بعد أكثر من عامين على دخول اتفاقية إقامة منطقة تجارة حرة بين الأردن وتركيا، قرر مجلس الوزراء الأردني، بشكل مفاجئ، تجميد العمل بالاتفاقية.
وبررت وزارة الصناعة والتجارة الأردنية القرار، بسعي الحكومة الأردنية لحماية الصناعة المحلية، ومساندة القطاع الصناعي الأردني في مواجهة التحديات التي تواجهه جراء إغلاق المنافذ الحدودية مع الدول المجاورة، وانحسار الأسواق التصديرية التقليدية أمام الصادرات المحلية.
وأثار قرار الأردن بتجميد اتفاقية إقامة منطقة تجارة حرة مع تركيا غضبا واسعا في صفوف التجار والمستوردين، باعتباره سيؤدي إلى زيادة الرسوم الجمركية ورفع تكلفة الاستيراد، في حين رحب المصنعون بذلك القرار كونه يحمي من وجهة نظرهم الصناعة المحلية من المنافسة غير المتكافئة.
وأضرب تجار الذهب في الأردن، الاثنين الماضي، عن العمل، احتجاجا على قرار الحكومة الأردنية ووقف العمل بالاتفاقية وفرض ضريبة جديدة على "دمغة الذهب".
اقرأ أيضا: تجار الذهب في الأردن يضربون عن العمل.. ما علاقة تركيا؟
ودخلت اتفاقية إقامة منطقة تجارة حرة بين الأردن والجمهورية التركية حيز التنفيذ ابتداء عام 2015، وبموجبها يتم منح المنتجات الزراعية والصناعية معاملة تفضيلية وتعفى جميع السلع التي تم الاتفاق عليها من الرسوم الجمركية والرسوم ذات الأثر المماثل.
ووفقا للاتفاقية، تخفض الرسوم الجمركية والرسوم ذات الأثر المماثل المطبقة في الأردن على الواردات ذات المنشأ التركي من الملحق بواقع بين 55 % و65 %.
وعلق وزير التخطيط الأردني سابقا، طاهر كنعان على قرار تجميد الاتفاقية الأردنية التركية قائلا: "إذا كان هناك صناعات أردنية بالفعل تحتاج إلى حماية فيجب تطبيق الحماية على جميع اتفاقيات التجارة الحرة، بما فيها اتفاقية التجارة العربية الحرة، وليس فقط ضد تركيا".
وطالب كنعان في تصريحات لـ "عربي21" بضرورة دراسة كل أوضاع اتفاقيات التجارة الحرة من زاوية حماية الصناعة الأردنية حماية محقة تستند إلى أسباب اقتصادية وليست سياسية، واستبعاد فقط الصناعات التي تحتاج لحماية وتتعرض لمنافسة غير متكافئة.
وتابع: "من حيث المبدأ أنا مع تحرير التجارة ولكن بدون ظلم البلد المتخلف صناعيا، مضيفا: "بلد نام بحجم الأردن تسرع في توقيع اتفاقيات تجارة حرة مع دول كبرى، وإن لم تعالج مصادر غياب التكافؤ تصبح اتفاقيات التجارة الحرة كلها ظالمة وجائرة للبلد الأضعف اقتصاديا وصناعيا".
وأكد أن "المشكلة في الأردن ليست بالضرورة أن تكون من قبل الاتفاقية التركية، فاتفاقية التجارة الحرة العربية باتت غير متكافئة خاصة فيما يتعلق بالبضائع السعودية المدعومة بالنفط الرخيص"، لافتا إلى أن الصناعة في بلد نامي تحتاج إلى حماية وأفضل أنواع الحماية هي الدخول في اتحاد جمركي مع دول متشابهة في النمو الاقتصادي.
اقرأ أيضا: إلغاء الأردن لاتفاقية التجارة الحرة مع تركيا.. السر في التوقيت
وأوضح الخبير الاقتصادي مازن مرجي، أن مفهوم حماية الصناعة المحلية يجب أن يقتصر فقط على الصناعات المهددة بالتراجع أو التأثر الكبير من المنافسة غير المتكافئة مع الصناعات الأجنبية، مشيرا إلى وجود اتفاقيات تجارة حره وقعتها الأردن مع دول عديدة وليس مع تركيا فقط.
وقال مرجي في تصريحات لـ "عربي21" إن المعادلة التجارية والصناعية في الأردن تعاني من خلل أساسي، ليس مرتبطا فقط بتركيا وإنما بالفشل في استغلال الاتفاقيات التجارية والاستثمارية التي يعقدها الأردن، لافتا إلى أن اتفاقية التجارة الحرة التركية الأردنية تم توقيعها في الأساس كجزء من منظومة تحرير الأسواق لاستفادة الأردن من السوق التركي والبضائع التركية.
وأكد الخبير الاقتصادي أن هناك تقصير من قبل الحكومة الأردنية من خلال عدم استغلالها الاتفاقيات التجارية، إلى جانب فشل أصحاب الصناعات المحلية والمصدرين في دخول الأسواق العالمية ببضائع تنافسية جيدة سواء من حيث الجودة أو السعر، إلى جانب اهتمام التجار بتسويق البضائع الأجنبية على حساب البضائع المحلية.
وأضاف: "قرار إلغاء أو تجميد الاتفاقية التركية الأردنية لم يأتي من عبث، فتلك الاتفاقية متعلقة بالمنطقة الحرة التجارية التركية وجدت في العقبة، والعقبة جزء من مشروع "نيوم" الذي أطلقه ولى العهد السعودي محمد بن سلمان، وهو ما يعني أن القرار مرتبط بالصراع السياسي السعودي الذي يستهدف إبعاد الأردن عن أي علاقات اقتصادية أو سياسية قد تساعد الأردن على الصمود في وجه مخططات بن سلمان السياسية والاقتصادية".
اقرأ أيضا: مسؤول لـ"عربي21": هذا سر تراجع مساعدات الخليج للأردن
وأردف: "القرار يأتي أيضا في إطار محاولة إخراج تركيا كمنافس للسعودية في سيادة العالم الإسلامي ليس فقط تجاريا واقتصاديا وإنما سياسيا ودينيا".
وحول تأثير تجميد الاتفاقية مع تركيا على القطاع التجاري في الأردن خاصة بعد زيادة الرسوم الجمركية على البضائع التركية، قال مرجي: " القطاعين التجاري والصناعي في الأردن سيتأثران ليس فقط بتجميد الاتفاقية بتجميد الاتفاقية وإنما بحجم تراجع الطلب من قبل المستهلكين الأردنيين".
وأشار إلى أن زيادة الرسوم الجمركية وزيادة الضرائب على السلع والخدمات سيؤدي إلى رفع الأسعار وإضعاف القدرة الشرائية للمواطنين مع تراجع الطلب الكلي على السلع والخدمات بغض النظر عن كونها محلية أو مستوردة، مضيفا: "سياسات الحكومة الأردنية الحالية هي امتداد لسياسات الحكومة السابقة تعتمد فقط على الجباية وتهدف إلى زيادة واردات الخزينة من خلال فرض الضرائب، والمواطن الأردني هو من سيتحمل الفاتورة الأكبر لتلك السياسات الاقتصادية".
تجار الذهب في الأردن يضربون عن العمل.. ما علاقة تركيا؟
مسؤول لـ"عربي21": هذا سر تراجع مساعدات الخليج للأردن
مصر تستأنف ضخ الغاز الطبيعي للأردن بداية 2019