإجراءات الاقتصادية والسياسية الصعبة المقبلة من ناحية، وأن نسبة تأييده بين المصريين زادت نتيجة زيادة شعبيته من ناحية أخرى، كما أنها تتفق مع طبيعة الحاكم العسكري الشمولي الذي لا يرى له أي منافس غير نفسه.
وأعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر فوز عبد الفتاح السيسي بولاية ثانية، بعد حصوله على 21 مليونا و835 ألفا و387 صوتا، بنسبة 97.08% من الأصوات الصحيحة.
وكان السيسي (63 عاما) انتخب لولاية أولى في العام 2014 بأغلبية 96,9% من أصوات المقترعين، بعد انقلاب عسكري نفذه على أول رئيس مدني منتخب في مصر، محمد مرسي، عام 2013، وكان في منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة وقتها.
لا منافس له
يقول رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشورى السابق، رضا فهمي، لـ"
عربي21": إن "السيسي لديه عقدة نفسية من نسبة الحضور في انتخابات 2012، وأبدى حرصا شديدا على ألا تقل عنها في انتخابات 2014 و2018، وتعمد إسقاط منافسيه فيهما في فخ المرتبة الثالثة خلف الأصوات الباطلة، ليؤكد للعالم أنه وحده القادر على الفوز، ولا منافس له".
وفيما يتعلق بنسبة 97%، قال إن "السيسي يحاول أن يصور للرأي العام المحلي أن نسبة نجاحه زادت إلى أكثر من 97%؛ لأن شعبيته في حالة صعود؛ نتيجة إنجازاته وإعجازاته، فليس من الطبيعي أن تبقى كما كانت في 2014 أو تهبط".
وأضاف: "حتى في أفريقيا، التي شهدت في 2016 نحو 9 انتخابات، فاز بعض الرؤساء فيها بنحو 60% فقط، ويبدو أن تلك الدول بدأت تفهم أن هذه هي النسب المقبولة دوليا، التي لا تتجاوز في الغرب الخمسين في أحسن الأحوال، ولكن في مصر أم الدنيا الوضع باق على حاله".
تفويض آخر
المحلل السياسي، محمد السيد، رأى أن هذه النسبة "أعادت إلى الأذهان ما كانت عليه مصر إبان حكم عبد الناصر، فالنتائج كانت لا تقل عن 99%، ولكن مع فارق الزمن، فما كان في الخمسينيات والستينيات شيء، وما يحدث في القرن الحادي والعشرين شيء آخر".
وأعرب عن اعتقاده بأن هذه النسبة تؤمن للسيسي تفويضا واسعا لتمرير كل قراراته التي سوف يتخذها في فترة حكمه الثانية، قائلا: "السيسي يعتبر فوزه بهذه النسبة نوعا من التفويض الواسع، وسيعطيه صلاحيات كبيرة، وإرادة قوية في قمع الشعب المصري".
وأكد أن نتائج الانتخابات لا يمكن الوثوق فيها، "بكل تأكيد حدث تزوير واسع النطاق لتضخيم أعداد الناخبين لتكون متقاربة مع النسبة التي شاركت في انتخابات عام 2012، والتي أسفرت عن فوز الرئيس محمد مرسي، وشهدت إقبالا كبيرا من الناخبين، ليقول للجميع إنه مرشح الشعب، والعبرة بالنتائج، وهذا ما يتنافى مع الواقع الذي شهده الجميع".
واختتم حديثه بالقول: "ستظل انتخابات عام 2012 هي الانتخابات النزيهة التي حدثت في مصر، ونتائجها أكثر واقعية، وباعتراف المراقبين الدوليين، ولكن السيسي ونظامه ما زالوا يعيشون في عصر الأرقام الفلكية، التي لا تتحقق في أي بقعة في العالم إلا في الدول الدكتاتورية".
شخصية الفرعون
وعزا النائب البرلماني السابق، نزار محمود غراب، حرص نظام السيسي على النجاح بتلك النسبة إلى "طبيعة شخصية السيسي التي تشبه شخصية الفرعون ونفسيته"، مشيرا إلى أن "كل ما يتعلق بانتخابات في مصر هو مجرد شعارات وأكاذيب".
واستهجن موقف الغرب من تلك النتائج، التي جاءت في مجملها مرحبة بالرغم من علمهم بأنها مسرحية هزلية، قائلا: "مصالح الدول الكبرى الاقتصادية من الدكتاتورية تتحقق بنجاح، ولكن مطلوب تسويق ذلك لشعوب العالم تحت شعارات ترويجية جذابة مثل السلام والديمقراطية وحقوق الإنسان والانتخابات، بينما الممارسات الحقيقية هي الحروب، وتجارة السلاح والقتل والتعذيب والدكتاتورية، وما حرب العراق منا ببعيد".